وجه رجل الأعمال نجيب ساويرس انتقادات علنية للجيش المصري، داعيًا إلى انسحابه من المجال الاستثماري والاقتصار على دوره الأمني والدفاعي، الأمر الذي قوبل بهجوم إعلامي عنيف، أبرزهم النائب والإعلامي مصطفى بكري الذي اتهمه بـ"التحريض على الجيش والتماهي مع خطاب الجماعات المعادية للدولة".
"الجيش ينتج البسكويت.. وتركيا تطور المسيرات"
وجاءت تصريحات ساويرس خلال مقابلة أجراها في جامعة هارفارد بالولايات المتحدة، حيث عبّر عن قلقه من تغوّل المؤسسة العسكرية على النشاط الاقتصادي المدني في مصر، مشيرًا إلى أن دخول الجيش في قطاعات مثل "الجمبري والبسكويت والمياه المعدنية"، بينما تركز الجيوش الأخرى – مثل الجيش التركي – على تصنيع الطائرات المُسيّرة والدبابات والمدرعات، يمثل مفارقة مقلقة.
وأضاف ساويرس أن وجود الجيش كمنافس اقتصادي يثير مخاوف المستثمرين المحليين والأجانب، نظرًا لأنه لا يخضع لنفس شروط السوق الحر من حيث الضرائب والتأمينات وأجور العمالة، ما يخلق بيئة "غير عادلة"، بحسب وصفه.
ورغم أن هذه الانتقادات ليست جديدة من رجل الأعمال المعروف، فقد جاءت هذه المرة في لحظة سياسية حرجة تشهد فيها البلاد أزمة اقتصادية حادة، وتعتمد الحكومة فيها بشكل واسع على الجيش في تنفيذ المشروعات القومية، خاصة في قطاعات البنية التحتية والعقارات.
اقتصاد الجيش.. رقم غير معروف ونفوذ متنامٍ
وتحت حكم عبد الفتاح السيسي، توسع دور الجيش في الاقتصاد بشكل لافت. وبينما أعلن السيسي في عام 2016 أن حصة الجيش لا تتجاوز 2% من الاقتصاد، فقد أعرب في نفس المناسبة عن أمله بأن تصل تلك النسبة إلى 50%. لكن حتى اليوم، لا تصدر أية بيانات رسمية مفصلة عن حجم الأنشطة الاقتصادية للمؤسسة العسكرية.
ويرى ساويرس أن الاقتصاد شهد دفعة بفعل الإنفاق الحكومي على مشروعات كبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة والطرق، لكنه يؤكد أن "شركات القطاع الخاص هي التي تنفذها فعليًا"، ومع ذلك تبقى المنافسة مع الجهات الحكومية والعسكرية غير متكافئة، ما يدفعه في بعض الأحيان إلى "الامتناع عن التقدم لمناقصات حكومية".
هجوم مضاد: بكري يتهم ساويرس بالتحريض على الجيش
في المقابل، قاد الإعلامي المؤيد لعبدالفتاح السيسي، مصطفى بكري حملة شرسة ضد ساويرس، واصفًا تصريحاته بأنها "تشويه متعمد للجيش المصري"، قائلاً: "من العيب أن تتحدث عن جيش بلدك بهذه الطريقة، هذا الجيش هو من أنقذ البلاد وهو من يحمي الأمن القومي المصري".
واتهم بكري ساويرس بـ"الازدواجية"، مشيرًا إلى أن شركاته – وعلى رأسها "أوراسكوم للإنشاء" – استفادت من عقود ضخمة مع الجيش المصري، وصلت قيمتها إلى 75 مليار جنيه خلال سبع سنوات، بحسب قوله.
وأضاف بكري أن الجيش "لا يسعى للسيطرة على الاقتصاد كما يروج البعض"، وأنه بدأ بالفعل "في الانسحاب التدريجي من بعض الأنشطة بعد إنجاز المهام المكلف بها"، مشيرًا إلى تعاون القوات المسلحة مع أكثر من 4500 شركة قطاع خاص في تنفيذ المشروعات.
اتهامات بالتماهي مع الإخوان.. وتصعيد إعلامي لافت
وفي تصعيد لافت، اتهم بكري ساويرس بتبني خطاب "متماهي مع الإخوان المسلمين"، قائلًا إن تصريحاته "تشبه ما يروج له الإخوان، وتتقاطع مع الحملات الصهيونية ضد الجيش المصري". كما زجّ باسم زوجة المرشح الرئاسي السابق أحمد الطنطاوي، البريطانية الجنسية، في سياق هجومه، ملمحًا إلى وجود "أجندة خارجية" وراء تصريحات ساويرس.
واختتم بكري حديثه بتوجيه نداء إلى الجهات السيادية في الدولة، متسائلًا: "إلى متى سيُترك هذا الشخص يتعمد الإساءة إلى جيش الوطن، درعه وسيفه؟!".
ساويرس يرد: لا أهاجم الجيش بل أدعمه
وبعد موجة الانتقادات، نشر ساويرس توضيحًا عبر حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، قال فيه: "إلى هواة الصيد في المياه العكرة، أعلمكم أن حديثي الأخير جاء لمحبتي وتقديري وحرصي على جيش مصر، ورغبتي أن يكون في صدارة جيوش العالم".
وأكد أن محاولات تأويل كلامه على أنه إساءة "لن تجدي"، مضيفًا: "أنا معروف بوطنيتي وحبي لمصر وتقديري لجيشنا العظيم".