نعى أكاديميون وطلاب علم وإعلاميون أستاذ الأدب والنقد بكلية الآداب جامعة طنطا د. حلمي القاعود، الذي رحل إلى دار البقاء الثلاثاء 13 مايو الجاري، بعد معاناةٍ مع المرَض عن عُمر يناهز 79 عامًا قضى زهرتها مخلصًا في حقل الدراسات الأدبية والنقدية والإسلامية، مشيدًا بنتاجات المبدعين الأصلاء الذين تحتفي إبداعاتهم بالقيم والمبادئ الرساليّة.
وعبر صفحته (حلمي محمد القاعود) التي يديرها أبناؤه (محمود وأحمد ومحمد) وأغلبهم أكاديميون ومتخصصون في اللغة العربية قالت: ".. ننعي إلى العالمين العربي والإسلامي العالم الجليل والكاتب الكبير والمربي الفاضل: فضيلة الأستاذ الدكتور حلمي محمد القاعود.. الذي لبى نداء ربه صباح يوم الثلاثاء ال 15 ذو القعدة 1446 الموافق 13 مايو من العام 2025... بعد رحلة طويلة من العطاء والعلم والعمل في سبيل الله وخدمة قضايا العالمين العربي والإسلامي وبلده الحبيب مصر.. ووري جثمانه، الطاهر، الثرى في مسقط رأسه بقرية المجد مركز الرحمانية محافظة البحيرة".
داعين الله عزوجل أن "أن ترحمه وتغفر له وأن تنعم عليه بصحبة رسولك الكريم سيدنا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام، وأن تكون منزلته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.".
https://www.facebook.com/helmyelkaoud/posts/pfbid032ZYmnNvpKd2Sv3aJRzvxZmLZtf5GNgN1eVzPu711inq12PXWrdtjJDpoWMCRFPkRl
حلمي القاعود مدرس الاعدادية
ومن طلابه البارزين المهندس نور الدين عبد الحافظ الإعلامي بقناة "وطن" ومن قبلها "مصر 25" وعبر منصة (Nour Eldin) على فيسبوك قال "تشرفت بمعرفة الأستاذ الدكتور حلمي بك القاعود أثناء أقامتنا في مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ ، كان الراحل الكريم معلمًا للغة العربية في مدرستي الإعدادية وكانت هناك بداية اتصالي بالنشاط المدرسي والإذاعة المدرسية واتحاد الطلاب.. كان حلمي بك يدفعنا للحديث امام الميكروفون
ويحاول أن يغرس في جميع تلامذته معاني الثقة.. وقواعد البلاغة والنحو .. كان في سلوكه وأداءه وحديثه قصة فريدة أو قصيدة حالمة .. لم يرفع صوته بالغضب يومًا ولم يبخل بجهده على ابناءه .. كنا نستوحش من الفصحى غير أنه قربنا لها وحببنا فيها وعودنا عليها … في كلماتنا في الاحتفالات او الاذاعة المدرسية .. ".
وأضاف "عبدالحافظ"، ".. كان يحرص على الوقوف قريبًا منا وكأنه يقول بوقفته الحانية : أنا معكم لا تخافوا !!.. تابعت اخبار استاذي بعد أن واصل دراساته العليا.. واضاءت بانوار قلبه قاعات المحاضرات بالجامعات ودور النشر وندوات الفكر والأدب.. واليوم.. نعاه ناعي الرحيل
لينطفئ سراج الفصاحة والبلاغة .. الذي عاش منيرًا متوهجًا .. وترك آثاره وبصماته وإبداعاته.. في سجلات الأخيار والكبار.. أعتز أستاذنا بهويته ولغته ودينه.. فتميز وسما وفاق.. واليوم حان موعد الحساب.. وجاء وقت التكريم أو العقاب.. وما علمت عن أستاذي .. إلا الخير والجود والسماحة".
