تستعد حكومة عبدالفتاح السيسي لإصدار صكوك سيادية بقيمة مليار دولار، ضمن طرح خاص موجّه لدولة الكويت، وذلك بالتزامن مع إجراءات مثيرة للجدل تتضمن تخصيص أراضٍ شاسعة لصالح وزارة المالية بهدف استخدامها كغطاء لإصدار الصكوك وسداد جزء من الديون الخارجية المتراكمة.

ويأتي هذا الإصدار الجديد في سياق سلسلة من الخطوات الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة لتدبير السيولة اللازمة لمواجهة أعباء ديون ضخمة، من بينها قرار جمهوري نُشر بالجريدة الرسمية الثلاثاء الماضي بتخصيص أرض تبلغ مساحتها نحو 174.4 مليون متر مربع في محافظة البحر الأحمر لوزارة المالية، بهدف استخدامها في "خفض الدين العام للدولة وإصدار الصكوك السيادية"، بحسب نص القرار.

 

صكوك على أراضي الدولة.. الدين مقابل الأصول
ويُعد تخصيص الأرض أحد الشروط الأساسية لإصدار الصكوك السيادية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، والتي تتطلب وجود أصول حقيقية كغطاء للإصدار، بخلاف السندات التقليدية التي لا ترتبط بالضرورة بأصول ملموسة.

بحسب أحد المسؤولين الذين تحدثوا لوسائل إعلام محلية، فإن "الطرح الخاص للكويت اكتملت أغلب ترتيباته الفنية والإجرائية"، لافتًا إلى أن "الصكوك سيتم إصدارها لأجل ثلاث سنوات بعائد نصف سنوي".

تأتي هذه الخطوة بينما تواجه مصر التزامات فورية على صعيد خدمة الدين، إذ يتوجب عليها، سداد أصل سندات دولارية بقيمة 1.5 مليار دولار، وفق بيانات وزارة المالية.

 

ديون متصاعدة وحد أقصى للإصدارات
وكانت مصر قد أصدرت أول صكوك سيادية في تاريخها خلال عام 2023 بقيمة 1.5 مليار دولار، ولاقت حينها طلبات اكتتاب تجاوزت 6.1 مليارات دولار، ما يعكس شهية المستثمرين الخليجيين والدوليين للاستثمار في أدوات الدين المصرية المدعومة بالأصول.

وفي هذا السياق، عيّنت الحكومة خمسة بنوك كوسطاء ماليين ومستشارين رئيسيين في الإصدار المرتقب، من بينها بنوك خليجية كـ"بنك دبي الإسلامي"، و"بنك أبوظبي الأول"، و"مصرف أبوظبي الإسلامي"، بالإضافة إلى "إتش إس بي سي" و"سيتي بنك".

ومع ذلك، تلتزم القاهرة بعدم تجاوز سقف إصدارات الدين الخارجي عند مستوى 4 مليارات دولار خلال السنة المالية الحالية التي تنتهي بنهاية يونيو الجاري، ما يجعل الإصدار الكويتي جزءًا من سياسة محسوبة لتجنب تجاوز الحدود القصوى.

 

طرح الأراضي مقابل الديون.. سياسة منهجية؟
تثير خطوة ربط صكوك الدين ببيع أو تخصيص الأراضي الحكومية تساؤلات حقيقية حول مدى استدامة هذه السياسة، التي باتت تتكرر بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، وتفتح الباب أمام خصخصة الأصول العامة أو رهنها مقابل قروض وديون قصيرة الأجل.

وكانت مصر قد أعلنت قبل أيام عن عرض عدد من الأراضي والمباني الحكومية للبيع بهدف جمع سيولة لسداد مستحقات خارجية عاجلة، تشمل ودائع خليجية وقروضاً دولية بلغت قيمتها أكثر من 32 مليار دولار، يتوجب سدادها في يونيو 2025.

وفي ظل شح الموارد الدولارية وتراجع عوائد السياحة والصادرات، تبدو الحكومة مضطرة للجوء إلى أدوات تمويل بديلة تثير جدلاً واسعًا، لاسيما حين تمس ملكية الدولة لأراضيها ومقدراتها الاستراتيجية.