نظرًا لطبيعة دونالد ترامب المتقلبة، وانتقاله من سياسة الانتقام إلى سياسة التكيف دون تفسير أو تغييرات في الظروف، فإن التنبؤ بما سيحدث بينما يستعد ترامب ليصبح رئيسًا للولايات المتحدة للمرة الثانية يُعد أمرًا صعبًا.
يبدو أن خطابه وأيديولوجيته لا يزالان متطرفين، وهذه المرة يدخل البيت الأبيض بتفويض انتخابي قوي، حيث يسيطر الجمهوريون على كلا المجلسين في الكونجرس، مع أغلبية محافظة جدًا في المحكمة العليا.
وقد يبدو أن هذا يضمن سيطرته الكاملة على عملية الحكم في الولايات المتحدة، لكن هناك عقبات كبيرة في الطريق.
يبدو واضحًا أن ترامب سيجعل حياة الملايين من المهاجرين غير الموثقين في الولايات المتحدة بائسة منذ اليوم الأول. سياسات ترامب المتشددة ضد طالبي اللجوء والمهاجرين ستُطبق بلا شك، حيث أعرب المسؤول عن الحدود الذي اختاره ترامب عن نيته احتجاز عائلات بأكملها من المهاجرين غير الموثقين.
ورغم قسوة هذه السياسة، فإنها قد تستمر لفترة، لكنها ستواجه تحديات اقتصادية بسبب نقص العمالة في قطاعات حيوية مثل الزراعة والتكنولوجيا، مما قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية.
كما أن خطط ترامب لفرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، وفرض تعريفات عقابية على الواردات الصينية، قد تشعل حروبًا تجارية مدمرة.
على صعيد السياسة الخارجية، من المحتمل أن يحاول ترامب في البداية الظهور كصانع سلام، خاصة فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية، مستهدفًا وقف إطلاق النار وحلولًا دبلوماسية، مما قد يعيد تشكيل علاقات الولايات المتحدة مع روسيا.
أما في الشرق الأوسط، فالأولويات مختلفة، حيث يبدو أن ترامب سيضاعف دعمه للاحتلال الصهيوني، متجاوزًا حتى سياسات بايدن الداعمة له.
من المرجح أن يدفع نحو القضاء على القضية الفلسطينية تمامًا، مع تصعيد المواجهة مع إيران، وربما توجيه ضربات عسكرية لمنشآتها النووية.
أظهر ترامب معارضة صريحة للنهج الدولي التعاوني، حيث ينظر إلى الأمم المتحدة وأي مؤسسات دولية من منظور يخدم مصالح الولايات المتحدة فقط. إن رفضه للقانون الدولي يعكس رؤية قومية متشددة تُعلي من مصالح أمريكا على أي قيود قانونية دولية.
رئاسة ترامب الثانية قد تدفع الولايات المتحدة نحو خيار بين العزلة الجديدة والإمبريالية الجديدة، مما يعيد تشكيل النظام العالمي إلى تعددية أكثر تعقيدًا أو تحالفات متنافسة تشبه الحرب الباردة.
في النهاية، ستستمر رئاسة ترامب في إرباك التوقعات وإثارة الجدل على منصات الإعلام العالمية.
https://www.middleeasteye.net/opinion/us-trump-strip-away-illusions-rules-based-orde