نشرت صحيفة الجارديان تقريرًا لتوبي هيلم يسلّط الضوء على معاناة الدكتور باسم أبو دقّة، الأكاديمي الغزّي المقيم في مانشستر، حيث يعيش حالة من القلق واليأس بسبب عجزه عن إنقاذ زوجته وطفليه العالقين في قطاع غزة وسط القصف الإسرائيلي المستمر.

في ساعات الفجر الصامتة، بدأ باسم يتجوّل في شقته مترقبًا أي إشعار على هاتفه. عرف عبر مجموعة عائلية على واتساب تضم 800 فرد من أقاربه أنّ القصف يضرب مناطق قرب مكان وجود أسرته غرب خان يونس. زوجته، مريم، لم ترد على اتصاله.

يقول باسم: "أظل على تواصل دائم معهم، حتى في النوم أفعّل التنبيهات بصوت عالٍ كي أستيقظ فور صدور أي إشعار. عندما يشعرون بالخطر يرسلون لي رسالة. إنه مرهق جدًا، لأنهم يشعرون بالأمل فقط حين أكون على تواصل معهم."

انقطع الاتصال، وباسم حاول الاتصال دوليًا دون جدوى. لعشر دقائق بدت أبدية، انتظر أي خبر. أخيرًا، وصلت رسالة من والدته: "نحن بخير." يقول باسم إنّه شعر حينها براحة غامرة لا توصف.

ابنه كريم (5 سنوات) لم يتحمل صوت الطائرات المسيّرة وغادر السرير باكيًا، فيما لحقت به شقيقته تاليا (9 سنوات) ووالدتهما، وعانقوه على الأرض بينما كانت النوافذ تتحطم من شدة الانفجار. لم تصب الشقة مباشرة، لكن الزجاج تحطم والغبار غطّى المكان. يقول باسم: "نجوا مرات كثيرة بفضل رحمة الله فقط."

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا تزال مريم وأطفالها في غزة ولم يتم إجلاؤهم للالتحاق بباسم؟

يحمل باسم منحة دراسية من المجلس الثقافي البريطاني منذ 2022 لدراسة الدكتوراه في جامعة يورك سانت جون، وكان يحق له اصطحاب عائلته، لكنه لم يستطع حينها تغطية التكاليف. زارهم لآخر مرة قبل أيام من هجمات 7 أكتوبر. هو الآن يدرّس بدوام جزئي في مانشستر لتوفير المال. الحكومة البريطانية لا تعارض لم شمله بأسرته، لكن لا تبذل أي جهد لتحقيق ذلك حسب وصفه.

يقول: "الحكومة قادرة على التدخل، لدي كل الأوراق الرسمية. كثير من المواطنين البريطانيين تم إجلاؤهم، وأنا أستحق الانضمام لعائلتي."

نائبتا حزب العمال، رايتشل ماسكل وربيكا لونج بيلي، تبنّتا قضيته، وأشارت ماسكل إلى أنّ الحكومة تتعامل مع القضية كباقي الحالات، رغم خصوصيتها. المجلس الثقافي البريطاني موّل منحته، ويتبع لوزارة الخارجية، ما يجعل الحكومة مسؤولة بشكل مباشر.

طلبت السلطات من مريم تقديم بصمات لإتمام طلب التأشيرة، وهو ما يستحيل تنفيذه حاليًا في غزة بسبب تدمير المراكز المختصة. باسم طالب بالسماح بتأجيل البصمات حتى وصول أسرته إلى مصر.

اليوم، تعيش مريم وتاليا وكريم في خيمة قرب البحر في منطقة توصف بأنها "آمنة"، لكنها ليست كذلك. فقد أكثر من 250 فردًا من عائلة باسم حياتهم منذ بداية الحرب. وكل مرة يتم تهجيرهم يعيدون بناء حياتهم من الصفر.

قبل أسبوعين، أرسل باسم نداء استغاثة قال فيه: "الأطفال في حالة حرجة: يعانون من صدمة شديدة، خوف دائم، وجوع ونقص حاد في الحاجات الأساسية. والدتهم تبذل كل ما تستطيع، لكن العبء أصبح يفوق قدرتها." واقترح إجلاء الأطفال وحدهم مؤقتًا. لكن لم يتغير شيء.

تشيد المشرفة على بحثه، الدكتورة ألكسندرا دايلز، بقوة عزيمته، وتقول: "من دواعي الفخر الإشراف عليه. واصل دراسته رغم كل ما يمر به. من المؤلم رؤية تأثير الحرب عليه وعلى أسرته."

المجلس الثقافي البريطاني أكد استمراره في تسليط الضوء على قضيته. وزارة الخارجية أحالت الموضوع إلى وزارة الداخلية، التي قالت إن مراكز التأشيرات مغلقة في غزة لكنها تعمل في مصر والأردن، دون التعليق على الحالة الفردية.

https://www.theguardian.com/world/2025/jun/05/when-they-are-at-risk-they-text-me-gaza-academic-in-uk-powerless-to-rescue-family