أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأميركية، مصطفى شاهين، أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نقل تصريحاته من حالة التهديد إلى الفعل، وقام بفرض رسوم جمركية مرتفعة على كل دول العالم.

وقال شاهين في تحليله " قنبلة ترامب النووية الاقتصادية... ماذا عن أسلحة العرب؟" المنشور في موقع "العربي الجديد": إن ترامب "لا يريد سوى البقاء والقوة للولايات المتحدة، ولتذهب باقي الدول إلى جحيم الركود والكساد والتضخم، ويذهب مواطنوها وأسواقها إلى مقبرة الغلاء والفقر والبطالة والجوع والمرض، لا يهم كل ذلك طالما أن "أميركا أولًا" وفي الصدارة، وأن تظل أميركا هي الدولة الأقوى اقتصاديًا وماليًا وتكنولوجيًا وصناعيًا، الأقوى نفوذًا وسيطرة، والمكتفية ذاتيًا من السلع والخدمات والثروات، المهيمنة على ثروات ومعادن ونفط العالم حتى لو بالقوة والبلطجة كما فعلت مع أوكرانيا، وتفعل مع كندا والمكسيك وبنما والدنمارك.

 

قنبلة نووية على النظام التجاري العالمي

 واستعار أستاذ الاقتصاد وصف كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي، كين روغوف، الذي قال: "إن ترامب ألقى للتو قنبلة نووية على النظام التجاري العالمي"، وإن احتمالات وقوع الولايات المتحدة في حالة ركود ارتفعت إلى 50%. كما ألقى بكرة لهب من المتوقع أن تحرق كل أسواق العالم وبلا استثناء.

ورأى شاهين أن ترامب لم يستثن أحدًا من رسومه الجمركية المبالغ فيها، والتي فرضها على 188 دولة وعلى كل واردات العالم الموجهة للأسواق الأميركية رغم تحذير الجميع الشديد من مخاطرها، ليس فقط على الاقتصاد العالمي وحركة التجارة وأسواق السلع والخدمات والمواد الخام والمعادن، بل على الاقتصاد والمستهلك الأميركي والأسواق المحلية التي بدأت تشهد بالفعل زيادة في أسعار سلع رئيسية منها السيارات الأوروبية.

وكشف أستاذ الاقتصاد أن ترامب يرى كل دول العالم أعداء للولايات المتحدة واقتصادها وشركاتها وأسواقها وقطاعها الصناعي والإنتاجي، وليسوا منافسين. لا فرق بين الصين التي تمثل تهديدًا حقيقيًا للاقتصاد الأميركي، والاتحاد الأوروبي الذي تجمعه بالولايات المتحدة مصالح سياسية واقتصادية وتجارية ضخمة، حتى شركاء الولايات المتحدة مثل اليابان والهند وكوريا الجنوبية ودول جنوب شرق آسيا أصابتهم لعنات رسوم ترامب الانتقامية، وتعرضت أسواقها وصادراتها لصدمة عنيفة.

 

ماذا يريد ترامب لأميركا؟

ويؤكد شاهين أن "الدولة التي تفرض سلعها ومنتجاتها وأسلحتها على كل حكومات وأنظمة دول العالم وبقوة الجمارك البديلة للسلاح. الدولة التي تعمل وبكل قوتها على أن يتحول الكل حول العالم إلى حظيرة خلفية لمصانعها وترسانتها الاقتصادية وأسواقها المالية وجشع أباطرة المال ومستثمري "وول ستريت"، تفرض أن يدور الجميع في فلكها لتظل صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، تتدفق كل أموال العالم على بنوكها وبورصاتها وشركاتها.

ويلخص أستاذ الاقتصاد ما يريده ترامب حقيقة من دول العالم، فيقول إن ترامب ببساطة لا يريد الشراكة مع أحد، والقنبلة الاقتصادية التي ألقاها أمس الأربعاء ستعيد للعالم أجواء فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث وقع الكساد العظيم والانهيار الكبير للاقتصاد والتضخم الجامح وتفشى الجوع والفقر والأمراض، وتقطعت أواصر التجارة الدولية، وأفلست الشركات الكبرى وتعثر قطاع الأعمال.

ويرى شاهين أن تلك الأجواء ستنتقل لا محالة إلى الدول العربية المعتمدة على الخارج في تموين أسواقها من السلع والأدوية والسلاح والديون والتكنولوجيا والمواد الخام. وسيكون المستهلك العربي هو المتضرر الأول ليس فقط من سياسات ترامب التجارية، بل من السياسات التي تطبقها حكوماتها في الاعتماد المطلق على أسواق الغير وفي المقدمة الأسواق الأميركية.