ودعا الله له "من موقع المجبة والعرفان .. أن يكرم حبيب الأدب.. ربيب العلم جليس الكتب.. وأن يجعل عقباه تكريمًا وتعويضا.. وأن يجمعه بالصالحين.. ويجزيه بخير ما يعطي الصادقين.. وداعًا يا حلمًا.. مر كما الاحلام .. اللهمّ مقعد صدق.. للقاعود.. مربي الأجيال .. وعند الله مغانم كثيرة ..(إنّا لله وإنّا إليه راجعون)".
https://www.facebook.com/noureldinelhaddad/posts/pfbid02ek8afJTK9JPjMmZdciTP3VEoCNWY9eJmcmPrFQrX4YZqd2TSDRTDyTsAnWqMH72Gl
أما الباحث محمود القيعي، فتحدث عن حلمي القاعود الإنسان وقال "لئن عرف البعض د.حلمي القاعود أستاذا أكاديميا، واعتبره آخرون ناقدا لوذعيا، فإن هناك وجها آخر لا يعرفه سوى القليلين، وهو حلمي القاعود الروائي الذي ضرب بسهم وافر في عالم القص.. واللافت في أعمال د. القاعود الأدبية الاحتفاء الكبير بالمكان: النيل" مكانه الأثير"، شجرة الجميز، القرية. . ".
وأضاف "ظل النيل عند صاحب " الرواية المضادة " حاضرا بقوة في أعماله المبكرة، ولمَ لا وقد عاش عمره كله متناغما معه، ناظرا إليه، فكتب عن" زمن البراءة: النيل بطعم الجوافة" و"زمن الهزيمة: النيل لم يعد يجري"، و"زمن الغربة: النيل لا طعم له" .
بإمكاننا أن نتحدث عن .. د. حلمي الأديب الروائي الذي كتب أكثر من عشرين رواية، كل منها تمثل عالما متكاملا كاشفا بمهارة عن المسكوت عنه، منها: شغفها حبا، محضر غش، شكوى مجهولة، شجرة الجميز، المجنون الجميل، مكر الليل والنهار. ".
وتابع: "في روايته "مكر الليل والنهار" يرصد القاعود بمهارة تغيرات المجتمع السلبية التي لم تنج منها القرية التي كانت يوما ما رمزا للنقاء والطهارة والسمو الأخلاقي، فيكشف بأسى بالغ وحزن عميق كيف انتقلنا من نهج البردة والنهر الخالد إلى أغاني المخدرات والجنس، مستخلصا أن "د. القاعود أديب حقيقي في زمن لا يحتفي إلا بالصغار، فكان ضحية للعمى النقدي والهوى الشخصي!".".
وأشار إلى أنه "سيبقى د. حلمي القاعود الإنسان النبيل الذي لا يطيق صبرا على رؤية مظلوم دون أن يسارع إلى نصرته، فهو الذي حمل بين جوانحه قلبا حنونا ليس على بني البشر فحسب، بل على العصافير التي كان يراقبها إعجابا بها، وإشفاقا عليها لاسيما في هذا الحر القائظ، فيسارع بمحبة يوميا إلى إطعامها وسقائها!.. رحمه الله".
https://www.facebook.com/photo/?fbid=24481411958115504&set=a.2864126083604070
ولده أحمد القاعود قال ".. استرد الله أمانته وراضون بحكمه وأمره.. توفي إلى رحمة المولى جل وعلا والدي وأستاذي وحبيبي ومثلي الأعلى الأستاذ الدكتور حلمي محمد القاعود.. أفنى حياته في خدمة الدين والحق والعلم. كان قويا صابرا محتسبا دائما. . اللهم توفه على دينك وأحيه على دينك واجعل قبره مد البصر وثبته وقت السؤال.. اللهم عبدك رد عليك فارأف به وارحمه، اللهم جاف الأرض عن جنبيه وافتح أبواب السماء لروحه وتقبله منك بقبول حسن، اللهم إن كان محسنا فضاعف له في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته.. اللهم أجرنا في مصيبتنا واربط على قلوبنا.".
