ارتفعت أسعار الذهب بأكثر من 1% يوم الثلاثاء، وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط بعد أن أطلقت إيران صواريخ باليستية على "إسرائيل". تجاوزت أسعار الذهب في المعاملات الفورية 2661.63 دولار للأوقية، مقتربة من أعلى مستوى تاريخي بلغ 2685.42 دولاراً سجلته في وقت سابق. يأتي هذا الارتفاع بفعل زيادة الطلب على الملاذات الآمنة في ظل احتمالات تصاعد النزاع إلى حرب شاملة، وفقًا لمحللين في سوق المعادن.

الملاذ الآمن: الذهب في مقدمة الاستثمارات
لطالما اعتُبر الذهب استثمارًا آمناً خلال الأوقات التي تشهد اضطرابات سياسية واقتصادية، ويأتي هذا الارتفاع بعد أن أطلقت إيران وابلاً من الصواريخ ردًا على اغتيال قيادات بارزة مثل إسماعيل هنية وحسن نصر الله. وقال جيم ويكوف، كبير محللي السوق لدى كيتكو للمعادن، إن أي خسائر بشرية كبيرة في إسرائيل قد تقود إلى اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط، ما يعزز الطلب على الذهب كملاذ آمن.

"إذا شهدت المنطقة مزيدًا من التصعيد، فإن الذهب قد يرتفع إلى مستويات جديدة، حيث يُعد المستثمرون الذهب أداة لتجنب المخاطر الكبيرة التي تلوح في الأفق.

تراجع السندات الأمريكية يدعم ارتفاع الذهب
في الوقت نفسه، تراجعت عوائد السندات الأمريكية لأجل عشر سنوات، مما عزز جاذبية الذهب. إذ عادة ما يُعتبر الذهب استثمارًا منافسًا للسندات الحكومية، ومع تراجع عوائد السندات، يميل المستثمرون إلى شراء الذهب الذي لا يُدر عائدًا ولكنه يحمي من التقلبات.
التوترات الجيوسياسية لا تقتصر فقط على الذهب، بل شهدت أسواق النفط أيضًا ارتفاعات ملحوظة مع صعود خام برنت بنسبة 2.8% إلى 73.7 دولارًا للبرميل، فيما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 3.3% ليتجاوز 70 دولارًا للبرميل، نتيجةً للضربة الإيرانية التي أثارت القلق في الأسواق العالمية.

رد فعل الأسواق المالية على التوترات
لم تقتصر التداعيات على المعادن والنفط، بل تأثرت أسواق الأسهم بشكل ملحوظ. في الولايات المتحدة، شهدت مؤشرات الأسهم تراجعات كبيرة حيث فقد مؤشر داو جونز الصناعي 225 نقطة (0.5%)، في حين انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1%، وتراجع مؤشر ناسداك بنسبة 1.6%.
كان لتلك التوترات تأثير كبير أيضًا على الأسواق الأوروبية، حيث أغلقت الأسهم الأوروبية على انخفاض بنحو 0.4%، وسط مخاوف متزايدة من تصعيد محتمل بين إيران و"إسرائيل". قادت البنوك الأوروبية تراجع الأسواق، إذ انخفض مؤشر البنوك بنسبة 2.2%.

التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط وتداعياتها على الأسواق العالمية ليست أمرًا مستجداً، لكنها تأتي في وقت حساس، حيث يعاني الاقتصاد العالمي من تباطؤ النمو وعدم الاستقرار السياسي. ومع استمرار تصاعد النزاع بين إيران و"إسرائيل"، يبدو أن الأسواق ستظل متأثرة لفترة أطول، لا سيما في ظل تصاعد المخاوف من اشتباكات أكبر.

التصعيد الإيراني الإسرائيلي: تداعيات واسعة على الأسواق
تصاعد النزاع بين إيران و"إسرائيل" لم يكن مفاجئًا، إذ جاء بعد تقارير استخباراتية أمريكية تشير إلى نية إيران شن هجوم على "إسرائيل". وهذا بدوره زاد من التوتر في الأسواق، ما دفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة مثل الذهب والنفط، لتجنب المخاطر المرتبطة بالأصول الأكثر تقلبًا.

وفي هذا السياق، قال مصدر في البيت الأبيض، رفض الكشف عن هويته، إن الولايات المتحدة تراقب التطورات عن كثب وتستعد للرد في حال تطورت الأوضاع إلى حرب شاملة.

تأثير الأزمة على التصنيف الائتماني الإسرائيلي
إلى جانب تداعيات التوترات الجيوسياسية، خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لـ"إسرائيل" درجتين إلى Baa1، وهو أدنى مستوى على الإطلاق، بسبب تصاعد المخاطر الجيوسياسية. وقالت الوكالة إن المخاطر المرتبطة بالصراع زادت بشكل كبير، مما أثر سلباً على الثقة في الاقتصاد الإسرائيلي على المدى الطويل.

وذكرت موديز في تقريرها أن تصاعد التوتر بين "إسرائيل" وحزب الله خلال الأيام الماضية ساهم بشكل كبير في خفض التصنيف. وأضاف التقرير أن احتمالية تصعيد النزاع إلى حرب واسعة تزيد من المخاطر التي تواجه الاقتصاد الإسرائيلي، مشيرة إلى أن "التوترات المستمرة في غزة وشمال إسرائيل تجعل من الصعب التنبؤ بمستقبل الاقتصاد الإسرائيلي".

هل تتفاقم الأزمة؟
في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية واستمرار الحرب الكلامية بين الأطراف المعنية، يبقى السؤال الأهم: هل تتجه المنطقة إلى حرب شاملة؟ مع استمرار القصف المتبادل بين إيران و"إسرائيل"، وعدم وجود أي مؤشرات لوقف التصعيد، يبدو أن الأزمة ستستمر لفترة أطول، ما يعني أن الأسواق ستظل متأثرة بالتوترات.

حتى مع محاولات الوسطاء الدوليين تهدئة الوضع، يبقى التصعيد العسكري بين الأطراف المعنية أمرًا محتملًا، وهو ما يجعل الذهب والنفط الأكثر استفادة من هذه الأوضاع. ومع استمرار تراجع أسواق الأسهم، يتزايد القلق بين المستثمرين حول تأثير التوترات على الاقتصاد العالمي ككل.
ختاما ؛ ارتفاع أسعار الذهب والنفط وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط يعكس حقيقة أن الأسواق العالمية تظل حساسة للتطورات الجيوسياسية. ومع استمرار النزاع بين إيران و"إسرائيل"، يبدو أن العالم سيشهد مزيدًا من التقلبات الاقتصادية، ما قد يدفع المستثمرين إلى البحث عن الأصول الآمنة، مثل الذهب، في المستقبل القريب.