شهدت أسعار الذهب تراجعًا طفيفًا يوم الجمعة، بعدما أظهرت بيانات اقتصادية أن الاقتصاد الأمريكي أضاف وظائف أكثر من المتوقع في سبتمبر 2024، مما أدى إلى تعديل توقعات المستثمرين بخصوص قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) فيما يتعلق بأسعار الفائدة. تأثير بيانات الوظائف على أسعار الذهب انخفضت أسعار الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.2% لتصل إلى 2649.69 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 17:57 بتوقيت غرينتش. يأتي هذا الانخفاض بعد أن حقق الذهب أعلى مستوى له على الإطلاق في 26 سبتمبر 2024 عند 2685.42 دولار للأوقية. في المقابل، تراجعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 0.4% لتستقر عند 2667.80 دولار للأوقية. هذا التراجع يأتي نتيجة لتسارع نمو الوظائف في الولايات المتحدة خلال سبتمبر، حيث بلغ معدل البطالة 4.1%. هذا النمو القوي قلل من الضغط على مجلس الاحتياطي الفيدرالي لتقديم مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، حيث كان يُتوقع في السابق أن يقوم الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماعه المقرر في 6 و7 نوفمبر المقبل. كيف تؤثر بيانات الوظائف على قرارات الفائدة؟ تعتبر بيانات الوظائف أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن الفائدة. فعندما يكون سوق العمل قوياً، فإن الضغط على الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة يقل، حيث يُفترض أن الاقتصاد لا يحتاج إلى مزيد من التحفيز النقدي. على العكس، إذا كانت البيانات تظهر ضعفًا في سوق العمل، قد يضطر الفيدرالي إلى اتخاذ إجراءات لتخفيض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد. في حالة بيانات سبتمبر، جاء عدد الوظائف المضافة أكبر من المتوقع، مما قلل من التوقعات بأن يقوم الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار كبير في اجتماعه المقبل. ووفقًا لبيانات مجموعة (سي.إم.إي) "فيد ووتش"، انخفضت احتمالية خفض الفيدرالي الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى صفر تقريباً، مقارنة بتوقعات سابقة كانت تشير إلى 28% قبل صدور بيانات الوظائف. الدولار وعلاقته بأسعار الذهب تأثرت أسعار الذهب أيضًا بارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي، الذي وصل إلى أعلى مستوى له في سبعة أسابيع بعد صدور بيانات الوظائف. ارتفاع قيمة الدولار يجعل الذهب أكثر تكلفة للمشترين من خارج الولايات المتحدة، مما يساهم في تقليل الطلب على المعدن النفيس. يعتبر الذهب من الأصول الآمنة التي يلجأ إليها المستثمرون في أوقات الضبابية السياسية والاقتصادية، ولكنه يتأثر سلبًا عندما ترتفع أسعار الفائدة أو عندما يرتفع الدولار. الفائدة والذهب: العلاقة المتبادلة يعتبر الذهب أحد الاستثمارات التي تزدهر عادة في أوقات خفض أسعار الفائدة، حيث يؤدي ذلك إلى تقليل العائد على الأصول الأخرى مثل السندات، مما يجعل الذهب أكثر جاذبية. مع تراجع التوقعات بخفض كبير لأسعار الفائدة من قبل الفيدرالي، يتأثر الطلب على الذهب بالسلب، إذ يتجه المستثمرون إلى الأصول التي تدر عوائد أعلى في مثل هذه الظروف. ورغم تراجع الذهب، فإن التوقعات طويلة الأجل قد تتغير مع أي مستجدات اقتصادية أو سياسية قد تؤدي إلى تغير في سياسة الفائدة. لذلك، يظل الذهب أداة استثمارية مهمة خلال فترات عدم الاستقرار المالي والسياسي، حيث يعتبر مخزنًا للقيمة في أوقات الأزمات. ماذا عن باقي المعادن النفيسة؟ على صعيد المعادن النفيسة الأخرى، شهدت الفضة ارتفاعًا بنسبة 0.5% لتصل إلى 32.21 دولار للأوقية، وهو ما يعزز من توقعات المكاسب الأسبوعية لهذه السلعة. كما شهد البلاتين تراجعًا طفيفًا بنسبة 0.1% ليستقر عند 989.33 دولار للأوقية، بينما بقي البلاديوم مستقرًا عند مستوى 1000 دولار للأوقية. تُعد الفضة من المعادن التي ترتبط حركتها بشكل وثيق مع الذهب، ولكنها تتأثر أيضًا بعوامل أخرى مثل الطلب الصناعي. في المقابل، يُستخدم البلاتين والبلاديوم بشكل أساسي في الصناعة، وخاصة في صناعة السيارات، مما يجعلهما أكثر ارتباطًا بالتحركات الاقتصادية والتجارية العالمية. نظرة مستقبلية على أسعار الذهب والفائدة في ضوء البيانات الاقتصادية الأخيرة، من المتوقع أن تظل الأنظار موجهة نحو اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في نوفمبر، حيث ستتحدد توجهاته بشأن السياسة النقدية. يعتمد ذلك بشكل كبير على البيانات الاقتصادية القادمة، وخاصة بيانات التضخم والنمو الاقتصادي. حتى الآن، يبدو أن الفيدرالي قد يفضل الانتظار وعدم اتخاذ أي قرارات دراماتيكية بخصوص الفائدة، خاصة إذا استمر الاقتصاد الأمريكي في تقديم مؤشرات على استقراره. هذا يعني أن أسعار الذهب قد تظل تحت ضغط في المدى القصير، ولكن أي تطورات غير متوقعة سواء في الاقتصاد الأمريكي أو العالمي قد تؤدي إلى عودة الزخم لهذا المعدن النفيس.
ختامًا، يظل الذهب أداة استثمارية محورية في الأسواق المالية، وخاصة في أوقات عدم اليقين. ومع تغير توجهات الفائدة الأمريكية والاقتصادات العالمية، ستظل أسعار الذهب تحت المجهر بالنسبة للمستثمرين والمتداولين الذين يتابعون التطورات الاقتصادية عن كثب.