كشفت صحيفة جيروزاليم بوست عن تفاصيل صفقة جديدة بين إسرائيل وقطاع غزة تتعلق بتوريد الغاز الطبيعي للقطاع بقيمة تصل إلى 2 مليار شيكل (حوالي 600 مليون دولار أمريكي).

بينما تعتبر هذه الصفقة خطوة لتوفير الطاقة لغزة التي تعاني من نقص حاد في الكهرباء، فإنها في الوقت نفسه تُعد جزءًا من استراتيجية إسرائيلية تستفيد فيها بشكل كبير من الأموال الناتجة عن بيع الغاز، مما يعزز من هيمنتها الاقتصادية على المنطقة.

في هذا السياق، يبدو أن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من الصفقة، في الوقت الذي يتحمل فيه الطرف الفلسطيني جزءًا من التكلفة مع تقليص المساحات الاقتصادية المتاحة له.

 

تفاصيل الصفقة

الصفقة، التي تم الاتفاق عليها مؤخرًا، تتضمن تزويد قطاع غزة بالغاز الطبيعي عبر خط أنابيب مخصص لهذه الغاية. تعتبر هذه الخطوة جزءًا من خطة لتطوير البنية التحتية للطاقة في غزة، التي تعاني من أزمة طاقة مزمنة. تتيح هذه الاتفاقية لشركات الطاقة الإسرائيلية تصدير الغاز إلى غزة بشكل منتظم، ما سيسهم في تلبية احتياجات القطاع من الطاقة وتوفير كهرباء مستقرة للأهالي في القطاع.

 

الأطراف المعنية

على الرغم من أن الطرف الفلسطيني، ممثلًا في حكومة غزة أو الشركات الفلسطينية المختصة، سيكون هو المشتري في هذه الصفقة، فإن إسرائيل تظل هي المزود الحصري للغاز. ومع تزايد الحاجة إلى الطاقة في غزة، تتجه الأنظار إلى هذا التعاون بين الطرفين، الذي رغم فائدته للطرف الفلسطيني، إلا أنه يضع غزة تحت هيمنة اقتصادية إسرائيلية غير مباشرة.
آلية تنفيذ الصفقة:

سيتم نقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى غزة عبر خط أنابيب مخصص، حيث تعمل الشركات الإسرائيلية على إدارة العمليات المتعلقة بتوريد الغاز وتأمين شبكات التوزيع.

في حين أن هذا الترتيب يساعد في حل أزمة الكهرباء في غزة، يظل المصدر الوحيد للطاقة في يد إسرائيل، التي تسيطر على الأنبوب الذي سينقل الغاز، وهو ما يعني أنه يمكن لإسرائيل زيادة أسعار الغاز أو تقليص كمياته في المستقبل حسب مصالحها الاستراتيجية.

 

التكلفة والتمويل

على الرغم من أن نيويورك تايمز قد أفادت بأن الصفقة تبلغ قيمتها 2 مليار شيكل، فإن الطرف الفلسطيني سيُتحمل مسؤولية سداد جزء كبير من هذه التكلفة عبر عقود واتفاقات مالية مع الشركات الإسرائيلية.

بينما سيتطلب الأمر أيضًا دعمًا دوليًا للمساهمة في تمويل الصفقة، خاصة من قبل المانحين الدوليين الذين قد يقدمون مساعدات لتحسين قطاع الطاقة في غزة.

لكن بشكل عام، ستظل إسرائيل المستفيد الأكبر من هذه الصفقة، حيث ستجني معظم الأموال الناتجة عن بيع الغاز، في حين لا يُتوقع أن يكون للطرف الفلسطيني أي دور مباشر في توفير أو دعم جزء من التكلفة.

 

التأثيرات السياسية والاقتصادية

لا شك أن هذه الصفقة تعزز هيمنة إسرائيل الاقتصادية على قطاع غزة، إذ تقيد قدرة الفلسطينيين على التنوع في مصادر الطاقة.

بالنظر إلى أن الغاز الفلسطيني لا يزال محدودًا وغير قابل للاستخدام بشكل كبير، فإن الاعتماد على الغاز الإسرائيلي يعزز من النفوذ الإسرائيلي على الاقتصاد الفلسطيني.

من جهة أخرى، تعتبر هذه الصفقة بمثابة خطوة استراتيجية لزيادة الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة، حيث توفر لها مصادر دخل كبيرة من بيع الغاز، وفي الوقت ذاته تمسك بزمام التحكم في أحد أهم القطاعات الحيوية في قطاع غزة.

 

المصالح الإسرائيلية في الصفقة

تستفيد إسرائيل من الصفقة في عدة جوانب:

  • أولاً، تحصل على إيرادات ضخمة من بيع الغاز الطبيعي، مما يعزز اقتصادها المحلي.
  • ثانيًا، من خلال هذه الصفقة، تستمر إسرائيل في فرض سيطرتها الاقتصادية على المناطق الفلسطينية، حيث تظل الغاز المورد الأساسي للطاقة في غزة.
  • ثالثًا، تُعتبر هذه الصفقة جزءًا من السياسة الإسرائيلية في تعزيز وجودها الاقتصادي في المنطقة عبر مشاريع كبيرة تستفيد منها إسرائيل بينما تعزز التبعية الفلسطينية لمواردها.

 

التوقعات المستقبلية

من المتوقع أن يكون لهذه الصفقة تأثير طويل المدى على الأمن الاقتصادي والسياسي في غزة. في حين ستستفيد غزة من الكهرباء المستقرة بشكل أكبر، فإنها ستظل تحت رحمة القرارات الإسرائيلية، التي قد تؤثر في أي وقت على حجم الإمدادات أو أسعار الغاز. كما أن الاعتماد على الغاز الإسرائيلي قد يعزز من قدرة إسرائيل على فرض شروط سياسية واقتصادية على الفلسطينيين في المستقبل.

 

ردود الفعل الدولية

من المتوقع أن تتفاوت ردود الفعل الدولية تجاه هذه الصفقة. بينما قد تُعتبر خطوة إيجابية من الناحية الإنسانية في مجال توفير الكهرباء لغزة، إلا أن هناك مخاوف من أن هذه الاتفاقية تعزز من الهيمنة الاقتصادية والسياسية لإسرائيل على الأراضي الفلسطينية. وسيُنظر إلى هذه الصفقة كجزء من سلسلة من الإجراءات التي تسعى لتقليص قدرة الفلسطينيين على الحصول على الموارد الحيوية بشكل مستقل.

وفي النهاية وبينما تعد صفقة الغاز بين إسرائيل وقطاع غزة خطوة هامة نحو توفير الطاقة للمواطنين الفلسطينيين في غزة، فإنها تضع قطاع غزة في موقف اقتصادي يعتمد بشكل كامل على الغاز الإسرائيلي. وبينما تجني إسرائيل مليارات الشواكل من هذه الصفقة، يظل الطرف الفلسطيني في موقف ضعيف اقتصاديًا، حيث لا يزال مهددًا بالتبعية للطرف الإسرائيلي. هذه الصفقة تؤكد مرة أخرى أن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من هذا التعاون الاقتصادي، بينما يظل الفلسطينيون أسرى للسيطرة الإسرائيلية على أهم موارد الطاقة في المنطقة.