تواصل السلطات السعودية ممارساتها القمعية التي تضع البلاد في دائرة الانتقاد الدولي، حيث تتعدد الانتهاكات من سجن المعارضين والاحتجاز التعسفي إلى تنفيذ عقوبات الإعدام بمعدلات غير مسبوقة، مما يجعل سجلها الحقوقي مصدر قلق كبير. 

هذه الممارسات، التي تتناقض مع أبسط معايير العدالة الدولية، تكشف الوجه الحقيقي لنظام يسعى إلى ترسيخ سلطته بأي ثمن، لكن على رغم الوعود المتكررة من النظام السعودي بالحد من عقوبة الإعدام، شهدت المملكة تنفيذ 198 عملية إعدام هذا العام فقط، وهو أعلى رقم منذ عقود وفقًا لتقارير منظمة العفو الدولية.

هذه الأرقام الصادمة تعكس تصعيدًا خطيرًا في استخدام هذه العقوبة، حيث يتم إجبار السجناء على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها من خلال التعذيب وسوء المعاملة، في انتهاك صارخ للمعايير الدولية. 

ورغم إنشاء لجنة حقوق الإنسان السعودية، فإن هذه اللجنة لم تكن سوى أداة دعائية لتجميل صورة النظام، حيث تفتقر إلى الاستقلالية وتعمل على تبرير الانتهاكات بدلاً من مكافحتها.
 

أرقام قياسية مرعبة
   منذ تولي محمد بن سلمان السلطة، تضاعفت معدلات الإعدام بشكل مقلق. وتشير تقارير منظمة ريبريف والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن ما لا يقل عن 1456 شخصًا أُعدموا منذ عام 2015. 

أبرز هذه الحالات كانت إعدام حسين أبو الخير في مارس 2023 بتهمة تتعلق بالمخدرات، بعد سنوات من المعاناة داخل السجون السعودية حيث تعرض للتعذيب وسُلب حقه في محاكمة عادلة. وحتى بعد إعدامه، رفضت السلطات تسليم جثته لعائلته، في تصرف يعكس الانتهاكات المتواصلة حتى بعد الموت.

من بين الجرائم التي لا يمكن التغاضي عنها، إعدام أشخاص كانوا قاصرين عند ارتكابهم الجرائم المزعومة.
منذ عام 2011، أعدمت السلطات السعودية ما لا يقل عن 12 قاصرًا، بالرغم من مزاعمها بأن قانون الأحداث يحظر عقوبة الإعدام على القاصرين.

ومن الأمثلة المروعة، قضية جلال لبّاد الذي أُعدم بناءً على اعترافات انتُزعت منه تحت التعذيب عن جرائم ارتكبها عندما كان لا يتجاوز عمره 16 عامًا.
هذا يعكس انتهاكًا مزدوجًا لحقوق الإنسان: التعذيب وانتزاع الاعترافات والإعدام الجائر.
 

قمع المعارضة السياسية تحت غطاء “الإرهاب”
   لم تقتصر عقوبة الإعدام في السعودية على الجرائم الجنائية فحسب، بل أصبحت أداة لقمع المعارضة السياسية وإسكات الأصوات المطالبة بالديمقراطية.
استخدم النظام ذريعة مكافحة الإرهاب لمعاقبة المشاركين في الاحتجاجات السلمية، كما حدث مع عبد المجيد النمر، الذي أُعدم بتهمة دعم احتجاجات مؤيدة للديمقراطية، في تناقض صارخ مع وعود النظام بالإصلاح السياسي.

رغم إدعاء السلطات السعودية بتطوير نظامها القضائي، إلا أن مشروع قانون العقوبات يظل مليئًا بالثغرات التي تتيح للقضاة سلطات مطلقة لتحديد العقوبات بناءً على الشريعة الإسلامية. 

هذا الغموض القانوني يفتح الباب أمام انتهاكات جسيمة، حيث يفتقر النظام إلى معايير واضحة تحدد متى وكيف تُنفذ عقوبة الإعدام، مما يجعلها أداة للترهيب والقمع أكثر من كونها أداة لتحقيق العدالة.

الخلاصة أنه في ظل التوترات الإقليمية والدولية، يبدو أن انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية أصبحت أقل أهمية على أجندة المجتمع الدولي.
ومع ذلك، دعت منظمات حقوقية مثل منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين إلى ممارسة ضغوط دولية على السعودية لإلغاء عقوبة الإعدام وضمان محاكمات عادلة للسجناء، خاصةً في القضايا التي تتعلق بجرائم بسيطة أو غير عنيفة.