تتصدر الأزمة الاقتصادية في مصر المشهد العام، وسط تصاعد المخاوف من التداعيات الخطيرة التي تواجه الاقتصاد المحلي، بعدما أعلن عبد الفتاح السيسي عن حاجته إلى 120 مليار دولار سنوياً لتأمين احتياجات البلاد من السلع الأساسية.
تصريحات السيسي فتحت الباب أمام تساؤلات واسعة حول مستقبل الاقتصاد، لا سيما مع استمرار اعتماد الدولة على الاقتراض الخارجي لسد العجز المتفاقم، وتزايد الإنفاق على مشاريع غير منتجة، في وقت تعاني فيه البلاد من شح النقد الأجنبي وارتفاع معدلات التضخم.
نزيف اقتصادي متواصل
جاءت تصريحات السيسي محاطة برسائل طمأنة للمواطنين، لكنه في الوقت ذاته تحدث عن تهديدات من "قوى الشر" التي تسعى لتخريب الدولة، في إشارة إلى ثورة 25 يناير 2011.
وسائل الإعلام القريبة من السلطة روجت لفكرة أن الثورة كانت السبب الرئيسي في الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، فيما يحمل المواطنون النظام الحالي مسؤولية سوء الإدارة والتوسع غير المدروس في القروض.
أعباء القروض ومأزق الدولار
تعتمد الحكومة بشكل متزايد على القروض الخارجية، ما أدى إلى تضخم الدين العام ليصل إلى 165.4 مليار دولار، مقارنة بـ 34.7 مليار دولار عام 2010، هذه السياسة جعلت البلاد تعاني من أزمة خانقة في النقد الأجنبي، انعكست على شح الدولار، وارتفاع كلفة المعيشة، وتراجع القوة الشرائية للمواطنين، كما أصبحت مصر مستورداً للنفط والغاز بقيمة 20 مليار دولار سنوياً، ما فاقم العجز التجاري.
القطاع الخاص في مواجهة النفوذ الحكومي
الاقتصاديون يحذرون من تضييق الخناق على القطاع الخاص، إذ يشير الخبير الصناعي علي الحداد إلى ضرورة وقف تدخل الجهات الأمنية في الاقتصاد، وترك إدارة الاستثمارات الإنتاجية للقطاع الخاص، مع قيام الدولة بدورها كمخطط ومنظم للأسواق فقط.
فيما يؤكد الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب أن مصر بحاجة إلى حلول اقتصادية جذرية ترفع معدلات النمو، وتدعم الإنتاج المحلي، بدلاً من البحث عن قروض جديدة.
التضخم والفقر.. أرقام صادمة
تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن معدل التضخم في مصر تجاوز 35% عام 2024، مقارنة بـ 11.3% في 2010، كما قفزت نسبة السكان تحت خط الفقر من 29.2% عام 2022 إلى 34.45% عام 2023، وفق تقديرات البنك الدولي، بينما تشير تقارير أخرى إلى أن النسبة الفعلية قد تصل إلى 60% من إجمالي السكان.
فوضى مالية وتراجع الاستثمارات
الخبير الاقتصادي محمد نوفل يؤكد أن سوء إدارة الميزانية العامة أدى إلى استنزاف الدعم المخصص للمواطنين، مع توجه الحكومة للاقتراض الخارجي لتمويل مشاريع عقارية وبنية تحتية غير منتجة.
كما تسبب تعويم الجنيه المتكرر منذ 2016 في انخفاض مؤشرات النمو، وزيادة الركود الاقتصادي، في ظل تراجع الاستثمارات الصناعية والزراعية، مقابل توسع الإنفاق في المشروعات العقارية.

