أعلن مجلس نقابة محامين شرق طنطا اعتصامًا مفتوحًا في غرف المحامين التابعة له بمحكمة المحلة الكبرى، وذلك ابتداءً من اليوم الأربعاء، احتجاجًا على ما وصفوه بـ"الرسوم القضائية غير القانونية" التي أُقرت مؤخرًا تحت مسمى "رسوم الميكنة"، وبلغت نسب زيادتها 500% في بعض الحالات.
الخطوة التصعيدية جاءت بعد وقفة احتجاجية نظمها عشرات المحامين والمحاميات أمام مجمع محاكم المحلة الكبرى، هتفوا خلالها بشعارات غاضبة من تصاعد الأعباء المالية المرتبطة بممارسة المهنة، مثل: "زود زود في الأتعاب.. خلي العيشة هباب في هباب"، و"يا عدالة فينك فينك.. الرسوم بينا وبينك"، كما رفعوا لافتات تساءلت: "أين مجلس النواب؟" وأكدت: "لا لفرض رسوم بلا قانون".
احتجاجات سابقة لموعد النقابة العامة
اللافت أن تحرك محامي المحلة جاء سابقًا للجدول الزمني الذي حددته النقابة العامة للمحامين، والتي دعت لتنظيم وقفات احتجاجية موحدة على مستوى الجمهورية يومي 29 مايو و18 يونيو.
وعلّق وائل عبد الستار، أمين عام نقابة محامين شرق طنطا، على ذلك بقوله: "ما يجري في شرق طنطا تحديدًا فاق التحمل"، موضحًا أن "رئيس محكمة استئناف طنطا فرض رسومًا على المحامين زادت بنسبة 500% منذ السبت الماضي، دون أن تشمل هذه الزيادة باقي المحاكم، ما يجعل الأمر استثنائيًا وظالمًا".
قرارات قضائية تفجّر الأزمة
وتعود الأزمة إلى مارس الماضي، حين أصدر المستشار محمد نصر سيد، رئيس محكمة استئناف القاهرة، قرارًا بفرض رسم جديد على "مراجعة الحوافظ" بقيمة 33 جنيهًا لكل ورقة، بالإضافة إلى رفع رسوم الحصول على الشهادات القضائية إلى 60.5 جنيه، ورسوم الصيغة التنفيذية للأحكام إلى 242 جنيهًا.
وهي قرارات اعتبرها المحامون مخالفة للدستور وتزيد من الأعباء على المتقاضين والمحامين معًا.
وفي رد فعل مباشر، أعلن مجلس النقابة العامة للمحامين رفضه الكامل لتلك الرسوم، وهدد بوقف التعامل مع خزائن المحاكم، معتبرًا أن القرارات "تمس حق التقاضي المكفول دستوريًا".
وانتقد المجلس تجاهل إشراك النقابة في حوار مجتمعي قبل إصدار هذه الزيادات.
تشكيك في شرعية الرسوم
ورقة موقف أعدتها الجبهة المصرية لحقوق الإنسان اعتبرت أن الزيادات في الرسوم القضائية "تتعارض مع نص وروح المادة 97 من الدستور" التي تنص على أن "التقاضي حق مصون ومكفول للجميع".
وأوضحت الورقة أن فرض هذه الرسوم يحد من قدرة المواطن العادي على اللجوء للقضاء، ويجعل التقاضي حكرًا على القادرين فقط.
كما أكدت الورقة أن هذه الرسوم لا تستند إلى قانون صادر عن السلطة التشريعية، بل فُرضت بقرارات إدارية من رؤساء المحاكم أو وزير العدل، ما يُعد "تجاوزًا للسلطة وافتئاتًا على اختصاص البرلمان"، وهو ما يجعل هذه القرارات عرضة للطعن بعدم المشروعية أمام القضاء الإداري.
أعباء جديدة على المحامين والمواطنين
بحسب الورقة الحقوقية، فإن المحامين لا يتحملون فقط العبء المهني في مواجهة تلك الرسوم، بل يُطالبون أيضًا بتفسيرها وتحملها أمام موكليهم، ما يؤدي إلى تراجع الثقة العامة في النظام القضائي، خاصة في ظل غياب آليات واضحة لإعفاء غير القادرين من تلك الرسوم.
وحذّرت الورقة من أن استمرار هذه السياسة قد يؤدي إلى "تآكل الثقة في العدالة كمؤسسة"، ودعت وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء إلى مراجعة تلك القرارات فورًا وإلغائها، بما يتوافق مع أحكام الدستور ومبدأ "لا رسم إلا بقانون".