في مشهد غير مسبوق يعكس حجم الأزمة السياسية التي تعصف بكوريا الجنوبية، اعتقلت السلطات اليوم الأربعاء الرئيس المعزول يون سوك يول، الذي وُجهت إليه اتهامات بمحاولة فرض الأحكام العرفية الشهر الماضي.
العملية التي شهدت تعبئة أكثر من 3 آلاف شرطي، أثارت صدامات بين قوات الأمن وأنصار الرئيس، في وقت تستمر فيه التوترات والانقسامات السياسية والاجتماعية في البلاد.

ووفقًا لوكالة الأنباء الكورية الجنوبية (يونهاب)، تم اعتقال يون بعد مداهمة مقر إقامته في العاصمة سول.
وأكدت السلطات أن العملية جاءت تنفيذًا لمذكرة قضائية بتهمة قيادة تمرد، ونُقل الرئيس المعزول إلى مكتب التحقيق في الفساد لاستجوابه.

ويُذكر أن يون، الذي واجه محاولات اعتقال سابقة، كان يتحصن في مقر إقامته تحت حراسة مشددة.
وفي بيان رسمي أصدره بعد الاعتقال، أوضح يون أنه قرر تسليم نفسه لتجنب أي أعمال عنف، قائلًا: "عندما رأيتهم يقتحمون المنطقة الأمنية باستخدام معدات مكافحة الحرائق اليوم، قررت المثول أمام المحققين رغم كونه تحقيقًا غير قانوني، لمنع إراقة الدماء".
 

الصدامات والمشهد الأمني
   تزامنت عملية الاعتقال مع مواجهات عنيفة بين فريق مشترك من مكتب التحقيق في الفساد والشرطة وبين عناصر يُعتقد أنهم من الحرس الرئاسي.
ووفقًا لتقارير، استخدم المحققون سلالم لتجاوز الحواجز والدخول إلى المجمع الرئاسي، ورصدت كاميرات الإعلام المئات من عناصر الأمن يتحركون صعودًا نحو مقر الإقامة.

وأظهرت الصور مشاهد فوضوية لتبادل اللكمات بين الطرفين، بينما ساد التوتر عند بوابة المجمع، وأكدت وكالة الصحافة الفرنسية أن الصدامات كانت جزءًا من عملية أمنية شاملة لضمان اعتقال يون.
 

ردود الفعل السياسية والقانونية
   قال محامو يون إن اعتقاله يمثل انتهاكًا قانونيًا ويهدف إلى إذلاله علنًا، وأكدوا أن الرئيس المعزول كان على استعداد للمثول أمام السلطات شريطة مغادرة المحققين لمقر إقامته.

وفي أول تعليق سياسي على الواقعة، صرح الحزب الديمقراطي، الذي يقود المعارضة البرلمانية، أن اعتقال يون يُعد خطوة أولى نحو استعادة الديمقراطية، وأضاف أن محاولات يون لفرض الأحكام العرفية كانت بمثابة انقلاب على النظام الديمقراطي.
 

المظاهرات والانقسامات الشعبية
   بينما كانت قوات الأمن تقتحم مقر إقامة يون، احتشد الآلاف في مظاهرات متباينة بين مؤيدين للرئيس ومعارضين له.
ورفع المؤيدون شعارات تطالب بوقف "المحاكمة السياسية"، فيما دعا المعارضون إلى تنفيذ قرار البرلمان بعزله ومحاسبته على محاولاته الأخيرة لفرض الأحكام العرفية.
 

الخلفية والأزمة السياسية
   تعود الأزمة إلى إعلان يون الأحكام العرفية مطلع ديسمبر وهي خطوة اعتبرتها المعارضة "انقلابًا" سرعان ما أحبطه البرلمان بتصويت أغلبية أعضائه لصالح عزله.
ونتيجة لذلك، تولى رئيس الوزراء هان داك سو مهام رئيس الجمهورية بالوكالة، لكنه واجه بدوره العزل لاحقًا من قِبَل البرلمان بتهمة المشاركة في التمرد.

وفي ظل هذه التطورات، تنتظر كوريا الجنوبية قرار المحكمة الدستورية بشأن مصير يون.
وبموجب الدستور، يجب أن تصدر المحكمة قرارها بحلول منتصف يونيو المقبل، مما يضع البلاد في حالة من عدم اليقين السياسي.
 

الفيديو:
https://www.youtube.com/watch?v=YKdtlN4e50M