https://www.facebook.com/photo?fbid=10161143630606935&set=a.10154188773876935
أما الطالب الأديب أحمد الدماطي، فكتب عن استاذه القاعود الذي ولد في 5 إبريل 1946م ورجل في 13 مايو 2025م، أنه ".. بعد معاناةٍ مع المرَض، ارتقى إلى جوار ربّه الكريم أستاذنا الدكتور حلمي القاعود، أستاذ الأدب والنقد بكلية الآداب جامعة طنطا، وذلك يوم الثلاثاء 13 مايو 2025م عن عُمر يناهز 79 عامًا قضى زهرتها مخلصًا في حقل الدراسات الأدبية والنقدية والإسلامية، مشيدًا بنتاجات المبدعين الأصلاء الذين تحتفي إبداعاتهم بالقيم والمبادئ الرساليّة، فكان بحثه الأشهر: محمد -صلي الله عليه وسلم- في الشعر الحديث، وقد كان مرجعًا لي في بعض مباحث رسالتي للماجستير، وجاء كتابه الفارز لشعراء السبعينيات "الورد والهالوك" منوِّهًا بمن رأي فيهم الألمعية والسطوع من ذوي الأقلام الصادقة، وإن أغفلتهم الأضواء، ومشيرا على الجانب الآخر إلى بعض من صنعت الدعايات لهم شهرة بلا أحقيّة، فتوقّع لهم خفوتا وإدبارًا.".
وأضاف "وللدكتور القاعود كتبه الأخرى التي نيّفتْ على تسعين كتابًا تتوزع بين كتب الأدب والنقد(37 كتابا)، والروايات والقصص(14 رواية وقصة)، والسرديات(3)، والتحقيقات (4)، والإسلاميات والفكر السياسي (36 كتابا)، والإعلام وقصص الأطفال.".
وعن ملامح شخصيته نشر صورا له معه، وأوضح "ترافقنا معا في رحلة إلى الأردن للمشاركة في مؤتمر رابطة الأدب الإسلامي العالمية، في مارس 2013م، وكان بصحبتنا أ.د. سعد أبو الرضا، رحمه الله، أستاذ الأدب بجامعة بنها، والدكتور عبدالحكيم الزبيدي، الأديب والناقد الإماراتي، والأستاذ الدكتور عبدالحميد الحسامي، الأستاذ اليمني بالجامعات السعودية، وآخرون في رحلة دامتْ خمسة أيام تقريبًا، كان فيها الأستاذ والوالد والموجّه.
رحمَ الله أستاذنا الدكتور حلمي القاعود، وأسبغَ عليه فيوضات رحمته، وأسكنه فسيح جنّاته، وألهم ذويه صبرا جميلا، وخالص عزائنا لأسرته ومحبيه من طلبة العلم.".
https://www.facebook.com/photo/?fbid=24011801301759204&set=pcb.24011825025090165
الهوية الإسلامية
الطالب والأكاديمي د. حاتم سلامة وتحت عنوان "وداعا فارس المواجهة وبطل الهوية الإسلامية" قال: "لازلت أذكر حالي وأنا في شرخ الشباب، حينما أشتري مجلة او جريدة يكتب فيها الدكتور حلمي القاعود، أذكر أن هيامي كان عظيما بالصحيفة، وأسارع لأنزوي في ركن من الأركان، لأنفرد بمقال القاعود ليكون أول ما أقرأ من الموضوعات المتنوعة، لقد كانت مقالاته تمثل جرعة دسمة من الحقيقة المتدثرة بالحماس والصولة والصلابة".
وأضاف "كان أسلوب الرجل فيه من القوة ما يعجبني، ومن الجرأة ما ينشيني كنت أحب القراءة له كثيرا. . وأنا فوق هذا أعده علامة من علامات الدعوة إلى الإصلاح الإسلامي، وبطلا من أبطال الهوية الدينية، والرجل بكتاباته الفكرية والأدبية العظيمة، كان أحد المناهل التي تربيت عليها واستقيت منها معارفي عبر مسيرتي التثقيفية، حيث رأينا فيها الوعي كاملا بقضايا الأمة ومشكلاتها وطموحاتها، ناهيك عن الشعور الذي يلمسه الكاتب من خلال السطور بغيرة الكاتب وجرأته في المناورة والمواجهة لمخططات الخصوم. ".
