وافقت هيئة الدواء رسميًا على مد مبادرة سحب الأدوية منتهية الصلاحية لمدة 45 يومًا إضافية، تبدأ عقب انتهاء إجازة عيد الأضحى مباشرة.
يأتي القرار استجابةً لضغوط ومطالب متكررة من شعبة أصحاب الصيدليات باتحاد الغرف التجارية، والتي كانت قد تقدّمت بطلب لمد فترة المبادرة، وإن كانت تأمل في التمديد لثلاثة أشهر بدلًا من 45 يومًا فقط، بحسب ما أكده الدكتور حاتم البدوي، أمين عام الشعبة وعضو لجنة متابعة عملية السحب.
استجابة ناقصة
رغم أن التمديد يُعد بمثابة "خطوة للأمام"، كما وصفه البدوي، إلا أن الأزمة تظل قائمة. فقد أشار إلى أن ما تم تحقيقه حتى الآن هو نصف الطريق فقط، إذ انضمت 40 ألف صيدلية من أصل 85 ألفًا للمبادرة، ما يعني أن نصف السوق تقريبًا لا يزال خارج عملية السحب، رغم خطورتها على الصحة العامة.
وتطالب الشعبة هيئة الدواء بتشديد الرقابة على شركات التوزيع التي تتقاعس عن استلام الأدوية منتهية الصلاحية، خاصةً أن بعض هذه الشركات – وفق تصريحات سابقة للهيئة – تتحجج بمخاوف من عدم إمكانية تصريف بعض الأصناف التي أنتجت بنظام "التصنيع لدى الغير"، وتوقفت مصانعها لاحقًا عن الإنتاج.
ملايين العبوات الفاسدة.. في السوق
وفي سياق متصل، كانت الهيئة قد أعلنت في بيان رسمي الشهر الماضي، أن المبادرة أسفرت حتى الآن عن سحب 3.4 مليون عبوة منتهية الصلاحية من الأسواق، مع وجود خطط لسحب 1.5 مليون عبوة إضافية في الطريق، وهي أرقام تعكس حجم التلوث الدوائي الذي يهدد حياة المواطنين في حال عدم السيطرة عليه.
لكن مراقبين يقولون إن هذه الأرقام لا تعكس كامل الكارثة، إذ لا تزال مئات الآلاف من العبوات منتهية الصلاحية متداولة في السوق، خاصة في المناطق الريفية والنائية، مع استمرار بعض تجار السوق السوداء في إعادة تدويرها أو ترويجها بأسعار أقل.
المبادرة المتعثرة
تعود جذور هذه المبادرة إلى سبتمبر 2023 حين أطلقتها الهيئة بالتعاون مع المصنعين والموزعين والصيدليات، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ الفعلي إلا بعد 5 أشهر، وتحديدًا في فبراير 2024، مع صدور قرار رسمي نشر في "الوقائع المصرية"، يُلزم الشركات بقبول المرتجعات من الأدوية المنتهية دون شروط خلال 90 يومًا من تاريخ انتهاء الصلاحية.
لكن التطبيق العملي واجه عراقيل متعددة، من بينها تباطؤ استجابة الشركات، وتخوفات من تحميل الخسائر، وضعف آليات المتابعة الإلكترونية رغم توفير نماذج على موقع الهيئة لتسجيل الأصناف والكميات المقرر سحبها.
أزمة الثقة بين الأطراف
في وقت سابق، تحدث مصدر بهيئة الدواء عن تراكم أزمات الثقة بين الصيادلة وشركات التوزيع، إذ يتخوّف بعض الصيادلة من عدم التزام الشركات بسحب كل الأصناف، كما حدث في 2017، حين تم الاتفاق على مبادرة مشابهة لكنها انتهت بسحب بعض الأدوية فقط وترك أخرى.
وأكد نقيب صيادلة القاهرة محمد الشيخ أن المبادرة السابقة كانت "غسيلًا للأسواق"، لكنها لم تنفذ على النحو المطلوب، داعيًا في تصريحات صحفية إلى استعادة الشفافية والمحاسبة لضمان نجاح المبادرة الحالية.
تجارة الموت.. مستمرة
في يناير الماضي، فجّر رئيس شعبة الأدوية علي عوف مفاجأة مدوية بأن هناك سوقًا سوداء مزدهرة للأدوية منتهية الصلاحية، متهمًا هيئة الدواء والشركات بالتسبب المباشر في هذه الكارثة "بسبب عدم الإلزام الجاد بسحب المرتجعات ومماطلة الشركات".
ويحذّر مراقبون من أن هذا النوع من التجارة لا يقتصر خطره على استهلاك المواطنين لأدوية غير فعالة فحسب، بل يمتد إلى استخدامها في إعادة التعبئة والتزوير والترويج لها عبر الإنترنت، ما يفاقم أزمة الثقة في القطاع الدوائي المصري ككل.