كشف موقع "الراكوبة" السوداني عن زيارة سرّية أجراها ضابط رفيع مقرّب من قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان إلى تل أبيب الأسبوع الماضي، في إطار مساعٍ لإعادة تحريك ملف التطبيع مع إسرائيل، وتهدئة التوترات المتصاعدة مع أبوظبي.
مبعوث البرهان السري.. مهمة مزدوجة بين التطبيع والوساطة الإقليمية
وبحسب ما نقله الموقع عن مصدر عسكري مطّلع – فضّل عدم ذكر اسمه – فإن الفريق الصادق إسماعيل، المدير السابق لمكتب القائد العام، والذي عُيّن لاحقًا مبعوثًا خاصًا للبرهان بعد ترقيته لرتبة فريق، زار إسرائيل في مهمة وُصفت بـ"السرّية للغاية"، ولم يتم الكشف عنها حتى انتهائها بالكامل.
المصدر ذاته أفاد أن إسماعيل حمل رسائل مباشرة من البرهان إلى الحكومة الإسرائيلية، على رأسها الرغبة في استكمال خطوات التطبيع العالقة منذ سنوات، مقابل دعم سياسي وعسكري يعزز موقف الجيش في الحرب الدائرة منذ نحو عامين ضد قوات "الدعم السريع".
إسرائيل أولاً... ثم أبوظبي
لم تقتصر مهمة مبعوث البرهان على محور التطبيع فقط، بل شملت أيضًا محاولة تبريد الأجواء المتوترة مع الإمارات، والتي تتهمها الخرطوم علنًا بدعم قوات "الدعم السريع" بالسلاح والتمويل.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تتزايد فيه عزلة السودان إقليميًا ودوليًا، خاصة بعد التقارب الأخير مع إيران، والذي أثار استياء كل من إسرائيل وأبوظبي على حد سواء.
المبعوث السوداني حاول، بحسب ذات المصدر، طمأنة الإسرائيليين بأن التوجه نحو طهران كان اضطرارياً، نتيجة شحّ الدعم العسكري الغربي والإسرائيلي، مؤكدًا أن البرهان لا يزال يعتبر إسرائيل شريكًا استراتيجيًا، وأنه على استعداد للوفاء بأي التزامات تُسرّع من إتمام الاتفاق.
البرهان: إسرائيل خذلتني
ونقل المصدر عن البرهان – عبر مبعوثه – شعوره بخيبة أمل تجاه ما اعتبره "عدم تعاون" من تل أبيب خلال فترة حرجة من عمر الحرب.
وأوضح أن البرهان كان يأمل في تلقي دعم عسكري نوعي من إسرائيل في بدايات النزاع مع "الدعم السريع"، الأمر الذي لم يتحقق، ما اضطره إلى طرق أبواب طهران.
واعتبر البرهان أن التعاون مع إسرائيل، والذي بدأ قبل خمس سنوات، لم يُترجم إلى خطوات ملموسة على الأرض، لا سيما في ما يخص الدعم العسكري والمواقف السياسية في المحافل الدولية.
تصعيد قانوني ضد الإمارات في مجلس الأمن
تزامنًا مع هذه التحركات، كانت بعثة السودان لدى الأمم المتحدة قد قدمت شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد الإمارات، متهمةً إياها بـ"دعم قوات الدعم السريع بشكل ممنهج"، ودعت إلى تحميل أبوظبي المسؤولية القانونية أمام محكمة العدل الدولية.
الشكوى، التي وصفت الدعم الإماراتي بأنه "تهديد مباشر للسلم الإقليمي والدولي"، تأتي في إطار حملة دبلوماسية تهدف إلى عزل الداعمين الإقليميين لقوات الدعم السريع، وتلميع صورة الجيش السوداني باعتباره "القوة الشرعية" في البلاد.
حرب مستعرة وحصيلة دامية
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، سقط أكثر من 20 ألف قتيل بحسب الأرقام الرسمية، فيما ترجّح دراسات جامعات أمريكية أن يكون العدد الحقيقي قد تجاوز 130 ألفًا.
كما تسببت الحرب في نزوح أكثر من 15 مليون شخص، ما يجعلها واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وفق توصيف الأمم المتحدة.