تستعد فرقة الروك الألمانية الشهيرة "سكوربيونز" لإحياء حفل موسيقي ضخم في العاصمة الإدارية الجديدة بالقاهرة، يوم 15 أكتوبر 2025، ضمن جولتها العالمية الاحتفالية Coming Home – 60 Years of Scorpions، والتي تشمل محطات عديدة منها أبوظبي ولاس فيغاس وموناكو.

الحدث، الذي قد يبدو في ظاهره احتفاءً فنياً بفرقة تجاوزت الستين عاماً من النشاط، تحول سريعاً إلى ساحة سجال مفتوحة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن أعاد نشطاء وحقوقيون تسليط الضوء على تاريخ الفرقة في التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وارتباطها برموز ومواقف وفعاليات أثارت انتقادات واسعة في الأوساط العربية المؤيدة للقضية الفلسطينية.

 

خلفيات مثيرة للجدل
الفرقة، التي تشكلت عام 1965 على يد رودولف شينكر، تحظى بجماهيرية عالمية، واشتهرت بأغنيات أيقونية مثل "Wind of Change" و"Still Loving You".

لكنها في الوقت نفسه، واجهت انتقادات حادة خلال السنوات الماضية بسبب مشاركتها المتكررة في حفلات أُقيمت في تل أبيب، وظهورها العلني إلى جانب رموز الاحتلال، وصولاً إلى تصريحات بعض أعضائها الذين أعربوا عن "تعاطفهم" مع ما وصفوه بـ"ضحايا إسرائيل"، دون أي إشارة إلى المجازر والانتهاكات التي ترتكبها تل أبيب بحق الشعب الفلسطيني، خصوصاً في غزة.

وفي الوقت الذي تواصل فيه آلة الحرب الإسرائيلية عدوانها على قطاع غزة، مخلفة أكثر من 50 ألف شهيد من المدنيين، غالبيتهم من النساء والأطفال، بدا صمت الفرقة الألمانية عن تلك الجرائم سبباً إضافياً لإثارة غضب المتابعين في مصر والمنطقة العربية، ممن اعتبروا الحفل محاولة لتبييض وجه التطبيع عبر بوابة الفن والموسيقى.

 

نقابة الموسيقيين: "الفرقة أجنبية وليست عربية"
من جهته، دافع مصدر مسؤول في نقابة المهن الموسيقية المصرية عن تنظيم الحفل، قائلاً: "الفرقة ليست عربية حتى يُقال إنها تطبع، والحفل حصل على جميع التصاريح الرسمية، باعتبارها فرقة ذات شعبية عالمية".

وأكد أن الحفل سيُقام في موعده دون تغيير، موضحاً أن "الرفض الشعبي لبعض الفعاليات لا يعني بالضرورة تدخل الدولة أو النقابة لمنعها، ما لم يكن هناك خرق واضح للقانون".

 

من مونتكسير إلى "سكوربيونز".. ذاكرة المقاطعة حاضرة
استعاد ناشطون تجربة قريبة، حين أُلغيت حفلة منسقة الموسيقى الألمانية "ماري مونتكسير" في القاهرة قبل أشهر، بعد حملة واسعة ضد مواقفها الداعمة للاحتلال الإسرائيلي واتهاماتها للمقاومة الفلسطينية بـ"الإرهاب".

حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) كانت قد نشرت بياناً حافلاً بالوثائق، طالبت فيه بإلغاء الحفل، وهو ما استجابت له الشركة المنظمة تحت ضغط الرأي العام.

 

دعوات لتدقيق الخلفيات الفنية والسياسية
المعارضون لإقامة الحفل لم يكتفوا بالهجوم على الفرقة فقط، بل وجهوا انتقادات إلى الجهات الرسمية والشركات المنظمة، وطالبوا بوضع معايير واضحة ودقيقة للفنانين الأجانب الذين يُسمح لهم بالظهور في الفضاء الفني المصري والعربي.
وتساءل بعضهم: "كيف نفتح أبوابنا لمن صمت عن المجازر، أو شارك في تلميع صورة الاحتلال، في حين نرفع شعارات الدفاع عن فلسطين وحقوق الإنسان؟".

 

حضور إماراتي منتظر وسط مناخ مختلف
على الجانب الآخر، من المتوقع أن تحيي فرقة "سكوربيونز" حفلاً موسيقياً في أبوظبي، في وقت لاحق من عام 2025، بعد غياب دام ثماني سنوات عن الإمارات، في إطار الجولة التذكارية ذاتها.