أظهرت تقديرات محلية ودولية مختلفة تضاربًا في أرقام مستحقات ديون مصر التي تستحق عليها في العام 2025، حيث ذكرت أرقام أن المطلوب سداده 43.2 مليار دولار، فيما أكدت نشرات اقتصادية أن الديون وفوائدها المطلوب سدادها في العام الجاري تُقدر بـ55 مليار دولار.

وكان البنك المركزي المصري قدر، في تقرير نشره في ديسمبر الماضي، حجم أقساط ديون وفوائد مستحقة على مصر في عام 2024 وحده بـ42.3 مليار، لكن في يناير الماضي، أكد رئيس مجلس وزراء السيسي، الدكتور مصطفى مدبولي أن إجمالي ما تم سداده خلال عام 2024 وصل إلى 38.7 مليار دولار.

 

تضارب أرقام الديون

ويؤكد خبراء اقتصاد أن تضارب الأرقام حول حجم أقساط وفوائد ديون مصر السنوية قد ينشأ نتيجة اختلاف في تعريفات الديون أو إضافة أنواع معينة من الديون، وأن حساب الدين الخارجي لمصر فقط دون الداخلي، وأنه إذا جرى احتساب الدين المحلي فسيظهر الأمر بشكل أكثر وضوحًا.

وكان وزير المالية قال خلال جلسة سابقة في البرلمان إن هناك فارق بين الدين الخارجي للدولة المصرية، ودين أجهزة الموازنة العامة للدولة، وما ينشر من بيانات للبنك الدولي خاص بالدين الخارجي لمصر، وقد يكون جزء منه خاص بالهيئات الاقتصادية والقطاع المصرفي، وبما فيها الدين علي أجهزة الموازنة العامة للدولة.

وكشف تقرير لنشرة "إنتربرايز فينتشرز" الاقتصادية، في الثاني من مارس الجاري، عن أن مصر مطالبة بسداد 55 مليار دولار قروضًا وفوائد خلال عام 2025 /2026 المالي، وأنها تستعد، في الموازنة الجديدة، لطلب قروض جديدة وبيع أصول. لكن بيانات البنك الدولي في يناير 2025 أكدت أنه يتعين على مصر سداد 43.2 مليار دولار التزامات خارجية خلال أول تسعة أشهر من العام الحالي (من يناير حتى سبتمبر 2025)، بينها 5.9 مليارات دولار فوائد و37.3 مليار دولار أصل قروض.

لكن نشرة "إنتربرايز فينتشرز" أوضحت أن التزامات مصر الخارجية، في الفترة من 2025 وحتى نهاية 2026، تقدر بنحو 55 مليار دولار، وهذا أكبر مبلغ ديون وفوائدها مطلوب من مصر سداده، ما يثير التكهنات بشأن كيفية تغطيتها، إذ أن القدرة على سداد الديون تعتمد على عوامل مختلفة، بما في ذلك الاستقرار الاقتصادي، وتوليد الإيرادات، والدعم الخارجي. ويتطلب الوفاء بهذه الالتزامات تدفقات كبيرة من الاستثمار الأجنبي المباشر أو قروضا أخرى، ما يجعل صفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الكبيرة ومبيعات الأصول ذات أهمية كبرى من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي على المدى القصير.

وارتفعت ديون مصر الخارجية 1.5% على أساس ربع سنوي إلى 155.2 مليار دولار في الربع الأول من العام المالي الحالي، مقارنة بـ152.9 مليار دولار في نهاية العام المالي 2024/2023، وفق بيانات البنك المركزي.

وشكلت الديون متوسطة وطويلة الأجل نحو 82% من إجمالي الدين الخارجي للبلاد، إذ بلغت نحو 127.5 مليار دولار، بينما شكلت الديون قصيرة الأجل الـ27.7 مليار دولار المتبقية. وعلى أساس سنوي، انخفض الدين الخارجي لمصر بنسبة تقل قليلاً عن 5.7% من 164.5 مليار دولار، التي سجلت في الربع الأول من العام المالي الماضي.

وتضاعفت ديون مصر الخارجي بنحو أربع مرات خلال السنوات العشر الماضية، نتيجة زيادة الاقتراض من المقرضين متعددي الأطراف وأسواق الدين العالمية، وتمثل الديون المقومة بالدولار أكثر من ثلثي الديون الخارجية للبلاد.

