رغم الانتقادات الواسعة، وافق برلمان السيسي نهائيًا في جلسته المنعقدة الثلاثاء 15 إبريل 2025 على مشروع قانون العمل الجديد، الذي تقدمت به حكومة السيسي.

ومر قانون العمل بمراحل مناقشة وتعديل، وانتقدته منظمات حقوقية ونقابية (أبرزها دار الخدمات النقابية والعمالية) وأحزاب معارضة ومنها (الاشتراكيون الثوريون)، معتبرين أن القانون لا يحقق التوازن المطلوب بل يهدر حقوق العمال أمام أصحاب الأعمال.

وعلى الرغم من إقرار القانون، إلا أن الاعتراضات المستمرة في كريازي والنساجون الشرقيون ووبريات سمنود وسيرامكا إينوفا وغيرها تشير إلى ضرورة إعادة النظر في بعض بنوده لضمان تحقيق توازن حقيقي بين حقوق جميع الأطراف المعنية.

 

أبرز الاعتراضات

واعترضت المنظمات والحقوقيون على:

- غياب الحوار المجتمعي الشامل مع جميع الأطراف المعنية، حيث تم تمرير مشروع القانون في نطاق ضيق داخل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب دون إشراك ممثلي العمال المستقلين.

-  القانون تجاهل ولم يعالج ثغرات قانون العمل الحالي رقم 12 لسنة 2003، ولم يستجب للمستجدات الاقتصادية والاجتماعية التي طرأت على سوق العمل.

- تقليص نسبة الـ 1% التي كانت تخصص لصندوق التدريب والتأهيل إلى 0.25%، مما يفرغ الضمانات الوظيفية من مضمونها، ويترك العمال دون استقرار مهني.

- استثني القانون عمال الخدمة المنزلية المصريين من الحماية القانونية، بينما يمنح امتيازات لعمال الخدمة المنزلية الأجانب، ما يشكل تمييزًا غير دستوري.​

وقال (تحالف أمانات عمال الأحزاب والنقابات) إن مشروع القانون انتكاسة خطيرة لحقوق العمال، حيث يمنح أصحاب العمل صلاحيات أوسع على حساب حقوق العمال.

وأضاف أن هناك تساؤلات حول تأثير ذلك على تطوير مهارات العمال وعن تعزيز المشروع من دور شركات الوساطة التي تتعاقد مع العمال لفترات قصيرة قابلة للتجديد.

 

مؤيدو القانون

وأيد نواب أحزاب موالية للسلطة العسكرية مشيرين إلى أن مشروع القانون يهدف إلى تحديث التشريعات العمالية بما يتماشى مع المتغيرات الجديدة في سوق العمل، ويعزز من دور الحوار الاجتماعي بين أطراف الإنتاج!

وأضافوا أن القانون يتضمن موادًا تتعلق بتنظيم ساعات العمل، وتحديد الحد الأدنى للأجور، وتوسيع اختصاصات المجلس القومي للأجور، بالإضافة إلى حقوق المرأة العاملة، بما في ذلك إجازات الوضع ورعاية الطفل.

 

ساعات العمل والحد الأدنى

ويعتبر العمال أن قرار تحديد ساعات العمل بـ8 ساعات، هو أشبه إلى حد كبير بالحد الأدنى للأجور والذي طالبت به عشرات الشركات في العبور والعاشر والسادات والمحلة إلى رفعه وفق القانون وهو 7 آلاف جنيه شهريًا للعامل المسجل مع مراعاة الأقدمية والخبرة والتأهيل.

وفي تصريحات صحفية قالت أستاذة الصحة العامة بكلية طب القصر العيني إن الدراسات العلمية الحديثة تشير إلى أن ساعات العمل الطويلة تزيد من احتمالات إصابة العامل بمشاكل صحية بنسبة تصل إلى 25%.

وأوضحت أن المشكلات الصحية غالبًا ما تبدأ على الصعيد النفسي قبل أن تصبح جسدية، حيث أظهرت الأبحاث أن الأزمات العقلية مثل الاكتئاب والقلق تكون أكثر شيوعًا بين من يعملون لأكثر من 11 إلى 12 ساعة يوميًا.

وقالت إن الأشخاص الذين يعملون لأكثر من 10 ساعات يوميًا يعانون عادة من اضطرابات في النوم وضعف الإدراك وصعوبة في التذكّر. واستندت إلى دراسات علمية تُظهر أن العمل لساعات طويلة - أكثر من 11 ساعة - يعرض العامل للاكتئاب، بالإضافة إلى خطر الوفاة المفاجئة نتيجة طبيعة العمل ونمط الحياة غير المستقر

وفي دراسة نشرها المعهد العربي لعلوم السلامة في إبريل 2023، أن زيادة عدد ساعات العمل تؤدي إلى ارتفاع معدلات الإصابات أثناء العمل. فقد راجعت الدراسة حوالي 110 آلاف سجل وظيفي بين عامي 1987 و2000، ووجدت أن العمل لمدة 12 ساعة يوميًا يزيد من مخاطر التعرض للإصابات بنسبة 37%. أما العمل لمدة 60 ساعة أو أكثر في الأسبوع، فيزيد المخاطر بنسبة تصل إلى 23%.

وتقول تقديرات منظمة الصحة العالمية، إن العمل لساعات طويلة (تزيد عن 50 ساعة أسبوعيًا) يتسبب في أعباء صحية خطيرة، أبرزها السكتات القلبية والدماغية. وقدرت المنظمة أن إجمالي وفيات مرضى القلب عالميًا يبلغ نحو 9.4 مليون حالة، من بينها 346.7 ألف حالة ناجمة عن ساعات العمل الطويلة.