في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة والركود العقاري الذي يعاني منه الاقتصاد المصري، بدأت شريحة واسعة من المواطنين المصريين في اللجوء إلى استثمار مدخراتهم في الذهب والفضة كوسيلة للحفاظ على ثرواتهم.

يأتي هذا الاتجاه كاستجابة طبيعية للمخاوف المتزايدة من تدهور قيمة الجنيه المصري، التي قد تصل إلى مستويات تتجاوز 50 جنيهًا مقابل الدولار قبل نهاية العام.

ومع انخفاض الفائدة على الدولار في الفيدرالي الأمريكي، تتجه الأنظار نحو أسواق الصاغة كبديل آمن لتحقيق الأرباح.

تراجع الفائدة على الدولار وتأثيره على السوق
بعد أن تراجع سعر الفائدة على الدولار من 5.25% و5.5% إلى 4.75%، شهد الدولار انخفاضًا في قيمته عالميًا، مما أثر سلبًا على قوته في السوق المحلية.

هذا التراجع في قيمة الدولار دفع أصحاب المدخرات إلى البحث عن بدائل آمنة، بما في ذلك الذهب والفضة، بالإضافة إلى الشهادات البنكية والسندات ذات العائد المرتفع.

يعتمد المصريون على الذهب كوسيلة لتحصين ثرواتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة، حيث يُعتبر الذهب معدنًا يتمتع بالقدرة على الاحتفاظ بقيمته في الأوقات الصعبة.

على الرغم من أن الذهب قد سجل ارتفاعًا قياسيًا بنسبة 20% خلال العام الماضي، إلا أن العائد من الاستثمار فيه يتراجع تدريجيًا مع زيادة الأسعار.

الأسعار المرتفعة للذهب والفضة
تأثرت أسعار الذهب بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، حيث بلغ سعر الأونصة 2653 دولارًا في البورصات الدولية، مما يعكس ارتفاعًا ملحوظًا منذ بداية سبتمبر.

وفي السوق المحلية، ارتفع سعر جرام الذهب عيار 21 إلى 4100 جنيه في يناير، ثم تراجع إلى 3435 جنيهًا في بداية سبتمبر، ليصل إلى 3548 جنيهًا يوم الاثنين الماضي، مما يوضح أن الأسعار المحلية لا تتماشى دائمًا مع الأسعار العالمية.

أما سوق الفضة، فقد شهد أيضًا ارتفاعًا في الأسعار، حيث سجل سعر جرام الفضة المحلية 38 جنيهًا في بداية العام وارتفع إلى 47.25 جنيهًا حاليًا. يعتبر العديد من المستهلكين الفضة خيارًا جذابًا نظرًا لأسعار الذهب المرتفعة، رغم المخاوف من تقلبات السوق.

الركود في أسواق الصاغة
أشار فاروق إبراهيم، رئيس شعبة الذهب السابق، إلى أن حركة البيع والشراء في أسواق الصاغة تعاني من حالة من الركود، وأن المضاربات على الذهب والفضة تتم في الغالب عبر وسائل التواصل الاجتماعي دون أن تعكس الواقع الفعلي للسوق.

ورغم هذا، يبدي إبراهيم قلقه من اضطراب حركة الأسعار، مشيرًا إلى أن السوق المصرية صغيرة نسبيًا مقارنةً بحجم التداول والإنتاج العالمي، مما يجعلها متأثرة بشكل كبير بالتغيرات في الأسواق الخارجية.

الذهب كملاذ آمن
يعتبر رؤوف عباس، رئيس شعبة الذهب السابق في اتحاد الصناعات، أن إقبال المصريين على الذهب والفضة يعكس حالة الاقتصاد المصري، في ظل ارتفاع معدلات التضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي، يلجأ المستهلكون إلى اقتناء الذهب والفضة كملاذ آمن لحماية ثرواتهم.

تشير التوجهات الحالية إلى أن الأفراد يشعرون بعدم الأمان في استثماراتهم، مما يدفعهم للاكتناز كاستراتيجية للحفاظ على أصولهم.

التوقعات المستقبلية
تتوقع بعض التحليلات أن تستمر أسعار الذهب في الارتفاع، حيث قد تصل إلى 2700 دولار بنهاية العام الجاري مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، وقد تُسجل مستويات قياسية جديدة قد تصل إلى 3000 دولار بحلول عام 2025.

كما يتوقع الخبراء أن يشهد الجنيه المصري تعويمًا قريبًا، مما قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في قيمته وسط الأزمات الاقتصادية الكبيرة.

في الختام، يتجه المصريون نحو اكتناز الذهب والفضة كوسيلة للحفاظ على ثرواتهم وسط أجواء من عدم اليقين والضغوط الاقتصادية.

إن هذه الظاهرة تعكس حالة اقتصادية معقدة، حيث يسعى المواطنون إلى حماية أنفسهم من مخاطر التضخم وتدهور العملة، مما يزيد من الطلب على المعادن الثمينة في السوق.