أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة عن وصول 57 شهيدًا و158 جريحًا إلى مستشفيات القطاع خلال الـ 24 ساعة الماضية، وذلك على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار المعلن عنه سابقًا. هذا التطور المأساوي يسلط الضوء على هشاشة الهدنة واستمرار المعاناة الإنسانية في القطاع المحاصر.

 

خروقات متواصلة لاتفاق الهدنة

 

تكشف تفاصيل التقرير اليومي لوزارة الصحة أن من بين الشهداء الـ 57، هناك 45 شخصًا استشهدوا نتيجة استهداف مباشر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، بينما تم انتشال جثامين 12 شهيدًا آخرين من تحت الأنقاض أو من الطرقات، وهو ما يشير إلى استمرار صعوبة وصول فرق الإسعاف والدفاع المدني إلى العديد من الضحايا.

 

وتأتي هذه الحصيلة في سياق سلسلة من الانتهاكات التي يتم تسجيلها يوميًا. ففي صباح يوم الاثنين 20 أكتوبر، أفاد الدفاع المدني باستشهاد شخصين برصاص مباشر من قوات الاحتلال في منطقة الشعف شرق مدينة غزة. وفي وسط القطاع، أعلن مستشفى العودة عن استقباله 24 شهيدًا و74 مصابًا خلال يوم واحد جراء قصف استهدف مخيمات المنطقة، واصفًا ما حدث بأنه خرق واضح للهدنة، ومؤكدًا أن جميع الضحايا من المدنيين.

 

وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قد وثّق ارتكاب الاحتلال 80 خرقًا للهدنة منذ إعلانها، مما أسفر عن استشهاد 97 فلسطينيًا وإصابة 230 آخرين، من بينهم 44 شهيدًا سقطوا في يوم واحد فقط نتيجة 21 خرقًا.

 

حصيلة تراكمية كارثية

 

ترفع هذه الأرقام الجديدة الحصيلة الإجمالية للضحايا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023 إلى 68,216 شهيدًا و170,361 مصابًا. وتؤكد وزارة الصحة باستمرار أن هذه الأرقام لا تشمل آلاف المفقودين الذين ما زالوا تحت ركام المباني المدمرة، حيث تعجز الطواقم المختصة عن الوصول إليهم بسبب خطورة الأوضاع واستمرار الاستهداف.

 

انهيار المنظومة الصحية

 

تتزامن هذه الخسائر البشرية الفادحة مع انهيار شبه كامل للقطاع الصحي في غزة. حذرت منظمة الصحة العالمية من أن انتشار الأوبئة أصبح "خارجًا عن السيطرة"، حيث تنتشر أمراض مثل التهاب السحايا ومتلازمة غيلان باريه والأمراض التنفسية بشكل وبائي.


 

 

لم يعد يعمل في القطاع بأكمله سوى 13 مستشفى من أصل 36، وجميعها تعمل بشكل جزئي وبإمكانيات محدودة للغاية. وتعرضت المنشآت الصحية لأكثر من 800 هجوم منذ بدء الحرب، مما أدى إلى تفكيك النظام الصحي بشكل شبه كامل.

 

وتتفاقم الكارثة مع تسجيل وفيات جديدة يوميًا بسبب المجاعة وسوء التغذية، حيث يعاني مئات الآلاف من الأطفال من الجوع الشديد. وتطلق وزارة الصحة نداءات استغاثة متكررة للمجتمع الدولي بضرورة التدخل العاجل لتعزيز ما تبقى من المستشفيات وإدخال الإمدادات الطبية والوقود والغذاء لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

 

إن استمرار سقوط الشهداء والجرحى بهذه الأعداد الكبيرة يوميًا، رغم وجود اتفاق لوقف إطلاق النار، لا يكشف فقط عن عدم التزام قوات الاحتلال بالاتفاقيات، بل يعمق أيضًا الأزمة الإنسانية ويدفع بالقطاع الصحي المنهار إلى حافة الهاوية، مما ينذر بعواقب وخيمة على حياة أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين في غزة.