تتصاعد يوماً بعد يوم الانتهاكات ضد المعتقلين السياسيين في مصر، وفي مقدمتها ما يجري في سجن "بدر 3"، الذي بات رمزاً للقمع المنهجي الذي يمارسه النظام المصري ضد معارضيه. شكاوى متعددة تخرج من داخل السجن ومن أهالي المعتقلين حول الإجراءات التعسفية التي تُفرض عليهم، بما في ذلك منع الزيارات، تفتيش الغرف بشكل مهين، ومنع دخول الأطعمة والأدوية. كل هذه الإجراءات لا تقتصر على سجن "بدر 3" فحسب، بل تعكس سياسة قمعية ممنهجة تمارسها السلطات المصرية منذ سنوات. تصاعد الانتهاكات في سجن "بدر 3" منذ افتتاحه قبل نحو ثلاث سنوات، أخذ سجن "بدر 3" مكان سجن العقرب في كونه "غوانتنامو" مصر الجديد، حيث تُمارس فيه أقسى أنواع القمع ضد المعتقلين السياسيين. وفقاً لشهادات أهالي المعتقلين وتقارير منظمات حقوق الإنسان، يعاني المعتقلون في السجن من ظروف بالغة القسوة، تصل إلى منعهم من أبسط حقوقهم الإنسانية. زوجة الصحفي المعتقل أحمد سبيع، عبر صفحتها على "فيسبوك"، تساءلت: "ماذا يجري في سجن بدر 3؟"، معبرة عن القلق البالغ من تفاقم الانتهاكات بحق زوجها وغيره من المعتقلين. أهالي المعتقلين يتحدثون عن تجريد الغرف من محتوياتها بشكل متكرر، ومنع دخول المواد الأساسية، بما في ذلك الطعام والأدوية، بل وصل الأمر إلى منع بعض المعتقلين من الزيارة منذ سنوات. ووصفت منظمات حقوقية، مثل الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، هذه الممارسات بأنها "سياسة التجويع والتضييق"، في إشارة إلى ما وصفته بـ"العقاب الجماعي" الذي يطال المئات من المعتقلين السياسيين. ظروف اعتقال قاتلة الانتهاكات التي تُرتكب في "بدر 3" تتجاوز التضييق المادي إلى الإضرار بصحة المعتقلين النفسية والجسدية. تقارير متعددة أكدت تدهور أوضاع المعتقلين الصحية، حيث يُحرم الكثير منهم من الرعاية الطبية، في ظل انتشار الأمراض المزمنة بينهم. وأفاد مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، خلف بيومي، بأن "المعتقلين في بدر 3 يعانون من ظروف اعتقال قاسية تؤدي في أحيان كثيرة إلى الوفاة بسبب الإهمال الطبي". شهادات حقوقية أكدت وفاة عدة معتقلين داخل السجن بسبب الأمراض، من بينهم عبد الله زين العابدين، نقيب الصيادلة السابق، الذي توفي نتيجة إهمال طبي، وسامي محمود علي، قاضي سابق بمحكمة الجنايات. محاولات انتحار وانتفاضات ومع تزايد الضغوط النفسية والمادية على المعتقلين، لم يجد البعض منهم سوى محاولة الانتحار كحل يائس للهروب من جحيم السجن. في هذا السياق، أشارت تقارير إلى أن عدة محاولات انتحار وقعت داخل السجن، بعضها تم التعتيم عليه بالكامل. في أبريل 2023، خرجت رسالة مسربة من داخل السجن تشير إلى محاولات انتحار متكررة قام بها عدد من المعتقلين، بينهم شخصيات بارزة مثل أسامة مرسي، نجل الرئيس الراحل محمد مرسي. الحقوقي المصري عزت النمر يرى أن ما يحدث في "بدر 3" ليس مجرد انتهاكات عرضية، بل هو جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى "تصفية المعتقلين معنوياً ومادياً". النمر يشير إلى أن النظام المصري يستخدم المعتقلين كأداة لزرع الخوف في نفوس المواطنين وإرسال رسالة مفادها أن أي معارضة للنظام ستقابل بالقمع الشديد. أسباب التصعيد تأتي هذه الانتهاكات في سياق أوسع من التحولات الأمنية التي شهدتها وزارة الداخلية مؤخراً، حيث تم تعيين قيادات جديدة في إدارة السجون يبدو أنها جاءت لتشديد القبضة الأمنية أكثر فأكثر. وفقاً للحقوقي أحمد العطار، الذي يدير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، فإن "ما يحدث في بدر 3 هو نتيجة مباشرة لتغيير القيادات الأمنية في الوزارة، حيث يبدو أن القيادة الجديدة تسعى لإظهار مدى حزمها بإجراءات قمعية متزايدة." العواقب الإنسانية الانتهاكات المستمرة في سجون مصر تضع البلاد في موقف حرج أمام المجتمع الدولي. منظمات حقوقية عالمية، مثل "الديمقراطية الآن للعالم العربي" (DAWN)، دعت إلى فتح تحقيق دولي في الانتهاكات الجسيمة التي أدت إلى وفاة وانتحار عدد من المعتقلين. لكن حتى الآن، لا توجد أي مؤشرات على تغيير في سياسة النظام تجاه المعتقلين، الذين باتوا يعيشون في ظروف قد تصل إلى حد الإبادة البطيئة. ختاما ؛ في ظل هذه الأوضاع المأساوية، يظل سجن "بدر 3" رمزاً للقمع والتنكيل الذي يمارسه النظام المصري ضد معارضيه. الانتهاكات المستمرة ضد المعتقلين، سواء من خلال منع الزيارات أو التجويع أو الإهمال الطبي، تشير إلى أن النظام لا يكتفي بحبس معارضيه، بل يسعى إلى كسر إرادتهم وقتلهم ببطء. وفي حين تستمر المنظمات الحقوقية في توثيق هذه الانتهاكات، يبقى التغيير بعيد المنال في ظل غياب أي مساءلة حقيقية للنظام الحاكم.