لا تزال آلة الحرب الصهيونية تمعن في تدمير قطاع غزة، لليوم الـ618 على التوالي، في واحدة من أطول وأبشع الهجمات العسكرية على شعب أعزل في التاريخ المعاصر، حيث تستمر المجازر، وتجري عمليات قصف واستهداف مباشر للمدنيين والنازحين والمحتاجين للمساعدات، وسط مجاعة خانقة وانهيار شبه كامل للبنى التحتية والخدمات الصحية.
ورغم الإدانات الشكلية بين الحين والآخر، لا تزال الولايات المتحدة الأميركية تقدّم الغطاء السياسي والدعم العسكري الكامل لإسرائيل، في وقت يقف فيه المجتمع الدولي متفرجًا على مذبحة إنسانية شاملة تُنفذ أمام أعين العالم.
حصيلة دم جديدة في ساعات
مع الساعات الأولى من صباح الأحد، سُجّل سقوط 26 شهيدًا فلسطينيًا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، نتيجة سلسلة غارات وقصف مدفعي نفّذته قوات الاحتلال الإسرائيلي على مناطق متفرقة من القطاع، في وقت تزداد فيه معاناة أكثر من مليوني نازح باتوا محاصرين بين الجوع والموت، دون أفق لأي انفراجة إنسانية.
وأكدت مصادر طبية استشهاد الشاب حسين أسامة أبو حصيرة، وإصابة عدد آخرين، جراء قصف مدفعي استهدف شقة سكنية في شارع صلاح الدين وسط مدينة النصيرات.
كما طال القصف الإسرائيلي سجن "أصداء" شمال غرب مدينة خان يونس، ما أسفر عن إصابات متعددة.
استهداف ممنهج للنازحين والمساعدات
واصلت قوات الاحتلال استهداف المدنيين أثناء انتظارهم المساعدات الإنسانية التي تُلقى بشكل عشوائي من الجو، حيث استشهد مواطنان قرب نقطة المساعدات الأمريكية غرب رفح، فيما استشهد 3 آخرون عند محور نتساريم، حيث تُكرر إسرائيل استهداف ذات النقاط التي يتجمع عندها المدنيون الجائعون.
وفي تصعيد مروع، أطلقت قوات الاحتلال النار تجاه تجمعات نازحين قرب مركز المساعدات الأميركية غرب رفح، ما أوقع شهداء وجرحى في صفوف المنتظرين للطعام.
كما استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مدينة "حمد السكنية" شمال خان يونس، وقصفت المدفعية مناطق شرق دير البلح وحي الشجاعية، تزامنًا مع عمليات نسف ممنهجة لمبانٍ سكنية كاملة في شرق غزة.
استمرار المجازر البحرية
وفي تطور جديد من سياسة استهداف المحرومين، أطلقت زوارق الاحتلال الحربية النار على شبّان ينتظرون المساعدات الغذائية على شاطئ غزة، مما أسفر عن إصابات، بينما أعلنت مستشفى العودة في وقت لاحق وصول جثامين 3 شهداء تم انتشالهم من منطقة جسر وادي غزة، حيث كانوا ضمن مجموعة مدنيين تم استهدافهم سابقًا قرب إحدى نقاط توزيع المساعدات عند محور نتساريم.
كما أعلنت المصادر الطبية استشهاد المواطن يوسف محمد جودة متأثرًا بجراحه التي أصيب بها أثناء محاولته الوصول إلى المساعدات.
سياسة الأرض المحروقة
الاحتلال لم يكتف بالقصف الجوي والمدفعي فقط، بل استخدم سياسة تدميرية شاملة، حيث نفذت قواته عمليات تفجير منظمة لعشرات المباني السكنية في المناطق الشرقية من حي الشجاعية، في إطار سياسة "الأرض المحروقة" التي تتبناها منذ بداية الحرب، بهدف تهجير السكان قسرًا، وتدمير مقومات الحياة.
مأساة ممتدة.. بلا نهاية
في ظل عجز المجتمع الدولي وتواطؤ بعض القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مخلفًا المزيد من الدماء والخراب. ومع استمرار الحصار واستهداف المدنيين وعرقلة المساعدات الإنسانية، تبدو الكارثة في غزة أكبر من أن تُختصر في أرقام.
ورغم الدعوات المتزايدة لوقف إطلاق النار وفتح ممرات آمنة، يصر الاحتلال على المضي في حرب الإبادة، بينما يتكفل الجوع والرصاص بمواصلة ما تبقّى من فصول المجزرة.