كالمعتاد، لم يلتزم الصهاينة بشروط الاتفاقيات التي يوقعونها، حيث سرعان ما ينقضون وعودهم. فعلى الرغم من قبول رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة باتفاق وقف إطلاق النار، إلا أنه سرعان ما خرقه واستأنف العدوان العسكري على قطاع غزة.
أول مؤشر على نيته كان منع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، في انتهاك صارخ للاتفاق. ثم شن غارات جوية أدت إلى مقتل المئات من الفلسطينيين خلال ساعات، وقصف المستشفيات التي نُقلت إليها الجثث والجرحى. إنها جريمة أخرى تُضاف إلى سلسلة الجرائم التي يرتكبها هذا "المجنون" وعصابته المتطرفة ضد الفلسطينيين الصامدين، ما يجعل الإبادة الجماعية في غزة واحدة من أسوأ المجازر في التاريخ الحديث.
يسعى نتنياهو إلى تعويض فشله في تحقيق أهدافه المعلنة في هذه الحرب، وكسب نقاط سياسية تحميه من محاكمات الفساد التي تلاحقه. كما يريد إحكام السيطرة على النظام السياسي الإسرائيلي لصالح الأجندة اليمينية المتطرفة، مما يفتح المجال أمام صعود القومية اليهودية المتشددة. كذلك، يسعى إلى فرض شروط جديدة على الفلسطينيين، مستغلًا الدعم غير المحدود من الولايات المتحدة، إضافة إلى عجز الدول العربية، أو بالأحرى تواطئها، في وقف العدوان والمجازر.
لكن، إلى أي مدى سينجح؟ وإلى متى سيسمح له العالم بالمضي قدمًا في مخططاته الدموية؟
رغم محاولاته قلب موازين المعركة لصالحه، فإنه دون أن يدرك، يُسرع نهايتها لصالح الفلسطينيين، ما قد يعجل بانتهاء الاحتلال الإسرائيلي. فقد فشل، كما فشل من سبقه، في القضاء على المقاومة الفلسطينية، رغم أشرس حملة قصف شهدها العالم. كما لم يتمكن من سحق إرادة الفلسطينيين، الذين ظلوا صامدين رغم كل المجازر.
من المستحيل القضاء على حماس أو أي حركة مقاومة ذات عقيدة راسخة، كما أن الفلسطينيين لن يركعوا أمام القوة الغاشمة. لقد جرب قادة الاحتلال منذ عام 1948 جميع الوسائل للقضاء على القضية الفلسطينية، لكنهم فشلوا جميعًا. ففلسطين وأهلها ما زالوا ثابتين، يذكرون العالم بالخطيئة الأصلية لإسرائيل، التي قامت على الإرهاب والتطهير العرقي ولا تزال تستخدمهما للبقاء.
الشعب الفلسطيني لم ينسَ قضيته، ولن ينساها. فالأجيال الجديدة تواصل حمل مفاتيح منازل أجدادهم التي دمرها الاحتلال، وتستمر في النضال من أجل العدالة والحرية. ورغم الثمن الباهظ والتضحيات الجسام، فإن المقاومة الفلسطينية تظل صامدة، مستندة إلى حقها القانوني في الكفاح، بما في ذلك الكفاح المسلح.
لقد أثبتت السنوات الماضية أن خيار التسوية السلمية واتفاقيات مثل أوسلو لم تجلب سوى المزيد من الاحتلال والاستيطان، تاركة الفلسطينيين أمام واقع يتقلص فيه وطنهم يومًا بعد يوم. صمود الفلسطينيين ورفضهم الخضوع لواشنطن هو العامل الحاسم في تقرير مصير الأمة العربية.
أما الحكام العرب الذين تواطؤوا مع الاحتلال، فليعلموا أن غزة تدفع ثمن بقاء الأمة العربية بدماء أبنائها، وهي تدافع عن شرفها الذي أضاعه المتخاذلون.
https://www.middleeastmonitor.com/20250324-the-palestinian-people-are-paying-the-price-for-the-arab-nations-survival/