 

كيف يمكن تسديد ديون مصر الغارقة في الاستحقاقات؟

هذا وتؤكد دوائر اقتصادية مصرية أن سداد هذه الديون سوف يتطلب مزيدًا من القروض لسداد القديمة، وبيع أصول للدولة المصرية، ورفع أسعار الوقود والكهرباء وموجة غلاء جديدة، في الموازنة الجديدة 2025/ 2026 التي سيبدأ العمل بها في يوليو المقبل. وتتوقع أوساط اقتصادية أن يشهد العام المالي الجديد (يوليو 2025- يوليو 2026) رفع أسعار الوقود في مصر ثلاث مرات متتالية على الأقل ضمن خطة مصرية لرفع الدعم عن الوقود نهائيًا نهاية عام 2026، على غرار ما حصل في عام 2024، وفقًا لـ"العربي الجديد".

كما تتوقع تمديد دول الخليج ودائعها لدي البنك المركزي، وهو إجراء معتمد باستمرار بسبب تعاظم أرقام الديون المستحقة وفوائدها وعجز حكومة السيسي عن سدادها. ومن أجل ذلك، تستعد وزارة المالية لإصدار وثيقة جديدة لسياسة الدين العام بنهاية مارس الجاري، تتضمن خطط الوزارة للدين العام المحلي والأجنبي وطروحات الدين المتنوعة، التي تتضمن إصدار السندات الخضراء والصكوك والسندات الدولية.

وستركز وثيقة سياسة الدين المرتقبة من الوزارة على إطالة آجال الدين العام من خلال تنويع أدوات الدين واستهداف خفض الدين العام. وتتضمن أيضًا الحفاظ على مستوى الدين الخارجي لأجهزة الموازنة عند 79.1 مليار دولار من دون تغيير منذ سبتمبر الماضي، وخفض الدين الخارجي بنحو مليار إلى ملياري دولار على المدى المتوسط، وفق مصدر حكومي لنشرة "إنتربرايز".

وتشكل الديون متوسطة وطويلة الأجل نحو 82% من إجمالي الدين الخارجي للبلاد، إذ بلغت نحو 127.5 مليار دولار، بينما شكلت الديون قصيرة الأجل الـ27.7 مليار دولار المتبقية، وفق بيانات وزارة المالية. وضمن خطط حكومة السيسي لسداد الـ55 مليار دولار خلال العام المالي المقبل، وخفض الدين الخارجي، تحويل جزء من الديون، خاصة الودائع الخليجية، إلى استثمارات، عبر بيع مزيد من الأصول لدول خليجية. وكان مدبولي، قد أكد في 28 يناير الماضي، أن 43% من مخصصات الموازنة يذهب لسداد خدمة الديون في ظل ارتفاع سعر الفائدة الذي يصل إلى 25%.

وضمن عمليات السداد المتوقعة، تتوقع الأوساط الاقتصادية عودة مصر إلى أسواق الدين الدولية، وإصدار مزيد من السندات الدولارية، بعدما بدأت إصدار أول سندات دولارية منذ نحو عامين الشهر الماضي، عندما باعت سندات بقيمة ملياري دولار لأجل خمس وثماني سنوات. وكانت مصر قد أحجمت عن إصدار سندات مقومة بالدولار في أسواق الديون الدولية على خلفية ارتفاع أسعار الفائدة العالمية وعدم استقرار سوق العملة المحلية.

أيضًا، تستهدف الحكومة الاعتماد بشكل أكبر على تمويلات شركاء التنمية وبنوك التنمية والاتفاقيات الثنائية أو متعددة الأطراف بأسعار فائدة مؤاتية.

وضمن الخطط الحكومية، زيادة إنتاج الغاز من حقل ظهر وحقلين آخرين يجرى حفرهما، بالتزامن مع تسوية جميع المستحقات المتأخرة لشركات النفط والغاز الأجنبية العاملة في السوق المحلية خلال العام الجاري، لتشجيعها على اكتشافات جديدة تفوق سيولة مالية من توفير الغاز وتقليل استيراده، أو بيع الزيادة منه. وسددت حكومة السيسي مستحقات قدرها مليار دولار للشركات الشهر الماضي، عقب دفعة مماثلة سددتها مطلع يناير، وأخرى في نوفمبر الماضي، واتفقت على جدول زمني لسداد المستحقات المتأخرة لشركات الطاقة الدولية يمتد حتى يونيو 2025.