بدأ سعر الدولار مقابل الجنيه في الارتفاع بالأسواق منذ نهاية الأسبوع الماضي، ووصل في بداية جلسات التداول، أمس الأحد، إلى 50.77 جنيهاً في البنك المركزي والبنوك وشركات الصرافة.
يأتي هذا الصعود في اتجاه معاكس لمؤشر الدولار في الأسواق الدولية، التي سجلت انخفاضاً سعرياً كبيراً بنسبة 2.3٪، أعاده إلى مستوياته المسجلة منذ نوفمبر 2022، وفقاً لمؤشر "بلومبيرج" للدولار الفوري.
وصعد الدولار مقابل الجنيه ليصل في البنك المركزي المصري إلى 50.46 جنيهاً للشراء و50.77 جنيهاً للبيع، بالتوازي مع ارتفاع اليورو إلى 54.65 جنيهاً للشراء و54.80 جنيهاً للبيع والجنيه الإسترليني 65.17 للشراء و65.37 للبيع والريال السعودي 13.50 جنيهاً للشراء و13.54 للبيع، والدينار الكويتي 164.27 جنيهاً للشراء و164.82 جنيهاً للبيع واليوان الصيني 6.98 جنيهات للشراء و7.06 جنيهات للبيع.
طبيعة السوق
يؤكد خبير البنوك والاستثمار رشاد عبده أنّ تراجع الدولار في الأسواق العالمية يعكس طبيعة السوق وآليات العرض والطلب عليه في الأسواق الأجنبية، التي تعكس تخوف المستهلكين من زيادة معدلات التضخم، وتحولاً في معنويات المستثمرين تجاه الدولار، وتخوفهم المتصاعد بشأن نمو الاقتصاد الأميركي مع حرب التعرفة الجمركية وتراجع بيانات الوظائف الأميركية، التي تدفعهم إلى عدم الرهان على صعود الدولار خلال الشهرين المقبلين على الأقل.
فسر عبده ارتفاع الدولار مقابل الجنيه، بأنه نتاج طبيعي لحالة السوق المصرية، التي تديرها الحكومة، عبر قواعد خاصة بها، تعتمد على إدارة سعر الصرف ليرتفع الدولار مقابل الجنيه في حدود ضيقة لا تزيد صعوداً أو هبوطاً 5٪، معتمدة كلما ضاق بها الأمر على بيع أصل من الأصول العامة للأجانب، على غرار ما اتخذته من بيع لمدينة كاملة برأس الحكمة للصندوق السيادي في الإمارات، ما أسهم في إنقاذ الجنيه العام الماضي من التدهور الحاد، لينزل الدولار من مستوى 70 جنيهاً بالسوق الموازية إلى 50 جنيهاً في المتوسط لأكثر من 8 أشهر.
بيع مزيد من الأصول
وأكد الخبير الاقتصادي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ الدولار لن يصعد أمام الجنيه أكبر من النسب المقررة من قبل الحكومة، خلال الفترة المقبلة، مع وجود خطط واضحة من الحكومة حول بيع المزيد من الشركات العامة والمملوكة للدولة إلى المستثمرين الأجانب، لتوفير السيولة اللازمة للدولار، متحصنة برغبتها في توسيع الملكية وإسناد دور كبير للقطاع الخاص في الاقتصاد. ولفت إلى أن صعود الدولار بمعدل 2٪ في الآونة الأخيرة "أمر غير مخيف، ولن يقلق الأسواق، ولا سيما في ظل الركود على طلب السلع من قبل المستهلكين الذين تراجعت قوتهم الشرائية".
وتستهدف حكومة السيسي بيع 4 شركات أو أكثر حتى نهاية يونيو 2025، لتحصيل 3.6 مليارات دولار، بينما تسعى لعقد صفقة بيع أصول كبرى على غرار بيع مدينة رأس الحكمة، التي بلغت قيمتها 35 مليار دولار.
وقال محللون اقتصاديون إن البنك المركزي قد يسمح بارتفاع الدولار تدريجياً في إطار تنفيذه لسياسات مرونة سعر الصرف المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي منذ عام اتفاقه الأخير عام 2022، الذي قضى بمنح مصر 8 مليارات دولار على أقساط ربع سنوية، مع إضافة 1.3 مليار دولار من صندوق الاستدامة والصلابة التابع له.
ويشير المحللون إلى أن تعطل إجراءات إفراج الصندوق عن تقديم قرض الصلابة والاستدامة، والقسط الرابع المستحق لمصر، يدفع إلى ندرة الدولار لدى البنك المركزي، الذي يجري تعويضه، بإصدار سندات دولارية، والإسراع في بيع الأصول العامة للمستثمرين الأجانب.
وتؤكد مصادر اقتصادية أن ضغوط صندوق النقد، على الحكومة، تأتي في وقت تعاني فيه مصر من زيادة الالتزامات الدولية المستحقة بالدولار خلال شهري مارس الجاري وإبريل المقبل، وفقاً لتقديرات البنك المركزي، بقيمة تصل إلى 13 ملياراً و778 مليون دولار، بينما يصل إجمالي التزامات المركزي إلى نحو 22.46 مليار دولار حتى ديسمبر 2025، عدا التزامات الحكومة تجاه سداد أقساط مستحقات شركات النفط والغاز الأجنبية وقيمة صفقات القمح والسلع الغذائية التي تُستورَد بنظام الدفع الآجل.