فجرت لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب قضية غياب الرقابة على دخول كبار العاملين في الجهاز الإداري للدولة، عبر انتقاد صريح لعدم تفعيل الحد الأقصى للأجور، وهو القانون الذي أُقر قبل أكثر من عقد، دون أن يجد سبيله للتطبيق الفعلي حتى اليوم.
وفي الجلسة العامة التي انعقدت أمس الأحد، طالبت اللجنة البرلمانية بتفعيل توصية سابقة بتشكيل لجنة مشتركة من الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية ووزارة المالية، تتولى حصر المبالغ التي تتجاوز الحد الأقصى لدخول العاملين بالدولة.
ورغم أن التوصية قُدمت رسميًا في دورات برلمانية سابقة، إلا أن اللجنة أقرت بأن التفعيل لم يتم، لأسباب لم يُعلن عنها رسميًا، وهو ما دفع رئيس البرلمان حنفي جبالي للتساؤل عن مصير اللجنة المقترحة، وما إذا كانت هناك خلافات في الرؤى بين الجهات المعنية حالت دون تنفيذ القرار.
قانون بلا تطبيق.. وأجور تتضخم
ينص القانون رقم 63 لسنة 2014 على ألا يتجاوز دخل أي موظف حكومي 35 ضعف الحد الأدنى للأجور، وهو ما يعادل – حاليًا – سقفًا شهريًا قدره 42 ألف جنيه.
ومع ارتفاع الحد الأدنى للأجور تدريجيًا من 1200 جنيه في 2014 إلى 7000 جنيه في الوقت الراهن، بات السقف الأعلى أعلى أيضًا، لكن من دون أدوات رقابية واضحة لضمان الالتزام به، ما يفتح الباب لرواتب ومكافآت غير منضبطة، خاصة في المؤسسات الكبرى والهيئات المستقلة.
وكشفت بيانات الحساب الختامي، أن بند الأجور وتعويضات العاملين شهد قفزة كبيرة ليصل إلى 516.2 مليار جنيه، مقارنة بـ412.4 مليار في العام السابق، أي بزيادة تناهز 25%.
لكن المفارقة أن هذا الرقم الضخم لا يمثل سوى 15% من إجمالي مصروفات الموازنة، التي تهيمن عليها كلفة خدمة الدين العام.
العجز يتسع والدين يتضخم
ارتفع العجز الكلي في الموازنة ليبلغ 824.8 مليار جنيه خلال العام المالي الماضي، بزيادة 35.2% عن العجز المُسجل في العام السابق.
وتوضح البيانات أن هذا العجز تفاقم تحت وطأة الارتفاع السريع في كلفة الدين العام، الذي أصبح التحدي الأكبر أمام الاستقرار المالي.
فقد بلغ الدين العام المحلي في منتصف عام 2024 نحو 8.7 تريليون جنيه، مقارنة بـ7.1 تريليون في العام السابق،
وتُعزى هذه القفزة بشكل أساسي إلى التوسع في إصدار أذون الخزانة – وهي أدوات دين قصيرة الأجل – التي ارتفعت من نحو 2.2 تريليون إلى 4.2 تريليون جنيه خلال عام واحد فقط.
أما الدين الخارجي، فقد سجل هو الآخر رقمًا ضخمًا بواقع 3.7 تريليون جنيه، وبلغ إجمالي الدين العام إلى الناتج المحلي نحو 82.5%، وهو ما يضع البلاد على حافة مستويات الخطر من حيث القدرة على السداد، خصوصًا في ظل ارتفاع الفوائد وانخفاض الموارد الدولارية.