زادت السعودية بهدوء من جهودها للإفراج عن المعتقلين السياسيين في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة لفتت انتباه المجتمع الدولي بشكل كبير. ووفقًا لصحيفة "فاينانشال تايمز"، فقد بدأت المملكة تدريجيًا في إطلاق سراح عشرات الأفراد الذين تم اعتقالهم لأسباب سياسية. يُنظر إلى هذا التطور على أنه جزء من محاولة السعودية لتعزيز مكانتها العالمية وجذب الاستثمار الأجنبي وترسيخ موقعها في النظام العالمي المتغير.

يُنظر إلى الإفراج عن السجناء السياسيين كجزء من هذه الاستراتيجية الأوسع. إذ تركز مبادرة "رؤية 2030" السعودية على تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط، وتحديث المجتمع، وتعزيز موقع المملكة في الأسواق الدولية. ومع ذلك، كان أحد العوائق الرئيسية أمام هذا التحول هو المخاوف بشأن سجل حقوق الإنسان في البلاد، وهو عامل ردع بعض المستثمرين تاريخيًا. ومن خلال الإفراج التدريجي عن المعتقلين السياسيين، يبدو أن المملكة تسعى إلى الإشارة إلى انفتاح أكبر، حتى لو ظل نطاق هذه التغييرات واستدامتها غير مؤكدين.

من بين الذين تم الإفراج عنهم سلمى الشهاب، وهي طالبة دكتوراه بريطانية حُكم عليها في عام 2022 بالسجن لمدة 34 عامًا بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تدافع عن حقوق المرأة. ووصفت منظمات حقوقية قضيتها بأنها مثال متطرف على القمع السابق لحرية التعبير في السعودية. كما تم الإفراج عن أسعد الغامدي، وهو معلم يبلغ من العمر 47 عامًا، كان قد حُكم عليه بالسجن لمدة 20 عامًا بسبب نشاط مماثل على وسائل التواصل الاجتماعي. ويُقال إن قضيته كانت جزءًا من حملة أوسع استهدفت شخصيات معارضة محافظة.

منذ صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى السلطة في عام 2017، شهدت  السعودية تغييرات سياسية واقتصادية كبيرة. في البداية، شنت السلطات حملة قمع واسعة أدت إلى اعتقال المئات، بمن فيهم أفراد من العائلة المالكة ورجال أعمال ونشطاء وأكاديميون ومدونون. وبررت الحكومة هذه الإجراءات بأنها ضرورية لتنفيذ إصلاحاتها الطموحة دون تدخل من القوى السياسية والدينية المحافظة. ومع ذلك، امتدت هذه الحملات أيضًا إلى النشطاء الليبراليين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمثقفين، مما أثار مخاوف بشأن المناخ السياسي في المملكة.

وعلى الرغم من الإفراج عن بعض المعتقلين، لا يزال العديد منهم خاضعين لحظر سفر وقيود أخرى تمنعهم من العودة الكاملة إلى الحياة العامة. علاوة على ذلك، لا يزال بعض المعتقلين البارزين، مثل رجال الدين المعروفين سلمان العودة وناصر العمر، رهن الاحتجاز. وتشير التقارير إلى أن إطلاق سراحهم لا يزال قيد الدراسة، لكن لم يتم تأكيد أي شيء رسمي حتى الآن.

كان من أهم المحطات التي أثرت على سمعة السعودية دوليًا مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018، مما أدى إلى إدانة واسعة النطاق وتوتر في العلاقات مع الحكومات الغربية. وقد تكون عمليات الإفراج الأخيرة عن المعتقلين جزءًا من جهد أوسع لإعادة تأهيل صورة المملكة عالميًا، خاصة مع سعيها لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة وقوى دولية أخرى.

وفي تطور ذي صلة، عقد مسؤولون سعوديون الأسبوع الماضي اجتماعًا رفيع المستوى في ميامي، استضافه صندوق الثروة السيادية للمملكة وحضره دونالد ترامب، حيث سعى كبار قادة الأعمال إلى التواصل مع ممثلي السعودية. وعلى عكس الماضي، حيث كانت السعودية تركز بشكل أساسي على الاستثمار في الخارج، فهي الآن تطالب المستثمرين الأجانب بالتزامات أعمق، بما في ذلك فتح مكاتب في المملكة وتخصيص رأس مال لمشاريعها الضخمة الطموحة. 

وخلال عشاء حصري حضره مسؤولون تنفيذيون من شركات مثل سيتاديل وبلاك روك وسوفت بانك، ناقش المسؤولون السعوديون فرص الاستثمار بشكل مباشر، مما يؤكد النفوذ الاقتصادي المتزايد للمملكة وتحولها الاستراتيجي نحو دور عالمي أكثر طموحًا.

https://www.middleeastmonitor.com/20250227-saudi-arabias-image-makeover-includes-prisoner-releases-and-power-plays/