قررت وزارة التموين، رفع تكلفة إنتاج الرغيف للمخابز التي تعمل بالسولار، بناءً على الزيادة الأخيرة في سعره، وكذلك رفع سعر بيع الدقيق والقمح داخل المنظومة التموينية، حسب قرارين اطلع عليهما «مدى مصر». 

يأتي قرارا «التموين» فيما يتصاعد غضب أصحاب المخابز المدعمة بسبب ما وصفوه بـ«التكاليف غير المنصفة» التي تحملها الحكومة لأصحاب المخابز، وتدفعهم لـ«غش» رغيف الخبز، على حد قولهم.  

القرار الوزاري الأول حمل رقم «25»، ورفع سعر السولار في تكلفة الإنتاج 15% على أن تتحمل هيئة السلع التموينية هذه الزيادة، فيما انتقدت سبعة مصادر بقطاع المخابز عدم شمول الزيادة أي ارتفاعات أخرى في تكاليف نقل الدقيق والمواد الخام، وصيانة المعدات، ومواصلات العمال.

«الحكومة رفعت من يومين تذكرة المترو والمواصلات، يعني عارفة أن العامل اللي بيروح شغله بالمترو أو بالمواصلة مصاريفه زادت، واحتياجات بيته زادت. لكن التكلفة بتاعة الحكومة مش مراعية أي حاجة بتزيد»، يقول صاحب مخبز بالمنوفية لـ«مدى مصر»، طلب عدم ذكر اسمه. 

مصدر بالشعبة العامة للمخابز أكد أن الحكومة تضغط على أصحاب المخابز لتقليص تكاليف الإنتاج عبر خفض جودة الخامات ومرتبات العمالة، مشيرًا إلى أن شعبة مخابز القاهرة عقدت اجتماعًا، الخميس الماضي، ودعت إليه بعض أعضاء الشعبة العامة و«سماسرة قهوة الصنايعية» بالقاهرة الكبرى ورئيس مباحث كل منطقة منهم، وطلبوا من السمسار الوحيد الذي حضر الاجتماع تخفيض أسعار العمالة. 

لكن الاجتماع انتهى دون التوصل لاتفاق بعد مشادات واعترضات من بعض الحضور على ما وصفوه بـ«فشلنا نرفع سعر التكلفة فبنتشطر على الصنايعي». كانت الحكومة رفعت، الشهر الماضي، قيمة تكلفة صناعة الخبز المدعم، للمرة الأولى منذ أربع سنوات، بنحو 25%، بدلًا من 65% كان طالب بها أصحاب المخابز، في ظل ارتفاع معدلات التضخم والأسعار. 

ولم تصرف وزارة التموين فرق السولار للمخابز، رغم رفع سعره سابقًا في 25 يوليو الماضي، حسبما قالت مصادر من الشعبة وأصحاب مخابز لـ«مدى مصر». 

القرار الوزاري الثاني حمل رقم «26»، ورفع تكلفة بيع القمح إلى المطاحن إلى 13 ألف و750 جنيهًا للطن، فيما رفع سعر تكلفة طن الدقيق الذي يورد للمخابز المدعمة إلى 16 ألف جنيه للطن، بدلًا من 11 ألف و800 جنيه، على أن يطبق القرار بدءًا من أول يوليو الماضي. 

«زيادة سعر الدقيق ملهاش معنى للمواطن ومش هتدفعه حاجة زيادة، لكنها معمولة علشان تكلفة غرامات المخابز تزيد»، حسبما يوضح مصدر آخر بالشعبة.      

صاحب مخبز أوضح  أن «التموين» تردع تسريب الدقيق المدعم بمعاقبة المخابز المخالفة بدفع ثمن الدقيق مضاعفًا، وفي حالة زيادة سعر الدقيق رسميًا يزيد سعر الغرامات، التي يبدو من القرار أن الحكومة ستطبقها بأثر رجعي، في شيء «أول مرة أشوفه في حياتي»، مضيفًا أن المواصفات وعدد الأرغفة التي تطلبها «التموين» لا يمكن بأي شكل إنتاجها بالتكلفة المقررة، وهو ما اتفق معه خمسة من أصحاب المخابز بمحافظات مختلفة تحدثوا إلى «مدى مصر». 

صاحب المخبز الذي طلب عدم ذكر اسمه، قال إنه تقدم على مدار سنوات بطلبات وشكاوى إلى وزارة التموين ومجلس الوزراء «كنت بقولهم أنا مش عارف أعمل الحسبة دي، تعالوا أنتو علموني يمكن أنا مش فاهم. أو هاتوا مخابز من اللي قادرة نتنج الوزن والعدد بالتكلفة دي وأنا أتعلم منهم لكن أنا مش عارف أعمل طلباتكم من غير ما أمشي بما لا يرضى الله»، لكنه لم يتلق أي رد. 

أحد شكاوى صاحب المخبز تجاوب معها وزير التموين الأسبق، محمد الشيخ، وشكل لجنة لدراسة الشكوى، لتقر باستحالة إنتاج مواصفات الخبز المدعم وعدد الأرغفة المطلوبة، وعليه أقر الوزير «سماحية» في الوزن عشرة جرامات. لكن وزير التموين السابق، علي المصيلحي، عاد وألغى «سماحية» الوزن، ورفع إنتاجية كل شيكارة (50 كيلو) إلى 660 رغيفًا بدلًا من 605 أرغفة للخبز، بعد زيادة معدل استخراج الدقيق من القمح إلى 87.5% بدلًا من 82%، وهو ما قال صاحب المخبز إنه يصعّب من إنتاج رغيف الخبز المُدعم.

كان صاحب مخبز بالبحيرة قال لـ«مدى مصر» في تقرير سابق إن مكاسبه من المخبز بدأت في التضاؤل على مدار سنوات، من 10 آلاف جنيه مكسب شهريًا عام 2020، مشيرًا إلى عدم تمكنه من سداد إيجار المخبز مؤخرًا، ما دفعه لتوفير الإيجار من عمله الآخر.

 «معظم المخابز بقت مضطرة تغش علشان تقدر تكمل شغل، لو وزنت أي رغيف هتلاقيه 50 جرام. وبعدين التموين تعملي محضر غش وتسجني، طب ما هي عارفة أن التكلفة أكتر من اللي بتدفعه دلوقتي، طب مين بيتحمل الفرق ده دلوقتي؟ المواطن اللي بيتحمله في رغيف ما بيسدش جوعه، وأنا باتحمله إني باعرض نفسي للمخالفة»، يضيف المصدر.