في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة يعيشها المواطن المصري، ارتفعت أسعار الحديد والأسمنت في الأسواق المصرية اليوم الأحد 3 نوفمبر 2024، حسب بيانات بوابة الأسعار المحلية والعالمية التابعة لمجلس وزراء حكومة الانقلاب، مما يضيف مزيداً من الأعباء على القطاعات الإنتاجية والمستهلكين.
هذه الزيادات المتكررة تأتي على خلفية أزمات اقتصادية متتالية ضربت مصر منذ عام 2013، منذ أن انقلاب السيسي على الرئيس المنتخب محمد مرسي، ليشهد الاقتصاد المصري بعدها تدهوراً سريعاً وصل إلى مستويات غير مسبوقة، مع تراجع القدرة الشرائية للمواطن وارتفاع معدلات التضخم بشكل يهدد سبل العيش.
ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت وواقع السوق المصرية
وفقاً لبيانات بوابة الأسعار المحلية والعالمية، شهدت أسعار الحديد والأسمنت ارتفاعاً كبيراً خلال تعاملات اليوم الأحد، فقد بلغ سعر طن الحديد الاستثماري حوالي 38,963.16 جنيه، بزيادة قدرها 838.16 جنيه عن اليوم السابق، فيما وصل سعر طن حديد عز إلى 40,802.27 جنيه، بزيادة 1025.6 جنيه، أما الأسمنت الرمادي، فقد ارتفع بشكل طفيف حيث بلغ 2871.54 جنيه للطن، بزيادة قدرها 4.87 جنيه.
يشير هذا الارتفاع إلى أزمة حقيقية تواجه سوق مواد البناء في مصر، خاصة في ظل استمرار التضخم وارتفاع تكاليف الإنتاج.
ولم يعد هذا الارتفاع مقتصراً على مواد البناء، بل يشمل معظم السلع الأساسية التي يحتاجها المواطن المصري، حيث تأتي هذه الزيادات لتثقل كاهل المواطن البسيط الذي يعاني من ضعف الدخل وتدهور القدرة الشرائية في ظل مستويات دخل منخفضة مقارنة بارتفاع تكاليف المعيشة.
التضخم الاقتصادي وتداعياته على السوق المصرية
منذ انقلاب السيسي في عام 2013، يعاني الاقتصاد المصري من مشكلات هيكلية أسهمت في ارتفاع معدلات التضخم بشكل حاد.
وتُعزى هذه الأزمة بشكل كبير إلى السياسات الاقتصادية التي اتبعتها حكومات السيسي المتتابعة، والتي شملت تحرير سعر الصرف في عام 2016 بناءً على اتفاق مع صندوق النقد الدولي، مما أدى إلى تراجع كبير في قيمة العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية والمستوردة.
وبمرور الوقت، ازدادت حدة التضخم مع تراجع القيمة الشرائية للجنيه، بحيث أصبحت العائلات المصرية غير قادرة على توفير احتياجاتها الأساسية.
وقد انعكست هذه الأزمات المتتالية على أسعار السلع والخدمات، مما جعل المواطن المصري يشعر بعبء اقتصادي متزايد.
ويعتبر قطاع البناء واحداً من أبرز القطاعات المتأثرة، حيث أدى ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت إلى تباطؤ في مشاريع البناء الخاصة والعامة على حد سواء، وأدى إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية وزيادة الأعباء على المواطنين الذين يسعون لامتلاك وحدات سكنية جديدة.
أثر الارتفاعات المستمرة على مشاريع البنية التحتية والإسكان
يأتي ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت ليمثل تحدياً كبيراً أمام مشاريع البنية التحتية والإسكان التي تعول عليها حكومة السيسي لجذب الاستثمارات وتحسين المظهر العام للدولة.
فقد أدى التدهور الاقتصادي إلى تعطيل مشاريع كثيرة أو رفع تكاليفها بشكل كبير، مما ينعكس سلباً على جودتها وقدرتها على تلبية احتياجات المواطنين.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن تدهور الاقتصاد المصري وضعف البنية التحتية أثرا سلباً على جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث أصبحت البيئة الاقتصادية غير جاذبة للاستثمارات.
