يؤكد زفي بارئيل، في مقاله بصحيفة هآرتس بتاريخ 25 يونيو 2025، أن وقف إطلاق النار الذي أعلنه دونالد ترامب ما زال هشًا، لكن أمرًا واحدًا بات واضحًا: الرئيس الأميركي قرر أن الحرب بين إسرائيل وإيران قد انتهت من وجهة نظره، وحان وقت العودة إلى المسار التفاوضي. وكعادته، يسعى ترامب لتجنب التورط في حرب طويلة قد تمتد إلى دول وقّع معها صفقات اقتصادية ضخمة، ويحرص على تفادي ما يعيق شعاره "لنجعل أميركا عظيمة من جديد".
لا توجد حتى الآن معلومات دقيقة عن مدى الأضرار التي لحقت ببرنامج إيران النووي، أو ما إذا كانت القنابل الخارقة للتحصينات دمّرت منشآت التخصيب في فوردو. لكن يبدو أن ترامب اكتفى بما تحقق، ويعتقد أن ذلك كافٍ لتهيئة الأجواء للمرحلة الدبلوماسية التي كان يسعى إليها منذ منح إيران مهلة الستين يومًا قبل اندلاع الحرب.
شارك ترامب في الهجوم وهو يدرك أن "النصر الكامل" تعريف ذاتي لا يجب أن يُخضع لخطابات دينية تجعل الحرب أبدية. في المقابل، دخلت إسرائيل المعركة بأهداف متغيرة ومتوسعة، كما فعلت في غزة. انطلقت من تدمير البنية النووية وقتل العلماء، ثم تحوّلت إلى استهداف رموز السلطة، مثل سجن إيفين الشهير، بزعم دعم المعارضين، مع تعريض حياة السجناء للخطر، وبلغ بها الأمر إلى التلميح بأن حكم خامنئي ليس مضمونًا.
ومن منظور الحكومة الإسرائيلية، يجب أن يتساوى مصير إيران مع مصير غزة. غير أن تدخل ترامب غير المعادلة، وفرض مسارًا جديدًا. ورغم ذلك، لم تُفقد الحكومة الإسرائيلية كل شيء. فقد صرّح وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش بأن "إسرائيل حققت نصرًا ساحقًا في المعركة ضد إيران سيُسجل في صفحات التاريخ المجيد"، ودعا إلى استكمال المهمة بتدمير حماس، واستعادة الرهائن، وتحقيق الأمن والنمو.
لكن سموتريتش يعلم جيدًا أن الفجوة بين إيران وغزة شاسعة. "النصر الساحق" لم يُسقط النظام الإيراني، ولم يُنهِ تهديد الصواريخ الباليستية، ولا قلّص قدرة طهران على إرباك الملاحة الدولية. رغم ذلك، رأى ترامب أن الضربات كانت كافية لتدشين المرحلة الدبلوماسية، التي تُقصى منها إسرائيل.
هكذا، تجد الحكومة الإسرائيلية نفسها مضطرة لتبني مفهوم "النصر الكامل" الأميركي، على الرغم من التناقض الصارخ بين ذلك والمشروع العقائدي الذي يحكم سياساتها. في المقابل، تظل الحرب في غزة شأناً إسرائيليًا صرفًا، تخضع لتعريفات نصر دينية لا تعترف بزمن أو منطق.
وهنا يكمن جوهر المأساة. فالحرب على غزة لم تعد ذات جدوى عسكرية، بل أصبحت أداة أيديولوجية، يُعرّف الانتصار فيها رموز مثل سموتريتش، وليس واشنطن أو المجتمع الدولي. وحده من يقرر متى تحقق النصر، وليس في عجلة من أمره.
رغم الانكشاف الأخلاقي والعسكري الذي بدأ المجتمع الإسرائيلي بمراجعته، لا تزال الحكومة ثابتة، لا تعترف بمسؤوليتها، ولا تنوي محاسبة ذاتها على الكارثة التي ساهمت في صناعتها. الانتصار في إيران سيُستخدم لتأجيل أي محاسبة سياسية، لأن "بطل الحرب" لا يُسأل عن إخفاقات الماضي.
وختمت هآرتس: "وهكذا، يكون النصر المزعوم غطاءً لحكومة ترفض الاعتراف بفشلها، وتستمر في إدارة حرب في غزة بلا أفق، لأنها تملك وحدها – لا ترامب، ولا القانون الدولي – مفاتيح تعريف النصر".
https://www.haaretz.com/opinion/2025-06-25/ty-article-opinion/.premium/israel-will-always-have-gaza/00000197-a305-d5d0-a7b7-b3e5f14e0000