تشهد تونس أزمة سياسية متصاعدة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في 6 أكتوبر 2024، حيث تعمق التوترات والخلافات بين الهيئات المعنية والمرشحين، مما يضع العملية الانتخابية على صفيح ساخن. فقد أثار قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلغاء قرارات المحكمة الإدارية بشأن قبول بعض الترشحات موجة من الانتقادات الحادة من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل والمرشحين المستبعدين.
انتقادات الاتحاد العام التونسي للشغل
انتقد الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يُعد أكبر منظمة نقابية في البلاد وحائز على جائزة نوبل للسلام، بشدة قرار الهيئة العليا للانتخابات بإلغاء قرارات المحكمة الإدارية المتعلقة بترشح عدد من الأسماء للانتخابات الرئاسية. واعتبر الاتحاد في بيان نشره على صفحته الرسمية أن القرار يمثل "سابقة قانونية وخارج القانون"، مشيرًا إلى أنه "توجيه ممنهج ومنحاز وإقصائي" يؤثر بشكل مسبق على نتائج الانتخابات. وأكد البيان أن هذا القرار يعكس غياب الشروط الضرورية لإجراء انتخابات ديمقراطية وتعددية، محذرًا من عواقب هذا التوجه على الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.
التوتر بين الهيئة العليا والمخالفات القانونية
في الوقت ذاته، أوضحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في بيانها أنها تلقت الأحكام الثلاثة من المحكمة الإدارية بشأن الترشحات عبر البريد الإلكتروني بعد فوات الأوان، وذلك بعد المصادقة على القائمة النهائية للمترشحين. وأشارت الهيئة إلى أن تلقيها للأحكام بعد انقضاء المواعيد القانونية المحددة بموجب القانون الانتخابي، والذي يوجب إعلام الهيئة بنسخ الأحكام في غضون 48 ساعة، جعل من غير الممكن تعديل القائمة النهائية قبل الموعد النهائي المحدد.
وأضافت الهيئة أن تاريخ 3 سبتمبر هو الأجل الأقصى للإعلان عن المترشحين المقبولين نهائيًا، ولا يمكن تجاوز هذا التاريخ، مما جعل من المستحيل إدراج الأسماء التي أصدرت المحكمة الإدارية أحكامًا لصالحها بعد المواعيد المحددة.

ردود فعل المرشحين المستبعدين
أثارت قرارات الهيئة العليا استياء واسعًا بين المترشحين الذين تم استبعادهم. فقد أعرب عبد اللطيف المكي، الأمين العام لحزب العمل والإنجاز، والمنذر الزنايدي، الوزير السابق، وعماد الدايمي، مدير ديوان الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، عن رفضهم واستنكارهم لقرار الهيئة، معتبرين إياه "غير قانوني" و"تجاوزًا للإجراءات". ودعا المترشحون إلى التنسيق واتخاذ إجراءات قانونية لمواجهة هذه التجاوزات، وأعلنوا أنهم سيطعنون في القرار على الصعيدين المحلي والدولي.
الوضع السياسي المعقد
تشير التطورات الحالية إلى وضع سياسي معقد في تونس، حيث أعلنت جبهة الخلاص الوطني، أكبر ائتلاف للمعارضة، عن مقاطعتها للانتخابات بدعوى "غياب شروط التنافس". بينما تؤكد السلطات أن الانتخابات تتوفر لها شروط النزاهة والشفافية، مبرزةً أن الإجراءات الاستثنائية التي بدأت في يوليو 2021، بما في ذلك حلّ مجلسي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد، تأتي ضمن جهود لتصحيح مسار الثورة.
تعتبر القوى المعارضة هذه الإجراءات "انقلابًا على دستور الثورة" بينما تراها القوى المؤيدة للرئيس قيس سعيد "تصحيحًا لمسار الثورة" التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. هذا التباين في الرؤى يعكس حالة الانقسام السياسي العميق التي تواجهها تونس في هذا الوقت العصيب.
ختاما ؛ تتجه الأنظار إلى الانتخابات الرئاسية في تونس التي تظل محاطة بالتوترات والخلافات القانونية والسياسية. مع تأكيد الاتحاد العام التونسي للشغل والمرشحين المستبعدين على عدم قانونية الإجراءات المتبعة، تبقى العملية الانتخابية على صفيح ساخن، مما يبرز الحاجة الملحة لإيجاد حلول تضمن نزاهة وشفافية الانتخابات وتعزز الاستقرار السياسي في البلاد.