وتابع: "أزعم أن من أراد الفهم والوعي للواقع المعايش لا يمكن أن يتحقق له ذلك إلا بالمرور على كتابات الدكتور حلمي القاعود والتعرف على آرائه ونظريته وحلوله المقدمة لكل المشكلات. ".
وأوضح أن "الرجل قامة ثقافية كبرى ومن أساتذة الفكر والنقد الأدبي البارعين، لكن المجال لا ينفسح أمامه لأن هناك من يرفضون هويته الإسلامية واعتزازه الكبير بثقافته العربية، ورفضه لتيارات التغريب التي تريد هضم التراث الإسلامي وجوده وحقه وقد كان غصة مرة في حلوقهم.. لم يستطع التجاهل أن يقزم من وجود القاعود، أو يقضي على حضوره، لأن قلمه البتار ووعيه الرصين كان عصيا على كل محاولات التهميش.. فإذا به يفسح لنفسه بقوة القلم مكانا في مواجهة الشمس، يبادلها نورا بنور وضياء بضياء. ".
وأشار إلى أن "الدكتور القاعود ممن علمونا فقه المواجهة، فلم نره يومًا منشغلا بتوافه الأمور وصغائر الموضوعات، التي تطرح أحيانا بقصد الالهاء والتضليل والتعمية والخداع، وإنما كان دوما في طرحه كبيرا وعظيما يعرف هدفه وغايته، ويصوب بقلمه وفكره على العلل والمشكلات المباشرة التي تتفشى في حياة الأمة".
ونبه إلى أن الراحل القاعود "..لم يأخذ حقه اللائق به وهو من فرسان الأصالة الإسلامية، ويفوق بعلمه وقلمه كثيرا من البغاث الذي يملأ حياتنا زيفا وزورا وبهتانا، الدكتور القاعود من رموز الجيل العظيم، جيل المواجهة الذي شكل حائط الصد الإسلامي في العقود الأخيرة. . كان يمكن للرجل أن يهرول إلى الدنيا، وأن يسعى لمجده الشخصي، ويحقق مزيدا من الجاه والسمعة والذكر، لكن تمسكه برسالته وقيمه كان أعز عليه من كل رفعة رخيصة، لأنه يعلم ان الرفعة الحقيقية أن يكون جنديا من جنود الله، وليس عبدا من عبيد الدنيا الفانية الرخيصة. ".
https://www.facebook.com/hsalama.salama/posts/pfbid029FTtQiHZAPaiVFufNWpDNHZzhRuSGoc6rxRwYHtKQuD255F33fcLW2B4mVcmz4WXl
وولد الدكتور حلمي القاعود في قرية المجد مركز الرحمانية بمحافظة البحيرة في 5 إبريل 1945 ..
وحاز على جائزة المجمّع اللغوي بالقاهرة 1968 وجائزة المجلس الأعلى للثقافة 1974م.
وعَمِلَ أستاذًا مشاركًا بكلية المعلمين بالرياض (1989 ـ 1994م).
وحصل على شهادة الدكتوراه في البلاغة والنقد الأدبي والأدب المقارن من كلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة عام 1984.
وعمل رئيسًا لقسم اللغة العربية بكلية الآداب ـجامعة طنطا (2000-2004م).
وتم تكريمه في اثنينية عبد المقصود خوجة بمدينة جدة 2005.
كما أنه عضو هيئة التدريس في كلية الآداب بجامعة طنطا (قسم اللغة العربية).
وأثرى المكتبة العربية بعشرات الكتب التي تنوعت بين الإبداع والنقد الأدبي والفكر الإسلامي والكتابة للأطفال ..
صدر عن دار النابغة للنشر والتوزيع ، كتاب "علي شاطئ المجد .. دراسات وشهادات مهداة للدكتور حلمي محمد القاعود ، بمناسبة بلوغه السبعين" ، إعداد وتقديم / أبو الحسن الجمال.