ظهر الشاب أحمد صلاح عبد الله قرني، البالغ من العمر 32 عامًا، أمام نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس، بعد اختفاء قسري دام قرابة خمس سنوات، عقب اعتقاله تعسفيًا في محافظة الفيوم عام 2020.

ووفقًا لما وثقته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، فإن أحمد، خريج كلية العلوم بجامعة الفيوم، وأخصائي تحاليل طبية، كان قد اُعتقل من أحد الكمائن الأمنية بمدينة الفيوم، أثناء توجهه مع زميل له إلى معمل تحاليل يعملان به، في 11 يونيو 2020. وبعد يوم واحد، أُفرج عن مرافقه، بينما اختفى أحمد تمامًا، وانقطعت أخباره طوال السنوات التالية، رغم كل البلاغات التي قدمتها أسرته.
 

سنوات من الإنكار الرسمي والصمت الأمني
   طوال سنوات الإخفاء، أنكرت وزارة الداخلية علاقتها باعتقال أحمد أو احتجازه، رغم شهادات شهود عيان أكدوا رؤيته أثناء القبض عليه، وأخرى من معتقلين سابقين أفادوا بمشاهدته داخل مقرات تابعة لجهاز الأمن الوطني بالفيوم، كما رفضت الجهات الرسمية الرد على عشرات البلاغات التي تقدمت بها الأسرة، سواء إلى النيابة العامة أو إلى وزارة الداخلية ومجلس الوزراء.

في مفارقة مؤلمة، تقول الأسرة إن أحمد كان قد استخرج صحيفة الحالة الجنائية قبل أقل من شهر من اختفائه، وجاءت خالية من أي إدانات أو ملاحقات أمنية، كما حصل قبلها بفترة على حكم بالبراءة في قضية لم يكن يعلم تفاصيلها. كذلك، كان قد تعرض لتوقيف سابق في محيط جامعة الفيوم، ثم أُفرج عنه في اليوم التالي، دون اتهامات.
 

الظهور المفاجئ أمام النيابة.. باتهامات فضفاضة
   بعد خمس سنوات من الغياب، ظهر أحمد فجأة أمام نيابة أمن الدولة العليا، التي قررت حبسه احتياطياً بتهمة "الانتماء إلى جماعة إرهابية"، دون تقديم أي أدلة علنية، وتم ترحيله إلى سجن بدر 3، أحد أكثر السجون تشددًا، مع منعه من الزيارة، بحسب الشبكة المصرية.

أحمد، الذي كان يبلغ ابنه ثلاث سنوات عند اعتقاله، أصبح اليوم في الثامنة من عمره، وقد نشأ محرومًا من وجود والده، الذي كان يعمل أيضًا مندوبًا للمبيعات في شركة أدوية إلى جانب عمله في التحاليل الطبية.
 

الإخفاء القسري في مصر.. ظاهرة مستمرة بلا رادع
   حالة أحمد ليست استثناءً، بل جزء من نمط متكرر من الإخفاء القسري، حيث يتم توقيف واحتجاز أفراد دون الإعلان عن مكانهم أو مصيرهم.
وفقًا لـمركز الشهاب لحقوق الإنسان، تم توثيق 2456 حالة إخفاء قسري في عام 2023 وحده، بينما بلغ عدد المختفين قسريًا منذ عام 2013 أكثر من 17 ألف شخص، بينهم ما لا يقل عن 300 شخص ما زالوا قيد الإخفاء حتى اليوم.

ووفقًا لحملة "أوقفوا الاختفاء القسري"، فإن أكثر من 4 آلاف حالة إخفاء قسري تم توثيقها خلال السنوات الثماني الماضية، بفترات احتجاز تراوحت بين أيام وسنوات، غالبًا داخل مقار غير رسمية، وأحيانًا دون أي محاضر احتجاز أو قرارات قضائية.
 

مطالبات بالكشف عن المصير ومحاسبة المسؤولين
   دعت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان النائب العام المستشار محمد شوقي عياد إلى التحرك العاجل للكشف عن مصير مئات المختفين قسريًا، والإفراج عنهم أو تقديمهم إلى محاكمات عادلة، إن وُجدت أدلة قانونية ضدهم. كما طالبت بضمان احترام أحكام الدستور والتزامات مصر الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

https://www.facebook.com/ENHR2021/posts/695854216128974?ref=embed_post