كشفت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، عن قتل ثلاثة مواطنين أبرياء، بينهم طفل لم يتجاوز الثامنة من عمره، خلال حملة أمنية نفذتها قوات الأمن بمحافظة قنا، في محاولة فاشلة للقبض على تجار مخدرات مطلوبين، الذين تمكنوا من الفرار قبل وصول الحملة.

الحملة الأمنية التي كانت تستهدف قرية "نجع أبو عروق" بمركز قنا، انتهت بمذبحة تضاف إلى قائمة الانتهاكات المتكررة بحق المدنيين الذين لا علاقة لهم بأي نشاط إجرامي.

 

مشهد الحملة: فشل مدوٍ وثمن بشري باهظ
   في عصر الثلاثاء 13 مايو الماضي، تفاجأ أهالي قرية الحجيرات بمركز قنا بوصول قوة أمنية ضخمة مدججة بالأسلحة، ضمت عشرات السيارات والآليات المدرعة، وانتشار قناصة على أسطح المباني.

وعلى الرغم من هذا الزخم الأمني، لم تتمكن الحملة من القبض على أي من المطلوبين أمنياً لتجارة المخدرات، الذين تلقوا معلومات مسبقة تمكنوا من خلالها من الهروب إلى أماكن أخرى.

وفي الوقت الذي كان من المفترض أن تسفر فيه الحملة عن اعتقالات ونجاحات أمنية، أدت إلى كارثة إنسانية فاقت كل التوقعات، حيث أطلق أفراد الأمن الرصاص بكثافة خلال اقتحام القرية، ما أدى إلى مقتل ثلاثة مواطنين أبرياء، بينهم طفل صغير.

 

الضحايا.. براءة وألم في زمن القتل خارج القانون
أسماء الضحايا التي وثقتها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان كشفت عن مأساة إنسانية عميقة:

الطفل ياسين محمود عبد الرحمن الكي (8 سنوات)، الذي كان يعمل مع عمه على جرار زراعي مملوك للأسرة، حيث كانا يستغلان فرصة إجازة العم من عمله في السعودية، ولم يكن الطفل أو عمه يحملان أي أسلحة أو صلة بتجارة المخدرات.

حسن عبد الرحمن الكي (28 عاماً)، عمه، وكان قد عاد إلى قريته قادماً من السعودية لقضاء إجازة استعداداً للعودة إلى عمله.

محمد إبراهيم محمد (70 عاماً)، موظف متقاعد وعامل في مسجد القرية، الذي كان خارج قريته على دراجته النارية لشراء تبن موسم الحصاد.

أطلق عليهم النار أثناء تواجدهم جميعاً في وقت اقتحام قوات الأمن للنجع، ما أدى إلى إصابتهم بجروح بالغة نقلوا على أثرها إلى مستشفى قنا الجامعي، حيث توفوا متأثرين بجراحهم، وتم دفنهم في مقابر الأسرة بعد تصريح النيابة بالدفن في الثانية صباحاً من اليوم التالي.

 

غياب الشفافية وتجاهل المسؤولية
  وزارة الداخلية لم تصدر أي بيان أو توضيح بشأن ملابسات الحادث، ولم تعترف بأي مسؤولية عن مقتل الأبرياء الثلاثة، مما يزيد من حالة الغضب الشعبي ويعزز فرضية تغطية فشل الحملة الأمنية.

النيابة العامة باشرت التحقيقات في الواقعة، لكن مصادر مطلعة ترجح أن نتائج التحقيقات لن تتجاوز حفظ القضية كما هو المعتاد في حالات مشابهة، مما يعمق حالة فقدان الثقة في مؤسسات العدالة.

 

الشبكة المصرية: انتهاك خطير لحقوق الإنسان وسياسة إفلات ممنهجة
   من جهتها، أكدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن الحملة الأمنية لم تحقق أهدافها الأمنية، وأن تعويض هذا الفشل بإطلاق الرصاص وقتل مواطنين أبرياء يعكس سياسة استخدام القوة المفرطة والتغطية على الأخطاء بتبرير كاذب على أساس مكافحة المخدرات.

الشبكة حذرت من استمرار هذه الممارسات التي تكرس حالة الإفلات من العقاب، وتدعو وزارة الداخلية إلى التحقيق العاجل والشامل، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الواقعة، والتوقف عن استخدام العنف غير المبرر ضد المدنيين العزل، لضمان عدم سقوط ضحايا جدد في المستقبل.