في تصعيد صهيوني خطير بحق أهالي سكان قطاع غزة  قال رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو إن الجيش الإسرائيلي "يغير توجهه" في غزة، ويقسم ويستولي على أجزاء أخرى من القطاع، وهي الخطوة التي يقول المراقبون إنها قد تعني أن إسرائيل قد تنشئ سيطرة أعمق وأطول أمدًا على الأرض.
 

الضغط على حماس
   
أعلنت إسرائيل أنها ستصعّد حملتها ضد حركة "حماس" في غزة حتى توافق على شروط مُعدّلة لوقف إطلاق النار، بينما تعهد وزير الدفاع بالسيطرة على "مناطق واسعة" من القطاع. 

وشهدت غزة حملة قصف مكثفة، حيث أعلنت وزارة الصحة في القطاع استشهاد ما لا يقل عن 100 شخص خلال 24 ساعة، ليصل إجمالي عدد الشهداء إلى 1163 منذ استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة في 18 مارس.

ولم يتضح بعد حجم الأراضي التي تستعد إسرائيل للاستيلاء عليها أو ما إذا كانت تدرس ضمها بشكل دائم، لكن نتنياهو أعطى بعض التلميحات، وقال على وجه الخصوص إن قواته ستنتزع السيطرة على قطاع رئيسي آخر من الأرض.

وقال نتنياهو في خطاب مصور، الأربعاء: "في قطاع غزة، الليلة الماضية، غيّرنا مسارنا. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الأراضي، ويضرب الإرهابيين، ويدمر البنية التحتية". 

وأضاف: "نحن الآن نقسم القطاع ونزيد الضغط تدريجيًا، حتى يُسلمونا رهائننا. وما داموا لم يُسلموهم لنا، فسيزداد الضغط حتى يُسلموهم". 

وتابع قائلا: "نحن بصدد إنجاز أمر آخر: نسيطر على ممر مراد. سيكون هذا ممر فيلادلفيا الثاني، ممر فيلادلفيا إضافي".
 

ممر مراد
   
يشير ممر مراد إلى مستوطنة مرادالتي كانت تقع بين مدينتي خان يونس ورفح جنوب غزة. أما ممر فيلادلفيا، فهو شريط من الأرض بطول 14 كيلومترًا جنوب غزة على طول الحدود مع مصر، والذي استولت عليه إسرائيل أيضًا ولا تزال تحتله، فيما يعد نقطة خلاف رئيسية في مفاوضات وقف إطلاق النار.

قال خبراء، إن ممر مراد، وهو طريق تاريخي يربط معبر صوفا في غزة بمستوطنة موراغ السابقة، قد يصبح خطًا فاصلًا بين خان يونس ورفح إذا سيطرت عليه القوات الإسرائيلية.

وقالت منظمة "جيشاه"، وهي منظمة إسرائيلية لحقوق الإنسان تركز على حرية حركة الفلسطينيين، إنه حتى قبل العملية الحالية، كانت إسرائيل قد وسعت بالفعل سيطرتها على منطقة عازلة على طول حواف الجيب، تغطي ما يقرب من 52 كيلومترا مربعا على طول محيط القطاع بالكامل، أو 17٪ من إجمالي مساحته.

وقارن العقيد احتياط جريشا ياكوبوفيتش، الرئيس السابق للإدارة المدنية لتنسيق أنشطة الحكومة في الأراضي الفلسطينية، هذه الخطوة -التي تأتي أيضا في أعقاب عدد من أوامر الإخلاء للفلسطينيين- بإنشاء القوات الإسرائيلية في وقت سابق "منطقة عازلة " في شمال غزة، حيث أخلت القوات معاقل "حماس" وأقامت محيطًا أمنيًا بالقرب من مجتمعات الحدود الإسرائيلية.

توقع اللواء احتياط إيتان دانغوت، منسق أنشطة الحكومة السابق في الأراضي الفلسطينية، أن يكون الاستيلاء على ممر مراد بمثابة بداية لتقسيم غزة إلى ثلاثة أقسام واسعة من أجل المزيد من السيطرة.

