منذ مطلع 2025، تحرّك رصيد الدين الخارجي لمصر صعودًا بوتيرة تقارب مليار دولار شهريًا وفق ما تعكسه بيانات البنك المركزي المصري وتقارير الصحافة الاقتصادية المعتمدة على نشراته. يعرض هذا التقرير خطًّا زمنيًا بالأرقام منذ بداية العام، مع تفكيك مكوّنات الدين (حكومي/مصرفي/البنك المركزي) وتقدير عبء الخدمة الشهري استنادًا إلى أرقام رسمية ومنصّات إحصائية موثوقة.
 

الخط الزمني منذ بداية 2025
نقطة الانطلاق (مرجعية ديسمبر 2024): سجّل الدين الخارجي نحو 155.1 مليار دولار في نهاية 2024، وهو خط الأساس الذي تُقاس عليه زيادة 2025.
الربع الأول 2025 (مارس): ارتفع الرصيد إلى 156.69 مليار دولار (+1.6 مليار تقريبًا مقارنة بنهاية 2024). هذا الرقم يلتقي مع سلاسل الوقت المنشورة ويعكس أول موجة صعود في العام.
الربع الثاني 2025 (يونيو): قفز الدين إلى 161.2 مليار دولار، أي +4.5 مليار مقارنة بمارس، ونحو +6 مليارات منذ بداية 2025، وهو ما يدعم فكرة وتيرة تقارب مليار دولار شهريًا خلال النصف الأول من العام.
كما تُظهر التفاصيل أن ديون الحكومة بلغت 81.99 مليار، والتزامات البنك المركزي 37.34 مليار، والتزامات القطاع المصرفي 22.24 مليار في يونيو 2025.
خلاصة النصف الأول 2025: من ~155.1 إلى 161.2 مليار دولار = +6.1 مليار خلال 6 أشهر ≈ +1.0 مليار/شهر (كمتوسط بسيط).
 

مكوّنات الدين: من يقترض؟

  • الحكومة العامة: ~82.0 مليار في يونيو 2025 (ثابت تقريبًا مقابل مارس)، ما يوحي بأن الزيادة الأكبر بالنصف الأول جاءت من بنود خارج الحكومة المباشرة.
  • البنك المركزي: صعدت التزاماتُه إلى 37.34 مليار (من 34.03 مليار في مارس)، بزيادة 3.31 مليار خلال ربع واحد—مكوّن رئيس في قفزة يونيو.
  • القطاع المصرفي: ارتفع إلى 22.24 مليار (من 20.89 مليار في مارس)، أي +1.35 مليار خلال الربع الثاني.

هذه التركيبة تعني أن القطاعين النقدي والمصرفي حملا الجزء الأكبر من زيادة النصف الأول، فيما ظل دين الحكومة شبه أفقي في تلك الفترة.
 

خدمة الدين في 2025: العبء الشهري
قدّر البنك المركزي (بحسب تغطيات اقتصادية رسمية) خدمة الدين الخارجي لعام 2025 بنحو 22.46 مليار دولار (أصل + فوائد). بقسمة هذا الإجمالي على 12 شهرًا، يصبح العبء الشهري النظري نحو 1.87 مليار دولار/شهر تدفقات خارجة للخدمة، وهو رقم يوضح الضغط النقدي المتكرر شهريًا بغضّ النظر عن صافي الزيادة في الرصيد.

ملاحظة منهجية: تصدر أرصدة الدين عادةً على أساس ربع سنوي في نشرات البنك المركزي (ضمن Monthly Statistical Bulletin قسم القطاع الخارجي)، بينما تتوفر جداول خدمة الدين بتواتر أدق عبر قواعد بيانات متخصصة؛ لذا يُستخدم المتوسط الشهري كدلالة على العبء المتكرر، لا كتغيرٍ في الرصيد نفسه.
 

مؤشرات إضافية لفهم الصورة
مع بلوغ يونيو 2025: 161.2 مليار دولار، تكون الزيادة منذ بداية العام نحو 6 مليارات؛ ومع استمرار نفس الوتيرة حتى سبتمبر—افتراضًا—يمكن أن يقترب التغيّر التراكمي من 9 مليارات خلال 9 أشهر (تقدير تقريبي مشروط باستمرار الاتجاه نفسه). الرقم الفعلي ينتظر نشر النشرات اللاحقة.

على صعيد الاستدامة، حذّر تقييم مؤسسات دولية من مخاطر ارتفاع الدين الخارجي على أفق 2029/2030، في ظل نموذج نمو تقوده الدولة ومحدودية الاستثمار الخاص. هذه الخلفية تجعل وتيرة “المليار/شهر تقريبًا” ذات تبعات هيكلية على الحساسية لسعر الصرف وأسعار الفائدة.
 

ماذا تعني وتيرة “مليار/شهر”؟

  • سيولة بالنقد الأجنبي: تحتاج الدولة لتدبير ما يناهز 1.9 مليار دولار شهريًا لخدمة الدين في 2025، بالتزامن مع زيادة صافي الرصيد بنحو 1 مليار شهريًا في النصف الأول—ما يضاعف الضغط على الاحتياطيات والميزان الخارجي.
  • تركيبة الزيادة مهمة: ارتفاع التزامات البنك المركزي والقطاع المصرفي بالنصف الأول قد يعكس عمليات تمويل قصيرة/متوسطة الأجل أو تسويات التزامات خارجية—وهذا يرفع مخاطر إعادة التمويل.
  • هشاشة أمام الصدمات: أي تراجع في التدفقات الدولارية (قناة السويس/السياحة/الاستثمار/التحويلات) سيجعل الحفاظ على الخدمة والرصيد تحديًا أكبر. (انكماش إيرادات القناة في 2025 كان أحد تلك الصدمات).
     

الخلاصة أنه من يناير إلى يونيو 2025، تحرّك الدين الخارجي من ~155.1 إلى 161.2 مليار دولار (+6.1 مليارات)، بمتوسط زيادة يقارب مليار دولار شهريًا. وبالتوازي، تتطلّب خدمة الدين في 2025 نحو 1.87 مليار دولار شهريًا—ما يرسّخ ضغطًا مزدوجًا على الرصيد والتدفقات النقدية. حتى صدور بيانات النصف الثاني كاملة من البنك المركزي، تبقى الصورة الأساسية واضحة: اتجاه صعودي في الرصيد، وعبء شهري ثقيل في الخدمة، وكلاهما يستدعي سياسات تمويل أكثر توازناً ومخاطر أقل على الاحتياطيات.