في خطوة جديدة تصاعدت فيها التوترات العمالية، قررت إدارة شركة "تي أند سي" التركية للملابس الجاهزة في محافظة القليوبية إيقاف العمال التسعة الذين تم الإفراج عنهم بكفالة، بعد احتجازهم لعدة أيام بسبب مشاركتهم في إضراب طالَبوا من خلاله زيادة في أجورهم.
وتأتي هذه الخطوة في سياق أزمة عمالية متأصلة في المنطقة الصناعية بمدينة العبور بمحافظة القليوبية، حيث يناضل الآلاف من العاملين للحصول على حقوقهم العمالية الأساسية.
بدأت الأحداث عندما شارك العمال في إضراب عام انطلقت مظاهره بالمصنع يوم 16 يناير، مطالِبين بتطبيق الحد الأدنى للأجور، ووقف الاستقطاعات التي تجاوزت 20% من رواتبهم، بالإضافة إلى تحسين ظروف العمل وتوفير وسائل نقل أفضل وتعديل نظام الوردية الذي يمتد إلى 12 ساعة في اليوم.
وقد وصل التظاهرات إلى ذروتها بعد اعتقال تسعة من العمال خلال يومي السبت والأحد الموافقين 26 و27 يناير، وذلك على خلفية مشاركتهم في الإضراب، قبل أن يُفرج عنهم بكفالة يوم 30 يناير/كانون الثاني.
وفي تصعيد جديد، أعلنت دار الخدمات النقابية والعمالية أن إدارة الشركة أصدرت قرار الإيقاف عن العمل يوم الاثنين الثالث من فبراير الجاري للعمال المفرج عنهم، على خلفية مطالبهم المستمرة بزيادة الأجور. وقد أعربت الدار عن تضامنها الكامل مع العمال، معتبرة أن استخدام إدارة الشركات للإيقاف والفصل يُعد أداة للقمع ضد حقوق العمال في التفاوض الجماعي، التي يكفلها الدستور والمواثيق الدولية.
وأكدت دار الخدمات النقابية والعمالية على ضرورة تفعيل آليات المفاوضة الجماعية لتسوية الخلافات العمالية، مشيرة إلى أن الإيقاف عن العمل قد يُفتح الباب أمام مزيد من الإجراءات التهديدية التي قد تفضي إلى فقدان العمال مصدر رزقهم الوحيد. كما دعت إلى إدخال تعديلات جوهرية على مواد الإضراب في مشروع قانون العمل الجديد، حفاظاً على حق العمال في التعبير والمطالبة بظروف عمل لائقة.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستستجيب إدارة "تي أند سي" لمطالب العمال المشروعة، أم أن التصعيد الإداري والإيقاف عن العمل سيكونان بداية لسلسلة من الإجراءات التي قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة العمالية في مصر؟ وبينما يستمر النقاش بين جميع الأطراف، يترقب العمال والمجتمع المدني خطوات جدية لإيجاد حل يحفظ حقوقهم ويضمن استقرار بيئة العمل.