في مقال نشره جوزيف مسعد على موقع ميدل إيست آي، يتناول الكاتب الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا، لا سيما تلك التي استهدفت ما زُعم أنه "جماعة متطرفة" هاجمت دروزاً سوريين، وادعت إسرائيل أنها "تدافع" عنهم.
جاء ذلك وسط تصاعد العنف الطائفي بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي على يد هيئة تحرير الشام.

رغم وعود الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع بحماية الأقليات، بدأت السلطات بفرض قيود "إسلامية سنية" على المناهج والنقل العام، بالتزامن مع استمرار العنف من جماعات تابعة للدولة وميليشيات مستقلة.
في هذا السياق، رأت إسرائيل فرصة لتعميق مشروعها القديم القائم على استغلال الانقسامات الطائفية في فلسطين والدول العربية المجاورة، بهدف تقسيمها إلى كيانات طائفية، في إطار سياسة استعمارية تستند إلى "فرق تسد".

منذ عشرينيات القرن الماضي، سعت الحركة الصهيونية إلى استمالة الدروز الفلسطينيين، واعتبرتهم لاحقاً أداة محتملة للتوسع في لبنان وسوريا.
خلال فترة الانتداب البريطاني، حاولت السلطات البريطانية – بالتنسيق مع الصهاينة – فصل الدروز عن باقي الفلسطينيين، ووصفتهم بخرافات استعمارية مثل أنهم "سلالة صليبية بيضاء" تميزهم عن العرب.

رغم صغر حجمهم، شجّع البريطانيون إنشاء جمعيات طائفية مثل "جمعية الاتحاد الدرزي" عام 1932.
دعمت الحركة الصهيونية فصيلاً درزياً معيناً وشجّعت الخلافات داخل المجتمع الدرزي الفلسطيني، لكنها فشلت في استمالة الغالبية التي ظلت متمسكة بالهوية الوطنية، مثل عائلة طريف.

خلال الثورة الفلسطينية الكبرى (1936-1939)، جنّدت بريطانيا والصهاينة شخصيات درزية مثل حسن أبو ركن لكبح الثورة.
قُتل أبو ركن بيد الثوار باعتباره متعاوناً، لكن الصهاينة استغلوا الحدث للترويج لرواية طائفية.
حاولوا في الوقت ذاته إقناع الزعيم السوري سلطان الأطرش بخطة لنقل الدروز إلى شرق الأردن، مقابل الأراضي الدرزية في فلسطين، لكنه رفض التحالف معهم.

بحلول عام 1948، استغل الصهاينة حالة اليأس في أوساط المقاتلين الدروز لاستقطاب بعضهم.
ومع تأسيس إسرائيل، اعترفت بالدروز كطائفة منفصلة، وعيّنت لهم محاكم دينية خاصة، ثم صنّفتهم كهوية "درزية" وليست "عربية"، رغم استمرار التمييز ضدهم ومصادرة أراضيهم.

رغم نجاح إسرائيل في استمالة بعض القادة الدروز الفلسطينيين، وفرض التجنيد الإجباري عليهم، ظل كثيرون في المجتمع الدرزي يقاومون الاحتلال، من أبرزهم الشاعر سميح القاسم، والروائي سلمان ناطور، والشاعر سامي مهنا، والمؤرخ قيس فرو.

اليوم، تحاول إسرائيل تكرار النموذج مع دروز سوريا مستغلة الاضطرابات، لكن قادة الطائفة هناك يرفضون المشروع الإسرائيلي ويتمسكون بهويتهم السورية، حتى وهم ينتقدون النظام الجديد ذي الطابع الإسلامي الطائفي.

يختتم الكاتب بأن سعي إسرائيل لتفكيك وحدة العرب لم يتوقف، وأن مشاريعها الطائفية القديمة تجد طريقها من جديد في ظل الفوضى الإقليمية.

https://www.middleeasteye.net/opinion/israel-aggression-syria-advances-century-long-zionist-strategy-co-opt-druze