عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لطرح فكرة "تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة"، خلال لقائه برئيس وزراء الاحتلال الصهيوني، بنيامين نتنياهو، مساء أمس الاثنين في البيت الأبيض.
اللقاء الذي شهد تصريحات مثيرة للجدل، أعاد فتح ملف التهجير القسري كخيار مطروح على الطاولة، وسط تحذيرات من أن تتحول الخطة إلى نكبة فلسطينية جديدة تحت غطاء "السلام".

وخلال مؤتمر صحافي جمعهما في المكتب البيضاوي، أكد ترامب صراحة أن قطاع غزة "سيكون أفضل بدون سكانه"، داعياً إلى نقل الفلسطينيين إلى دول أخرى، وصفها بأنها "مستعدة للاستقبال"، دون أن يذكر أسماء.
واعتبر ترامب أن القطاع "قطعة رائعة من العقارات"، يمكن تحويلها إلى "منطقة حرة لا يُقتل فيها الناس يومياً"، مشيداً بما وصفه بـ"إعجاب الكثيرين بخطته" بخصوص غزة.
 

خطة بلا أسماء.. تهجير وتغيير هوية
   رئيس الوزراء الصهيوني لم ينكر الفكرة، بل شارك ترامب رؤيته، قائلاً إن "الناس تم حبسهم"، في محاولة للتنصل من مسؤولية الاحتلال الصهيوني عن حصار القطاع منذ أكثر من 17 عاماً.
وأكد أن "بعض الدول مستعدة لاستقبال سكان غزة"، في تصريحات تفتقر لأي تفاصيل ملموسة، وتثير تساؤلات حول مدى التنسيق الدولي وراء الكواليس، لإخراج هذه الخطة إلى حيّز التنفيذ.

ولم يكتف ترامب بطرح التهجير، بل اقترح تغيير اسم غزة إلى "أرض الحرية"، في خطوة رمزية تنذر بتجريد الفلسطينيين من هويتهم وحقوقهم التاريخية، متحدثاً عن إمكانية وجود "قوة دولية لحفظ السلام" بإشراف أميركي.
كما لوّح بخيارات إدارة القطاع أميركياً باعتباره "أمراً جيداً"، على حد وصفه.
 

هل نحن أمام نكبة جديدة؟
   تصريحات ترامب ونتنياهو تعيد إلى الواجهة سؤالاً كبيراً: هل يسعى الحليفان لإعادة إنتاج النكبة الفلسطينية بنسخة جديدة؟
فطرح خيار التهجير الجماعي في ظل الحرب المستمرة على غزة، وما يرافقها من دمار واسع وسقوط آلاف الضحايا، قد لا يكون مجرد ترفٍ سياسي، بل تمهيداً عملياً لتغيير ديمغرافي شامل يغيّر طبيعة الصراع من جذوره.

ورغم عدم ذكر الدول المرشحة لاستقبال سكان غزة، فإن مصادر متعددة كانت قد ألمحت سابقاً إلى ضغوطات تُمارس على دول عربية مجاورة، لقبول توطين مؤقت أو دائم للفلسطينيين، تحت ذرائع إنسانية أو اقتصادية.
 

صفقة الأسرى.. أم غطاء للعدوان؟
   في المؤتمر نفسه، ألمح نتنياهو إلى وجود اتفاق جديد يجري العمل عليه لتحرير الأسرى الصهاينة في غزة، في حين أكد ترامب أن "الرهائن أولوية"، لكنّه ربط انتهاء الحرب بملفهم، متجاهلاً حجم الضحايا في القطاع.
وقد أثنى على أداء نتنياهو في الحرب، واصفاً إياه بـ"القائد العظيم"، رغم الانتقادات الدولية الواسعة لانتهاكات الجيش الصهيوني بحق المدنيين.
 

إيران وتركيا.. رسائل ضمنية وسط التصعيد
   اللقاء لم يقتصر على غزة، بل شمل ملفات إقليمية حساسة، في مقدمتها البرنامج النووي الإيراني؛ إذ أعلن ترامب أن محادثات مباشرة جارية بين واشنطن وطهران، وأن اجتماعاً "مهماً" سيُعقد السبت المقبل.
تصريحات أثارت دهشة بعض المتابعين، خاصة في ظل التصعيد الصهيوني تجاه إيران، ورفض تل أبيب لأي اتفاق لا يضمن تفكيك كامل للقدرات النووية الإيرانية.

أما عن تركيا، فقد قال ترامب إنه أبلغ إسرائيل بأن "لديها مشكلة معها"، مؤكداً أنه يحتفظ بـ"علاقة رائعة مع أردوغان"، في إشارة ضمنية إلى قدرة واشنطن على لعب دور الوسيط بين الحليفين المتخاصمين، لا سيما في الملف السوري.
 

رسوم جمركية.. ونتنياهو يعد بإلغاء العجز التجاري!
   اقتصادياً، استغل نتنياهو اللقاء لطرح ملف العلاقات التجارية، وتعهد بـ"إلغاء العجز التجاري بين الاحتلال الصهيوني والولايات المتحدة"، مشيراً إلى أن تل أبيب رفعت آخر الرسوم الجمركية على الواردات الأميركية قبل الاجتماع.
لكن ترامب رفض أي استثناء لاحتلال الصهيوني من الرسوم الأميركية الجديدة، رغم كونها من أكبر المتلقين للمساعدات العسكرية الأميركية.