قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أمام البرلمان إنه "خلال الأشهر الستة المقبلة، سنقص الشريط معاً"، من دون الخوض في مزيد من التفاصيل.
وأوضح أنه كثيراً ما شكل سد النهضة الإثيوبي الكبير الذي اعتبرته أديس أبابا حيوياً لبرنامجها الكهربائي مصدر توتر مع مصر والسودان.
وأكد "سد النهضة الإثيوبي الكبير سيكون حدثاً تاريخياً في بداية العام الإثيوبي المقبل".
صمت مصري
لكن هذه التصريحات تعاملت معها القاهرة بالصمت التام، ولم يصدر من أي جهة رسمية أي ردود عليها، في حين ظهر بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة في نفس التوقيت خلال الزيارة التي يجريها إلى تنزانيا بجولة ميدانية لتفقد مشروع سد "جوليوس نيريرى" التنزانى والذى يقوم تحالف شركتي "المقاولون العرب" و"السويدي إلكتريك" بتنفيذه، والتى يهدف اللى توفير احتياجات تنزانيا من الكهرباء، متجاهلا الأضرار التي من الممكن أن يسببها تدشين السد الإثيوبي على مصر
كيف تتعامل مصرمع الأزمة وتصريحات آبي أحمد؟
يقول الخبير المصري أستاذ الموارد المائية بـ"جامعة القاهرة"، الدكتور نادر نور الدين، إن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي أن السد لم يؤثر تأثيرا جسيما على مصر، ولذلك نتحفظ على مصطلح "جسيم"، متسائلا ما هو من وجهة نظر أثيوبيا حول معايير الجسامة؟ لأن مصر دولة فقيرة مائيا، و أي خصم مائي من حصتها له أثر جسيم، كما أن الأمم المتحدة في قانون الأنهار العابرة للحدود لم تعطى تعريفا للضرر الجسيم.
وتابع الخبير المصري بأن وجود الفيضان العالي خلال فترات الملء هو السبب في تقليل آثار الملء على مصر وهو ما لم تخطط له اثيوبيا حيث كانت ستملأ تحت أي ظروف سواء في السنوات العجاف أوغيرها، مضيفا أن الادعاء الإثيوبي بأن مخزون بحيرة السد العالي لم يتأثر خلال فترات الملء غير صحيح، لأن العام الماضي كان الفيضان شحيحا، بخلاف السنوات الخمس الأخرى، وبالتالي حصل انخفاض في تدفقات المياه لمصر والسودان بنحو 25 مليار متر مكعب عوضتها مصر من مخزون بحيرة السد العالي.
وأضاف نور الدين بأن الدعوة إلى الحوار الأثيوبي مع مصر والسودان ينبغى أن تكون على أسس واحترام عقول الطرف الآخر وبنية صافية و للوصول الي حلول وليس للتطويل والتسويف، مطالبا أن يكون الحوار حول السد على نظام التشغيل بما يضمن أن تكون تدفقات النيل الأزرق من مخزون بحيرة السد تماثل نفس تدفقاتها قبل بنائه.
وقال الخبير المصري إن مصر والسودان تشعران بتلكؤ إثيوبيا في تركيب توربينات توليد الكهرباء الثلاثة عشر، حيث لم يتم تركيب إلا 4 توربينات فقط حتى الآن بما يعنى أن ربع مياه النيل الأزرق فقط هي التي ستتدفق الي مصر والسودان، موضحا أن بوابتي السد السفليتين غير كافيتين لتمرير باقي كمية المياه، وطلبت مصر والسودان زيادتها الي 4 بوابات ورفضت اثيوبيا.
وتابع بأن بوابات المفيض أعلى السد لا تعمل إلا بعد ملء بحيرة السد الاثيوبي، وبالتالي فالمطلوب تركيب جميع التوربينات الثلاثة عشر وأن تعمل بالمعدلات العالمية بالاتفاق مع مصر والسودان، لضمان تمرير كميات مناسبة من مياه النيل الأزرق تقارب ما كان يتدفق قبل بناء السد، مطالبا أثيوبيا بالوصول لتفاهمات حول نظام التخزين وتوليد الكهرباء في السنوات العجاف والجفاف وتراجع الأمطار وتدفقات النيل الأزرق.
وقال الدكتور هاني سويلم وزير الري المصري في تصريحات سابقة إن أي سد يتم إنشاؤه على مجرى النيل يؤثر على مصر، وهناك تأثيرات يمكن مواجهتها وأخرى لا يمكن.
وبدأت إثيوبيا توليد الكهرباء في المشروع البالغة كلفته 4.2 مليار الدولارات والواقع شمال غربي البلاد على بعد 30 كيلومتراً من الحدود مع السودان، في فبراير (شباط) 2022.
عند تشغيله بكامل طاقته، يمكن لهذا السد الضخم الذي يمتد على 1.8 كيلومتر وارتفاعه 145 متراً، وله سعة تصل إلى 74 مليار متر مكعب من المياه، أن يولد أكثر من 5 آلاف ميغاوات من الطاقة.
وهذا سيجعله أكبر سد كهرومائي في إفريقيا، وأكثر من ضعف إنتاج إثيوبيا الحالي.
احتجت السودان ومصر على المشروع الذي قالا إنه يهدد إمداداتهما من مياه النيل وطالبا إثيوبيا مراراً بوقف عمليات ملء السد، بانتظار التوصل إلى اتفاق ثلاثي حول أساليب تشغيل السد.
غير أن مصر التي تعتمد على نهر النيل لتأمين 97 في المئة من حاجاتها من المياه، ما زالت تحتج مشيرة إلى حق تاريخي في النهر، ومعتبرة أن سد النهضة يشكل تهديداً "وجودياً".
يشار إلى أن مصر أعلنت أنه ليس هناك أي تطور جديد في مفاوضات سد النهضة مؤكدة أن المفاوضات انتهت ولا عودة لها بالشكل المطروح، لأنه استنزاف للوقت.
يذكر أن الاجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا الذي سبق إطلاقه العام قبل الماضي للإسراع بالانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد خلال أربعة أشهر كان قد انتهى بالفشل ولم يسفر عن أية نتيجة.