في انتكاسة جديدة لجهود المساواة بين الجنسين، صنّف تقرير الفجوة العالمية بين الجنسين لعام 2025، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، مصر في المرتبة 139 من أصل 148 دولة، لتصبح ضمن أسوأ عشر دول في العالم من حيث اتساع الفجوة بين النساء والرجال في مجالات التعليم والصحة والسياسة والاقتصاد.
واعتبرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية هذا التصنيف المتدني "غير مفاجئ"، ووصفته بأنه نتيجة طبيعية "لتراكم سنوات من السياسات المتجاهلة لحقوق النساء ومصالح غالبية المصريين".
تصنيف متأخر يكشف عمق الأزمة
بحسب التقرير، جاءت مصر في المرتبة الـ11 من بين 14 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفي المركز 34 من أصل 41 دولة إفريقية شملها التقرير. أما مقارنة بالدول ذات الاقتصادات المماثلة، فالوضع أشد قتامة؛ إذ احتلت مصر المرتبة 38 من أصل 40 دولة مصنّفة ضمن الشريحة الدنيا للدخل المتوسط، متقدمة فقط على غينيا وباكستان.
المبادرة الحقوقية ربطت هذا التدهور الحاد بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية للدولة، التي قالت إنها "تواصل الاحتفاء بإنجازات صورية وخطابات براقة عن تمكين النساء، دون ترجمة فعلية على الأرض". وأضافت: "المؤشرات الواقعية، من سوق العمل إلى الأجور إلى الحماية القانونية، تكشف تفاقم الفجوة عامًا بعد عام".
سياسات تمكين على الورق فقط
كانت الدولة المصرية قد أطلقت "الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030" في مارس 2017، بهدف تحقيق التمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي للنساء وتوفير الحماية لهن. كما رُوّج لبرامج مثل "تنمية الأسرة المصرية" كأدوات لتغيير الثقافة المجتمعية تجاه النساء. لكن بحسب تحليل المبادرة، فإن تلك السياسات "لم تترك أثرًا حقيقيًا في المؤشرات العالمية، ولا في حياة النساء اليومية".
ومن أبرز الأمثلة على تناقض الخطاب مع الواقع، ما أشارت إليه المبادرة من استبعاد المتقدمات لاختبارات "30 ألف معلم" لأسباب تمييزية مثل الحمل أو الولادة، بالإضافة إلى فرض قيود السفر المسبقة على النساء من الطبقات الدنيا، وهو ما اعتبرته انتهاكًا واضحًا للحقوق الدستورية.
العراقيل القانونية.. وممارسات تمييزية
سلّطت المبادرة الضوء على استمرار تعطيل إصدار قانون موحد لمناهضة العنف ضد النساء، رغم إعداد مقترح قانون منذ عام 2017 من قبل 6 منظمات نسوية، وتقديمه للبرلمان مرتين دون نتيجة. كما انتقدت "رسوم الميكنة" المفروضة على خدمات الوثائق القانونية باعتبارها عبئًا إضافيًا يقيّد حق النساء في التقاضي، في ظل ظروف اقتصادية قاسية.
كذلك أشارت إلى فشل عاملات مصنع وبريات سمنود في الحصول على الحد الأدنى القانوني للأجور، باعتباره مثالًا على تدهور الأوضاع الاقتصادية للنساء، وتهميش أصواتهن في سوق العمل.
تمثيل سياسي محدود
في محور التمكين السياسي، يقيس تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي مدى مشاركة النساء في المناصب القيادية، مثل البرلمان والوزارات والإدارات العليا. وجاءت مصر في المرتبة 101 من أصل 148 دولة، وهو ما يكشف عن التمثيل المحدود للنساء في مراكز صنع القرار رغم حملات الدعاية الرسمية.