بعد أن تحوّل الاهتمام العالمي عن الإبادة الجماعية في غزة إلى الإدارة الأمريكية الجديدة، اعترفت قوات الاحتلال الصهيوني بأنها تحقق في حالات استخدمت فيها الفلسطينيين كدروع بشرية خلال عملياتها العسكرية في القطاع.

ووفقًا لما أوردته شبكة سي إن إن، فقد صرح جيش الاحتلال بأنه فتح تحقيقات في بعض الحالات بعد ظهور "شبهات معقولة" بشأن استخدام الفلسطينيين في مهام عسكرية أثناء العمليات.
ومع ذلك، من غير المرجح أن تسفر هذه التحقيقات عن أي إجراءات ملموسة، ما يعكس نهج كيان الاحتلال في الإفلات من العقاب على انتهاكاته المتعددة، بما في ذلك الإبادة الجماعية.
 

انتهاكات ممنهجة
   
يجب النظر إلى هذه الممارسات في سياق أوسع من العنف الاستيطاني والإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال.
فمنذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية، أصبح استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية سياسة عسكرية مفتوحة، وفقًا لمنظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان.
وأشارت المنظمة في تقرير لها عام 2017 إلى أن جيش الاحتلال لم يُحاسب أي جندي على استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية خلال عدوان 2014 على غزة، المعروف بعملية "الجرف الصامد".

ورغم ذلك، استند رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو في حملته لتبرير العدوان على غزة إلى مزاعم استخدام حماس للمدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية، مدعيًا أن الحركة تخفي مقاتليها بين السكان، وهو ما استخدمه لتبرير استهداف جيش الاحتلال الصهيوني للبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات وأماكن العبادة.

وفي العام الماضي، تحدث جنود صهاينة إلى شبكة سي إن إن عن استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية، حيث كشف أحد الجنود أنه عندما استفسر عن هذا التكتيك، رد عليه قائده قائلاً: "من الأفضل أن ينفجر الفلسطيني وليس أحد جنودنا".
ورغم ذلك، نفت قوات الاحتلال الصهيوني في نفس التقرير استخدام المدنيين لأغراض عسكرية.
 

تجزئة الجرائم لتجنب المساءلة
   
يلجأ الاحتلال الصهيوني إلى تقسيم جرائمه إلى انتهاكات فردية "قابلة للتحقيق"، ما يسهل عليها التهرب من الاتهامات بالإبادة الجماعية.
هذه الاستراتيجية ليست جديدة، فالمجتمع الدولي يتعامل مع جرائم الاحتلال الصهيوني على أنها أحداث منعزلة، مما يسمح للدول بانتقاد الاحتلال دون استهداف مشروعه الاستيطاني ككل.

وهذا هو جوهر المشكلة، إذ يعتمد المشروع الاستعماري الصهيوني على التطهير العرقي بأشكال مختلفة، بما في ذلك الإبادة الجماعية، لضمان استمراره.
فمنذ نشأتها، قامت إسرائيل على الإرهاب الصهيوني وتهجير الفلسطينيين، كما أن مؤسساتها الأمنية تستند إلى ممارسات دولة إرهابية، وفقًا لما ذكره بعض الباحثين.

وفي الوقت الذي يحاول فيه الاحتلال الصهيوني طمس الروايات الفلسطينية حول الإبادة الجماعية واستخدام المدنيين كدروع بشرية، وثّقت مؤسسة الميزان لحقوق الإنسان شهادات عديدة لفلسطينيين تعرضوا لهذا النوع من الانتهاكات على يد جنود الاحتلال.

وفي حين تماطل سلطات الاحتلال بالتحقيقات، يتعين على المجتمع الدولي عدم انتظار نتائجها، فقد أثبتت التجربة أن الاحتلال الصهيوني يستخدم الوقت لصالحه، بينما يستمر الفلسطينيون في دفع الثمن.
وكما أكدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيز مؤخرًا، فإن "العنف الإبادي لم يبدأ في 7 أكتوبر 2023... فكم من التحذيرات تحتاجها الأسرة الدولية قبل أن تتحرك؟".

https://www.middleeastmonitor.com/20250313-israels-use-of-human-shields-in-gaza-is-part-of-its-genocide-against-palestinians/