في تطور خطير بالصراع بين حزب الله وإسرائيل، اغتالت إسرائيل الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في ضربة أمنية عميقة على الجماعة. العملية كشفت عن اختراق أمني واسع لهيكل الحزب وقيادته، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز" عن أكثر من 12 مصدراً من لبنان، إسرائيل، إيران، وسوريا. وأكدت هذه المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها نظراً لحساسية الموضوع، أن اغتيال نصر الله جاء بعد أسبوع واحد فقط من تفجير مئات الأجهزة المفخخة التي تم زرعها عبر أجهزة البيجر والوكي-توكي من قبل إسرائيل.
التحضير الإسرائيلي لعملية الاغتيال
استعدت إسرائيل لهذه الضربة لسنوات، وفقاً لمصادر مطلعة. أحد المصادر المقربة من دوائر الاستخبارات الإسرائيلية أوضح لـ"رويترز" أن تل أبيب قضت 20 عاماً في التركيز على جمع المعلومات حول حزب الله، مما مكنها من استهداف نصر الله في الوقت المناسب حتى وهو داخل مقر قيادة الحزب. وأكدت مصادر أخرى أن الهجوم حصل بموافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ودائرته المقربة، وتم تنفيذه بينما كان نتنياهو في نيويورك لإلقاء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
الاختراق الأمني الكبير
وفقاً لمصدر مطلع على الترتيبات الأمنية لنصر الله، فإن اغتياله يشير إلى وجود اختراق عميق داخل حزب الله من جواسيس يعملون لصالح إسرائيل. وأفاد مصدر أمني مطلع على تفكير الحزب أن نصر الله كان قد أصبح أكثر حذراً في تحركاته بعد سلسلة التفجيرات التي طالت أجهزة البيجر يومي 17 و18 سبتمبر، مما جعله يتجنب حضور جنازات شخصيات مهمة وتسجيل خطاباته مسبقاً.
العملية العسكرية التي استهدفت نصر الله أسفرت عن مقتله إلى جانب ثمانية من كبار قادة الحزب العسكريين. استهدفت الضربة مقر القيادة تحت الأرض جنوب بيروت، وهو ما اعتبره خبراء فشلاً استخبارياً كبيراً لحزب الله، بحسب ما ذكره ماجنوس رانستورب، الخبير في شؤون حزب الله.
خسائر كبيرة في القيادة والقدرات الصاروخية
خلال العام الجاري، وبالأخص في الأسبوع الماضي، استهدفت إسرائيل معظم قيادة حزب الله العسكرية، حيث اغتيل ثمانية من أكبر تسعة قادة عسكريين للحزب. بالإضافة إلى ذلك، تعرضت وحدات النخبة مثل "قوة الرضوان" لضربات مؤلمة. كما تعرض حوالي 1500 من مقاتلي الحزب لإصابات خطيرة نتيجة التفجيرات.
قدرات حزب الله تحت الضغط
رغم الضربات القوية، يُظهر حزب الله قدرة على استبدال قادته بشكل سريع. هاشم صفي الدين، ابن خالة نصر الله، هو المرشح الأبرز لخلافته. بحسب تقديرات أميركية وإسرائيلية، فإن الحزب يمتلك نحو 40 ألف مقاتل وكمية كبيرة من الأسلحة والأنفاق قرب الحدود الإسرائيلية، إلا أن الضربات الإسرائيلية تسببت في تدمير ما بين 20% و25% من قدراته الصاروخية، وفقًا لدبلوماسي غربي.
الدعم الإيراني المستمر
أفادت مصادر إيرانية لـ"رويترز" أن طهران لا تزال مستعدة لدعم حزب الله بالأسلحة، بما في ذلك صواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة المدى، في إطار استعدادها لمواجهة طويلة مع إسرائيل. ومع ذلك، أكدت المصادر نفسها أن إيران تفضل تجنب التورط المباشر في مواجهة عسكرية مع إسرائيل.
اغتيال نصر الله يعد ضربة قوية لحزب الله ويثير تساؤلات حول استقرار القيادة المستقبلية للحزب وقدرته على الحفاظ على هيكلية المقاومة. من المتوقع أن يستمر الحزب في محاولاته لتعويض الخسائر والاعتماد على الدعم الإيراني، لكن قدرة إسرائيل على اختراق المنظومة الأمنية للحزب وضرباته المتتالية تشكل تحديًا كبيرًا أمام الحزب في المرحلة المقبلة.
هذا التصعيد السريع بين حزب الله وإسرائيل، الذي يأتي بالتوازي مع التصعيد في غزة، ينذر بتداعيات خطيرة على الأوضاع الأمنية في لبنان والمنطقة بشكل عام.