وأضاف أن "هذا يعني أن إسرائيل أو الجيش الإسرائيلي ينفذ عملية واضحة للغاية من أجل إبقاء المناطق تحت السيطرة المحكمة من قبل القوات العسكرية التي تمنع الحركة من منطقة إلى أخرى".

وتابع قائلا إنه سيكون هناك سيطرة كاملة على حركة المرور المسموح لها بالدخول والعبور، وهذا يعني أنه إذا وافقت إسرائيل على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، فستكون السيطرة على القوافل أشد".

ورأى دانغوت أن التركيز على ممر مرادهو أيضًا "قرار سياسي يهدف إلى منح المتطرفين اليمينيين في الحكومة أملًا بأننا قد نعود إلى بعض المناطق (المستوطنات) كما كنا من قبل".

 وأضاف: "عندما تُنطق كلمة موراغ بصوت عالٍ، فهذا يعني العودة إلى فك الارتباط مع غوش قطيف".

كانت غوش قطيف تجمعًا استيطانيًا يضم عدة مستوطنات إسرائيلية، منها مستوطنة مراد الزراعية، جنوب قطاع غزة. بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة عام ٢٠٠٥، قرر رئيس الوزراء آنذاك أرييل شارون تفكيك غوش قطيف وإخلاء حوالي ٨٠٠٠ يهودي كانوا يعيشون فيها.
 

إخلاء رفح
   
وقال ياكوبوفيتش،، إن الجيش الإسرائيلي قد يسعى لإخلاء سكان رفح وتوسيع المنطقة العازلة الجنوبية. 

وأضاف أن "الحفاظ على هذه المناطق الحدودية يضغط على حماس ويحمي المجتمعات الإسرائيلية".

وفر مئات الآلاف من سكان مدينة رفح بقطاع غزة، الخميس، في واحدة من أكبر موجات النزوح الجماعي منذ اندلاع الحرب وذلك مع تقدم القوات الإسرائيلية داخل المدينة.

وبعد يوم من إعلان نيتها السيطرة على مساحات واسعة من القطاع، توغلت القوات الإسرائيلية في المدينة الواقعة على الطرف الجنوبي الذي كان بمثابة الملاذ الأخير للنازحين من مناطق أخرى خلال الحرب.
 

سحب الجيش المصري من سيناء
   
وفي الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل بإخلاء معظم مناطق مدينة رفح، تتطلب تفكيك البنية التحتية العسكرية المصرية في سيناء بزعم أنه انتهاك كبير للملحق الأمني في اتفاقية السلام.
واعتبر اللواء أركان حرب، هيثم حسين، المستشار بكلية القادة والأركان المصرية،أن "إسرائيل تتناسى أنها هي من ينتهك الملحق الأمني عبر تواجد قواتها في محور فيلادلفي (محور صلاح الدين) وسيطرتها على المعابر من الجانب الفلسطيني وعزمها توسيع عملياتها العسكرية لاحتلال أجزاء كبيرة من قطاع غزة بما فيها رفح خلال الأسبوعين القادمين".
إلى ذلك، يرى الخبير العسكري أن "إسرائيل تشدد على أنها لا تسعى إلى تعديل اتفاقية السلام مع مصر ولا تعتزم إعادة نشر قواتها على طول الحدود، لكن تصريحاتها هذه تناقض أفعالها على الأرض".
وأضاف أن "تل أبيب تحاول الضغط على مصر نتيجة معارضتها خطة تهجير الفلسطينيين وفي نفس الوقت تريد امتصاص الغضب المصري بتصريحها أنها لا تسعى إلى تعديل اتفاقية السلام ولا تعتزم نشر قواتها على طول الحدود".
وكان مسؤول أمني إسرائيلي كشف سابقا أن تل أبيب قدمت طلباً إلى القاهرة يتعلق بوضع الجيش المصري في سيناء، وضرورة سحب تعزيزاته.

يذكر أن مصر كانت وقعت مع إسرائيل في 26 مارس من العام 1979، معاهدة سلام، في أعقاب اتفاقية كامب ديفيد بين الجانبين عام 1978.

وتضمنت الاتفاقية وقف حالة الحرب، وتطبيع العلاقات، وسحب إسرائيل الكامل لقواتها المسلحة والمدنيين من شبه جزيرة سيناء، مع إبقاء المنطقة منزوعة السلاح.