وتعد تكاليف الإنتاج المرتفعة وانعدام الاستقرار الاقتصادي من بين الأسباب التي تجعل المستثمرين الأجانب يترددون في ضخ استثماراتهم في السوق المصرية، مما يزيد من حدة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
فشل السياسات الاقتصادية منذ 2013: الاقتصاد المصري في أزمة متفاقمة
منذ تولي السيسي السلطة، شهد الاقتصاد المصري تراجعاً حاداً جعل البلاد تعيش في ظل اقتصاد ضعيف وغير مستقر. وبدلاً من إيجاد حلول اقتصادية مبتكرة، ركزت حكومة السيسي على الاستدانة الخارجية، مما أدى إلى ارتفاع حجم الديون بشكل قياسي.
وتعتمد حكومة السيسي بشكل كبير على الاقتراض لتغطية عجزها المتزايد، وهذا الأمر يؤدي بدوره إلى تحميل الأجيال القادمة أعباءً اقتصادية كبيرة، ويهدد مستقبل البلاد.
إن الفشل في وضع سياسات اقتصادية فعالة، وتبني مشاريع تعتمد على القروض والفوائد المرتفعة، أضعف الاقتصاد المصري وأدى إلى تدهور القطاعات الحيوية في البلاد.
ومنذ انقلاب 2013، لم يتخذ نظام السيسي العسكري خطوات حقيقية لحل أزمة البطالة أو تحسين مستوى الدخل، بل ازدادت الأوضاع الاقتصادية سوءاً، وارتفعت معدلات الفقر والبطالة، وازداد عدد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر.
معاناة المواطن المصري في ظل الأزمة الاقتصادية
بينما ترتفع أسعار مواد البناء بشكل متسارع، يعاني المواطن المصري من صعوبة كبيرة في تأمين أساسيات الحياة اليومية. فقد أدت معدلات التضخم المرتفعة وتدني مستوى الأجور إلى انعدام القدرة الشرائية للمواطن، حيث أصبح الفرد غير قادر على توفير الاحتياجات الأساسية له ولأسرته.
ومع ارتفاع الأسعار بشكل مستمر، يجد المواطنون أنفسهم أمام خيارات صعبة، حيث بات من الصعب عليهم مواجهة الارتفاع المتزايد في أسعار السلع والخدمات، دون أي زيادة تذكر في الدخل أو تحسين للأوضاع الاقتصادية.
المستقبل الاقتصادي في ظل فشل سياسات نظام السيسي
في ظل هذا الواقع، يبدو أن مستقبل الاقتصاد المصري يواجه تحديات جسيمة، حيث يستمر الاعتماد على السياسات القائمة على الاقتراض وعجز حكومة السيسي عن إيجاد حلول بديلة.
وقد أثبتت الأحداث الأخيرة أن حكومة السيسي غير قادرة على تحسين مستوى المعيشة، بل تعتمد على تبريرات واهية لتبرير فشلها في مواجهة التحديات الاقتصادية.
وبالنظر إلى الوضع الراهن، فإن الأمل في تحسين الظروف الاقتصادية يبدو بعيد المنال، حيث ما زال المواطن يدفع ثمن السياسات الخاطئة التي اتبعها نظام السيسي العسكري منذ انقلاب 2013.
خاتمة: انعكاسات الأزمة الاقتصادية على الاستقرار الاجتماعي
إن تدهور الاقتصاد وارتفاع الأسعار يزيد من الضغط على المواطن، مما ينذر بتداعيات خطيرة على الاستقرار الاجتماعي في مصر، فقد أصبحت الأوضاع الاقتصادية الصعبة تؤثر على حياة الملايين من المصريين، الذين يجدون أنفسهم محاصرين في دائرة الفقر وانعدام الفرص.
وفي ظل استمرار هذه السياسات، تزداد المخاوف من تفاقم الأزمة الاقتصادية، مما قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي واسع النطاق ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة وحقيقية لتحسين الوضع الاقتصادي،