كشفت وكالة رويترز نقلاً عن خمسة مسؤولين مطلعين أن الولايات المتحدة والاحتلال الاسرائيلي ناقشا في مشاورات "رفيعة المستوى" إمكانية تشكيل إدارة مؤقتة لقطاع غزة بقيادة مسؤول أميركي، تتولى الإشراف على القطاع عقب الحرب، في خطوة قد تفتح أبواباً لصدامات سياسية وقانونية وشعبية أوسع، وتغرق واشنطن أكثر في مستنقع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. إدارة مؤقتة.. بلا جدول زمني وفقًا للتسريبات، تركزت المشاورات بين الجانبين الأميركي والإسرائيلي على تشكيل "حكومة انتقالية" تقودها واشنطن، بهدف الإشراف على غزة حتى نزع سلاحها وتهيئة الظروف لظهور "إدارة فلسطينية قادرة على العمل". ولم تُحدد مدة بقاء هذه الإدارة المؤقتة، إذ سيُربط مصيرها بمدى استقرار الوضع الميداني والسياسي في القطاع. وتشبه هذه الخطة -وفق وصف المصادر- "سلطة التحالف المؤقتة" التي شكّلتها واشنطن في العراق بعد غزوه، وتولت إدارتها بول بريمر. هذه السلطة اعتُبرت حينها من قبل شريحة واسعة من العراقيين قوة احتلال، وفشلت في تحقيق الاستقرار، لتُنقل السلطة بعدها لحكومة عراقية انتقالية عام 2004 عقب تصاعد التمرد. بدون حماس والسلطة.. وبمشاركة تكنوقراط أشارت التسريبات إلى أن الخطة تستبعد كليًا إشراك حركة حماس أو السلطة الفلسطينية، رغم أن الأولى تسيطر فعليًا على غزة، والثانية تمثل المرجعية السياسية المعترف بها دوليًا. وبدلاً من ذلك، تقترح إشراك "تكنوقراط فلسطينيين" في الإدارة، وسط حديث عن دعوة دول أخرى للمشاركة في الهيئة دون تسميتها. في المقابل، لم تثمر المشاورات حتى الآن عن تحديد أسماء أو هياكل واضحة للإدارة المزمع إنشاؤها، كما لم تُعرف الجهة التي قدمت الاقتراح الأصلي، وسط تكتم رسمي أميركي وإسرائيلي على تفاصيل المداولات. واشنطن ترفض التعليق.. وتخوف من "مظهر الاحتلال" ورغم الضجة التي أثارتها التسريبات، اكتفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية بالقول إن واشنطن "لا تزال ملتزمة بالسلام" و"الإفراج عن الرهائن"، دون التعليق على خطة الإدارة المؤقتة. غير أن مصادر تحدثت لـرويترز حذّرت من أن تبنّي مثل هذا المقترح قد يحمل مخاطر جمة على الولايات المتحدة، أبرزها ظهورها بمظهر "القوة المحتلة" في غزة، ما قد يؤدي إلى موجة رفض شعبي فلسطيني، وغضب في المنطقة من حلفاء وخصوم واشنطن على حد سواء. اقتراحات إقليمية.. ورفض فلسطيني إلى جانب الطرح الأميركي، كشفت الوكالة أن الإمارات اقترحت تشكيل تحالف دولي لإدارة غزة، شرط إشراك السلطة الفلسطينية ووجود مسار واضح نحو إقامة دولة فلسطينية، في حين ترفض القيادة الإسرائيلية، بمن فيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أي دور للسلطة في القطاع، معتبرة أن الأولوية القصوى هي ضمان الأمن ومنع عودة "التهديدات". وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، غدعون ساعر، قد تحدث سابقًا عن "مرحلة انتقالية" تشرف عليها هيئة دولية تضم "دولاً عربية معتدلة"، دون ذكر أسماء، مشددًا على أن إسرائيل لا تسعى للسيطرة على الحياة المدنية في غزة، بل على ضمان الأمن فقط. أما في غزة، فكان الرد حاسمًا، إذ رفض مدير مكتب الإعلام الحكومي إسماعيل الثوابتة أي إدارة أجنبية للقطاع، مؤكدًا أن "الشعب الفلسطيني وحده هو من يملك حق اختيار من يحكمه"، في رفض واضح ومباشر لأي خطة تمسّ السيادة الفلسطينية على القطاع.