تتكرر الاعتداءات الإسرائيلية على معبر رفح البري بين قطاع غزة وسيناء المصرية، فيما يستمر الجيش الإسرائيلي في احتلال الشريط الحدودي مع مصر والمعروف بمحور صلاح الدين (فيلادلفيا)، ما يعد مخالفة صارخة للاتفاقيات الموقعة بين مصر ودولة الاحتلال، ما يطرح تساؤلات، خصوصاً حول خيارات مصر لو أصبح احتلال محور فيلادلفيا دائماً.
ولم تغب هذه الأوضاع عن الاتصال الذي تلقاه وزير الخارجية المصري سامح شكري، من سيغريد كاغ، كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة، أمس الثلاثاء، إذ تناول الوضع الإنساني في القطاع في ظل المعوقات التي يضعها الاحتلال على دخول المساعدات وتزايد حدة الكارثة الإنسانية. وأشار شكري خلال الاتصال إلى "الوضع الراهن لمعبر رفح على ضوء تدمير إسرائيل للجانب الفلسطيني من المعبر"، معرباً عن "رفض مصر استيلاء بعض العناصر على المساعدات الإنسانية التي يتم إدخالها إلى رفح الفلسطينية، وعدم التزام الجانب الإسرائيلي بحمايتها وضمان وصولها إلى مستحقيها".
وتستمر التصريحات الإسرائيلية حول سيطرة جيش الاحتلال "عملياً" على محور صلاح الدين "فيلادلفيا"، الممتد على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة، وسط استمرار وجود القوات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية خلافاً للاتفاقيات الأمنية بين مصر ودولة الاحتلال.
استمرار احتلال محور فيلادلفيا
وفي السياق يقول أستاذ القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأميركية والأوروبية للقانون الدولي، محمد محمود مهران، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن استمرار الجيش الإسرائيلي في احتلال محور فيلادلفيا "يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية (كامب ديفيد)". ويوضح أنه "في هذه الحالة، يحق لمصر اتخاذ عدة إجراءات قانونية ودبلوماسية للدفاع عن سيادتها وأمنها القومي". ويضيف مهران أنه "يمكن لمصر تفعيل آليات تسوية النزاعات المنصوص عليها في معاهدة السلام، وفقاً للمادة السابعة التي تبدأ بالتشاور والتفاوض الثنائي ثم بخيارات التوفيق والتحكيم الدولي، وصولاً لاتخاذ ما يلزم من إجراءات سياسية وقانونية لردع هذا العدوان على سيادتها باعتبار أن هذا الاحتلال يشكل خرقاً لالتزامات دولية".
ويشير إلى أنه "يحق لمصر كذلك اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار يدين الاحتلال الإسرائيلي ويطالب بانسحاب فوري من مدينة رفح الفلسطينية ومن الشريط الحدودي مع مصر، وفرض جزاءات على دولة الاحتلال إن لزم الأمر". ويستدرك أن "ذلك مهدد باستخدام الفيتو الأميركي، ما يمكن معه نقل الأمر إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت على قرار ضد هذه الانتهاكات، حتى يمكن لمصر أن تستغل ذلك سياسياً وقانونياً".
وبشأن احتلال محور فيلادلفيا يلفت مهران إلى أن مصر "قد تلجأ أيضاً إلى تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك"، موضحاً أنه يمكن لمصر "دعوة جامعة الدول العربية لاجتماع طارئ لبحث هذا التهديد لأمنها القومي، واتخاذ موقف عربي موحد ضد الانتهاك الإسرائيلي". وحول الإجراءات الأحادية التي يمكن أن تتخذها مصر بصدد هذا العدوان، يعتبر مهران أنه "يمكن لمصر اتخاذ إجراءات دفاعية على حدودها، بما في ذلك تعزيز وجودها العسكري وبناء تحصينات دفاعية، استناداً إلى حق الدفاع الشرعي المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة وفقاً للمادة 51". كما يشدّد على "أهمية الدبلوماسية الوقائية"، وعلى "ضرورة تكثيف مصر جهودها الدبلوماسية مع الأطراف الدولية الفاعلة، خصوصاً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، للضغط على إسرائيل للانسحاب (من الحدود)، مع توثيق كافة الانتهاكات الإسرائيلية وإعداد ملف قانوني متكامل تحسباً لأي إجراءات قانونية مستقبلية".
لا نية للتحرّك
من جهته، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي، محمد سيد أحمد، إنه من الواضح أن مصر لن تفعل شيئاً" في ما يتعلق باستمرار إسرائيل في احتلال محور فيلادلفيا. ويوضح أنه "حتى لو تحول إلى احتلال دائم، فلن تتحرك مصر في هذا الإطار"، مضيفاً أنه "لو كان عند مصر نيّة حقيقية للتحرك لتحركت منذ البداية". ويرى أنه "لا بد أن يكون موقف مصر أكثر حسماً في مواجهة العدو الصهيوني، ولا بد من التصعيد في مواجهته، على الأقل بتعليق معاهدة كامب ديفيد أو إعلان إسقاطها أو إبلاغ الجهات المعنية كالأمم المتحدة أو مجلس الأمن، وإبلاغ الولايات المتحدة باعتبارها أحد أطراف هذه المعاهدة، وراعية لها".