كشفت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان عن وقائع خطيرة شهدها سجن المنيا شديد الحراسة فجر السبت 4 أكتوبر، حيث تحولت لحظة أداء صلاة الفجر داخل الزنازين إلى ما يشبه "مذبحة نفسية" خلفت وراءها جروحاً جسدية ونفسية عميقة بين المعتقلين، في مشهد يختزل حجم الانتهاكات الصارخة التي يتعرض لها المعتقلون السياسيون.

 

اقتحام وترهيب أثناء الصلاة

وفقاً لشهادات وثّقتها الشبكة، اقتحم الضابط أحمد الكاشف وعدد كبير من قوات الأمن، يرافقهم سجناء جنائيون مسلحون بالعصي والشوم، الغرفة رقم 23 في عنبر (1) أثناء أداء المعتقلين السياسيين لصلاة الفجر.

انتشر العناصر داخل الزنزانة، وأُحيط كل معتقل سياسي بعدة جنائيين ومخبرين، في مشهد يشي بالتحضير لعملية قمع ممنهجة.

وبعد انتهاء الصلاة، تعالت أوامر الضابط: "قوم من سكات… حاجتك هنرميهالك في العربية"، قبل أن يردد بصوت عالٍ عبارة صادمة: "إحنا مش جايين نرحلكوا… إحنا جايين نموتكوا".

 

انهيار نفسي ومحاولات انتحار جماعية

هذا التهديد المباشر بالقتل أثار حالة من الفزع واليأس، دفعت عدداً من المعتقلين إلى محاولات انتحار جماعية في مشهد مأساوي غير مسبوق داخل السجون.

أقدم كل من صهيب عماد، كريم عطية، أسامة الجزار، مصطفى رجب على قطع شرايين أيديهم بالكامل.

المعتقل أحمد الضبع ابتلع نحو 30 قرصاً من الأدوية قبل أن يُمنع بالقوة، ليعود ويقطع شرايينه هو الآخر.

بينما ابتلع آخرون مثل إبراهيم قطب، محمود كمال، وليد عصمت، وخالد مرسي كميات متفاوتة من العقاقير الطبية في محاولة لإنهاء حياتهم.

 

نزيف بلا علاج وترحيل قسري

وبحسب الشهادات، تُرك المعتقلون ينزفون داخل الزنزانة دون أي تدخل طبي عاجل، قبل أن تُجبرهم قوات الأمن على الخروج بالقوة إلى سيارات الترحيلات، وأيديهم مضرجة بالدماء، في حالة إعياء شديد.

حتى داخل مستشفى السجن، رفض المعتقلون تلقي العلاج أو خياطة جروحهم احتجاجاً على ما وصفوه بأنه "إعدام ببطء"، لكن إدارة السجن أجبرتهم على تلقي الإسعافات تحت الإكراه.

وزادت الأمور توتراً حين طلب الضابط أحمد الكاشف تصوير الجروح لتوثيقها، الأمر الذي قوبل برفض قاطع من المعتقلين خشية استغلال الصور ضدهم، ليُهددهم قائلاً: "هو إنتوا شفتوا حاجة؟ هنموتكوا في الوادي".

 

إضراب عن الطعام ورسالة استغاثة

لاحقاً، تم نقل المعتقلين إلى سجن الوادي الجديد بالقوة، وأيديهم ملفوفة بالشاش واللاصق الطبي. هناك، أعلنوا دخولهم في إضراب مفتوح عن الطعام بحضور ضباط الداخلية ومخبري أمن الدولة، من بينهم أحمد أبو النجا وباسم "مخبر الليمان"، احتجاجاً على ما تعرضوا له من تهديدات وتعذيب نفسي وجسدي.

 

مسؤولية الدولة وانتهاك الدستور

حمّلت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان النائب العام المستشار محمد شوقي ووزير الداخلية محمود توفيق المسؤولية القانونية الكاملة عن سلامة وحياة المعتقلين، مؤكدة أن ما جرى يشكل انتهاكاً صارخاً للدستور والقوانين المحلية والمواثيق الدولية، وخاصة المادة 55 من الدستور التي تنص على احترام كرامة المحتجزين وضمان سلامتهم، إلى جانب المواد (2، 12، 13) من اتفاقية مناهضة التعذيب.

 

معاناة الأسر ومطالب عاجلة

إلى جانب ما يواجهه المعتقلون، تعاني أسرهم من المشقة الإنسانية والاقتصادية خلال الزيارات، إذ يضطرون للسفر لمسافات طويلة وتحمل تكاليف باهظة لزيارة ذويهم في سجن الوادي الجديد، ما يشكل عبئاً إضافياً فوق معاناتهم.

وطالبت الشبكة بضرورة إعادة المعتقلين إلى سجون قريبة من محل إقامتهم، وفتح تحقيق عاجل وشفاف في الأحداث الأخيرة، ومحاسبة كل من يثبت تورطه، مع ضمان عدم تكرار هذه الممارسات التي وصفتها بـ "الجرائم المنظمة ضد الإنسانية".