أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، منذ قرابة 260 يومًا، الحرب على قطاع غزة، ورهنها بجملة من الأهداف "الإستراتيجية" والعسكرية، إلّا أن كثيرًا منها لم يتحقق إلى الآن، وفق محللين.

وكان أبرز الأهداف القضاء على حركة حماس، وإنهاء قدراتها العسكرية والبنى التحتية التابعة لها، وكذلك إنهاء حكمها للقطاع، إلى جانب إعادة المختطفين، وفقًا لـ"إرم نيوز".

ورأى الخبير في الشأن السياسي الدولي رائد نجم أن "إسرائيل فشلت حتى اللحظة في تحقيق ما أعلنت أنها عازمة على تنفيذه بشكل حاسم، إذ ما زالت حركة حماس ومعها الفصائل الفلسطينية قادرة على الاشتباك وإطلاق الصواريخ، وكذلك امتلاك بنية تحتية عسكرية تتمثل بالأنفاق، إلى جانب الاحتفاظ بعدد كبير من الأسرى الإسرائيليين".

 

مهاجمة المدنيين

وأضاف نجم، لـ"إرم نيوز"، أن "الجيش الإسرائيلي استعاض بدلًا من التركيز على تحقيق أهدافه بمهاجمة المدنيين، وتدمير البنية التحتية المدنية، إلى جانب قصف مئات آلاف الوحدات السكنية وقتل قرابة 40 ألف فلسطيني وجرح 200 ألف، غالبيتهم من الأطفال والنساء.

وتابع: "لذلك يسعى الجيش الإسرائيلي إلى زيادة وتيرة العمليات العسكرية من أجل الضغط أكثر على حركة حماس، التي ما زالت تحتفظ بجزء من قوتها العسكرية إلى ما بعد اليوم التالي للحرب، واعتمدت أسلوب الاستنزاف مع الألوية العسكرية المتوغلة في عمق المدن والمخيمات".

وأشار نجم إلى أن "حماس تعتمد على عامل الوقت في مواجهة إسرائيل التي تتعرض لضغوط كبيرة من أجل إنهاء الحرب، مع كل ما نتج عنها من دمار هائل وعمليات إبادة جماعية وتطهير عرقي".

 

"نتنياهو يقودنا نحو الفشل"

وأضاف تامير باردو، وهو رئيس سابق لجهاز المخابرات الإسرائيلي، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -الذي قال إنه وضع على رايته شعار "الانتصار المطلق"- بأنه يقود إسرائيل إلى الفشل المطلق.

جاء هذا التصريح في سياق نقاش على قنوات إسرائيلية حول مصير المعارك الدائرة في قطاع غزة ومآلات التصعيد في الجبهة الشمالية، وفقًا لـ"الجزيرة. نت".

وأضاف باردو للقناة الـ13 الإسرائيلية "إن رئيس الحكومة الذي يقود هذه الدولة أو الحكومة لم يضع خطة، وعندما وقع الإخفاق الفظيع في السابع من أكتوبر لم تكن دولة إسرائيل مستعدة بأي خطة".

وأشار ألون بن دافيد، مراسل الشؤون العسكرية في قناة 13 إلى وجود خشية كبيرة داخل الجيش الإسرائيلي من أن المسؤولين لا يريدون إنهاء الحرب في غزة، ويرغبون بالاستمرار في القتال الضاري من أجل تجنب التعامل مع مشاكل أكثر تعقيدا مثل مشكلة الشمال.

وفي نفس السياق، ذكّر بن دافيد بتصريح المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري الذي قال فيه "إن الحديث عن القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هو ذر للرماد في عيون الجمهور".

وأقر بأن "حماس لا تزال في مكانها، تعمل وتسيطر على معظم مناطق القطاع، وتخوض معركة للحفاظ على مواقعها حسب الأصول".

أما يسرائيل زيف، رئيس شعبة العمليات في الجيش سابقا، فرأى أن الانجرار إلى معركة في الشمال ليس من مصلحة إسرائيل، "لأن هذه المعركة لن تكون فقط ضد حزب الله، فإيران ستكون جزءًا منها، وباقي الوكلاء، ولا يقول الأمريكيون من فراغ إنها ستكون حربًا شاملة".

واعتبر أن دخول إسرائيل في حرب إقليمية شاملة أمر سيئ، لأنها مستنزَفة بشكل كبير بعد 9 شهور من الحرب، وإحدى قدميها لا تزال عالقة في غزة، فضلًا عن أن لديها أزمة مع الأمريكيين، وقال إن على إسرائيل أن تنهي أولًا الحرب في غزة.

 

جيش الاحتلال لن يحقق أهدافه بغزة

وفي تعليقه على تصريح الوزير الإسرائيلي تساءل الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد الركن حاتم كريم الفلاحي، عن إمكانيات جيش الاحتلال التي تتيح له فتح جبهات أخرى في الضفة الغربية ولبنان، مؤكدًا أن حديث الاحتلال عن "المرحلة الثالثة" يؤكد أنه لم يحقق أهداف الحرب التي شنها على قطاع غزة.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية نقلت عن مصادر في جيش الاحتلال الإسرائيلي قولها إن "لديهم أسابيع فقط لإنهاء العملية العسكرية بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، والانتقال للمرحلة التالية من القتال".

وذكّر العقيد الفلاحي -في تحليل للمشهد العسكري بغزة- بما قاله سابقًا من أن الجيش الإسرائيلي سيكون بعد عملية رفح أمام مأزق إستراتيجي كبير، خاصة أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) احتفظت بقوتها خلال هذه الفترة، وأن الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في غزة لم يتم إطلاق سراحهم، وفقًا لـ"الجزيرة.نت".

وفي ظل عدم تحقيقه الأهداف التي وضعها فإن الجيش الإسرائيلي سيكون مجبرًا على البقاء في رفح لكي يقوم بعمليات عسكرية أخرى أشبه بالعمليات الأمنية، كما يقول العقيد الفلاحي الذي استبعد إمكانية نجاح جيش الاحتلال في تحقيق أهداف الحرب عبر ما تسمى المرحلة الثالثة من العمليات العسكرية.

وقال "إذا كانت المناورات الإسرائيلية الكبرى التي تمت بقطاعات كبيرة لم تحقق أهداف الحرب فكيف للمرحلة الثالثة أن تحقق هذه الأهداف؟".

وعن مزاعم الاحتلال بأنه سيعلن عما سماها هزيمة كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، قلل الخبير العسكري والإستراتيجي من مثل هذه التصريحات، وقال إن الواقع يفرض نفسه في هذا الأمر، مشيرًا إلى أن ذهاب وزير الدفاع الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليناقش معها مسائل الحرب يؤكد أن إسرائيل تواجه مشكلة كبيرة في موضوع إدارة الحرب.

وقال أيضا إن إسرائيل لن تدخل في حرب مع لبنان بدون ضوء أخضر أمريكي، مشيرًا إلى أن خبراء عملوا في مؤسسات إسرائيلية أمنية مهمة يقولون إن فتح جبهة الشمال هو ضرب من الجنون بالنسبة لحكومة بنيامين نتنياهو.

وخلص العقيد الفلاحي إلى أن هناك الكثير من علامات الاستفهام بشأن الإستراتيجية التي تريد حكومة نتنياهو تطبيقها خلال الفترة المقبلة، سواء في قطاع غزة أو في جبهة الشمال مع لبنان.