في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت وزارة التربية والتعليم عن خطة جديدة لمواجهة أزمة الكثافة الطلابية في الفصول الدراسية، عبر تحويل غرف الموسيقى ومعامل العلوم والمكتبات إلى فصول دراسية، إلى جانب احتساب الفصول في المدارس التي تعمل بنظام الفترتين على أنها فصول مضاعفة.
هذه الحلول الرقمية جاءت لتعويض النقص الحاد في إنشاء المدارس، لكنها أثارت تساؤلات حول تأثيرها على جودة التعليم ومستقبل العملية التعليمية في مصر.
تحليل الأرقام.. زيادة في عدد الفصول بلا مدارس جديدة
وفقًا للإحصائيات الرسمية لوزارة التربية والتعليم، شهد العام الدراسي 2024/2025 زيادة ملحوظة في عدد الفصول الدراسية بنسبة 22%، حيث أُضيف أكثر من 105 ألف فصل جديد.
ومع ذلك، فإن عدد المدارس الجديدة لم يتجاوز 97 مدرسة، وهو ما يعكس زيادة في عدد الفصول دون توسع حقيقي في البنية التحتية.
تحويل المعامل والمكتبات إلى فصول دراسية
كشف مصدر مسؤول في وزارة التربية والتعليم أن وزير التعليم محمد عبد اللطيف أصدر توجيهات بتحويل بعض المرافق التعليمية إلى فصول دراسية جديدة، بما في ذلك معامل الحاسب الآلي، وغرف الموسيقى، واستراحات المدرسين، ومعامل العلوم، والمكتبات.
هذا القرار أثار انتقادات واسعة، حيث اعتبره بعض الخبراء بمثابة تضييق على الأنشطة التعليمية التي تساهم في تنمية مهارات الطلاب.
أحد معلمي الحاسب الآلي في محافظة الجيزة أكد في تصريح خاص أن مدرسته تلقت تعليمات بتحويل معمل الحاسب الآلي إلى فصل دراسي، مما أدى إلى إلغاء الحصص العملية وتحويل المادة إلى نظرية فقط، فيما تم نقل أجهزة الحاسوب إلى مخازن الوزارة.
احتساب الفصل الواحد بفصلين.. حل رقمي للأزمة؟
بالإضافة إلى تحويل الغرف التعليمية إلى فصول، لجأت وزارة التعليم إلى زيادة عدد المدارس التي تعمل بنظام الفترتين، حيث ارتفع عددها إلى 1494 مدرسة بعد إضافة 31 مدرسة جديدة لهذا النظام، ولكن اللافت أن الوزارة قررت لأول مرة احتساب كل فصل يُستخدم في الفترتين كفصلين دراسيين في الإحصائيات الرسمية، وهو ما يفسر القفزة الكبيرة في أعداد الفصول.
الميزانية والتعليم.. فجوة بين الواقع والدستور
رغم المطالبات المستمرة بزيادة مخصصات التعليم، إلا أن ميزانية التعليم للعام 2024/2025 لم تتجاوز 1.7% من الناتج المحلي، في حين أن الدستور المصري ينص على تخصيص 4% على الأقل. هذه الفجوة المالية دفعت الحكومة للبحث عن حلول بديلة لمعالجة أزمة الكثافة، لكن على حساب جودة العملية التعليمية.
تداعيات القرارات.. ما مصير الأنشطة والمختبرات؟
يرى محب عبود، وكيل نقابة المعلمين المستقلة، أن إلغاء معامل العلوم والموسيقى والتربية الرياضية قد يؤدي إلى زيادة العنف بين الطلاب، حيث أن هذه الأنشطة تسهم في تنمية مواهبهم وتخفيف الضغوط النفسية عنهم.
كما أشار إلى أن هذه القرارات قد تؤدي إلى تراجع جودة التعليم، خاصة في ظل الاعتماد على مناهج تتطلب التجارب العملية والتطبيقية.