يشهد سوق اللحوم في مصر ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، ووصل سعر كيلو اللحم البلدي إلى 450 جنيهًا، وهو ما يُشكل عبئًا كبيرًا على المواطنين، خاصةً محدودي الدخل.

وتعاني مصر من نقص حاد في الثروة الحيوانية، مما أدى إلى قلة المعروض من اللحوم في الأسواق وارتفاع أسعارها، كما ارتفعت بالتالي تكاليف تربية المواشي بشكل كبير نتيجة لارتفاع أسعار الأعلاف والنقل وغيرها من التكاليف.

ويُسهم بعض التجار في رفع أسعار اللحوم من خلال المضاربة والاحتكار، مما يُفاقم الأزمة.

 

"مستويات مبالغ فيها"

وارتفعت أسعار اللحوم في مصر منذ ما يقرب العام، بنسبة تتجاوز الـ40 بالمئة، حسب عضو شعبة القصابين بالغرفة التجارية بالجيزة، سعيد زغلول.

ويقول زغلول إن "الأسعار وصلت إلى مستويات مبالغ فيها ليتراوح سعر الكيلوجرام الواحد من اللحم المذبوح بين 450 و480 جنيهًا"، وفقًا لموقع "الحرة".

ويضيف أن "أسعار الكيلوجرام من اللحم القائم (الماشية الحية من الأبقار) تتراوح بين 190 و200 جنيه"، كما أنها تختلف من منطقة إلى أخرى وفق "تكاليف الجزارين والتجار".

ويتابع: "السعر في منطقة الزمالك غير السعر في منطقة إمبابة، أو في مصر الجديدة. كل منطقة لها تسعيرتها".

بدوره، يقول رئيس شعبة القصابين باتحاد الغرف التجارية في القاهرة، مصطفى وهبة، إن "هذه الأسعار منخفضة قليلًا مقارنة بالمستويات التي وصلت إليها خلال شهر رمضان الماضي، حين تجاوز الكيلوجرام الواحد 500 جنيه في بعض المدن".

ويضيف وهبة: "هناك تفاوت في الأسعار بين اللحوم المجمدة، واللحوم المصرية، إذ يتراوح سعر اللحوم المجمدة المستوردة بين 260 و270 جنيهًا، أما اللحوم البلدية المصرية بين 400 و450 جنيهًا".

ويشير إلى ذات الأسعار التي تحدث عنها مسؤولو شعبة القصابين، المستهلك مصطفى، الذي يقول خلال حديثه إنه "خلال السنة اللي فاتت، كنت لا أشتري سوى كيلوجرام واحد من اللحوم الحمراء كل شهر أو شهرين".

ويضيف: "لو اشتريت 6 كيلوجرام كل شهر زي ما كنت بعمل قبل سنتين، فأنا كدا هصرف تلت مرتبي على اللحوم بس، ما بالك بباقي المصاريف الأخرى اللي تحتاجها الأسرة".

وتواجه مصر ارتفاعًا حادًا في التضخم، إذ بلغ في إبريل الماضي نحو 31.8 بالمئة، وفق ما تظهر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. فيما يقول البنك الدولي، إن مصر من بين "البلدان الـ10 الأكثر تضررًا من تضخم الغذاء في العالم".

 

إقبال محدود

ورغم الارتفاعات الكبيرة في الأسعار، فإن مسؤولي شعبة القصابين في القاهرة والجيزة، وبعض التجار ومربي الماشية، يشيرون إلى "ضعف إقبال من قبل المستهلكين على شراء الماشية واللحوم".

ويعلق عضو شعبة القصابين بالغرفة التجارية بالجيزة، على الوضع الحالي بالقول، إن "الإقبال في الموسم الحالي أقل بكثير مما كان متوقعًا، ويمكن القول إنه شبه معدوم، إذ لاحظنا هذا الانخفاض على مستوى الزبائن، وكذلك من قبل الجزارين على شراء الماشية على حد سواء".

ويتوقع تقرير نشرته وزارة الزراعة الأمريكية، نوفمبر الماضي، انخفاض الاستهلاك المحلي للحوم البقري في مصر في السنة المالية 2024 بنسبة تقارب 6 بالمئة، مقارنة بالسنة المالية 2023، ويأتي ذلك نتيجة "انخفاض القدرة الشرائية وارتفاع التضخم، وكلاهما من العوامل المهمة التي تعيق نمو استهلاك لحوم البقر في مصر".

ويبلغ الحد الأدنى للأجور في مصر للقطاعين العام والخاص نحو 6000 جنيه شهريًا، وهو ما يوازي 13.3 كيلوجرامًا من اللحوم بالأسعار الحالية المعلنة. فيما يشتكي مواطنون يعملون بالقطاع الخاص من رفض بعض الشركات زيادة الحد الأدنى الذي أقرته الحكومة خلال الأشهر القليلة الماضية، من المستوى السابق عند 3500 جنيه شهريًا.

 

ما السبب؟

ومع ذلك، يحمل زغلول "المستوردين مسؤولية الزيادة الكبيرة في الأسعار"، ويتهمهم "بالتلاعب في السوق، مع استيراد لحوم بأسعار زهيدة وبيعها على أساس أنها لحوم بلدية (محلية) بأسعار تنافسية".

ووفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يغطي الإنتاج المحلي من اللحوم الحمراء 63.8 بالمئة من إجمالي الاستهلاك، وفق آخر بيانات صادرة عام 2022.

بينما يشير تقرير وزارة الزراعة الأمريكية، إلى تراجع إنتاج الماشية المصرية (مواليد العجول) في عام 2024 بنسبة 3 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، لتبلغ نحو 1.875 مليون رأس.

كما يتوقع انخفاض أعداد الماشية المصرية بنسبة 4 بالمئة إلى 7.8 ملايين رأس نهاية 2024، مقارنة بتقديرات عام 2023، نتيجة "ارتفاع معدل الذبح بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف وانخفاض أعداد الماشية المستوردة، نتيجة للأزمة المستمرة في السودان".

بدوره يقول وهبة إن المستوردين يرفعون الأسعار استنادًا إلى ارتفاع أسعار الأعلاف في مصر، إذ تخضع المواشي المستوردة إلى فترة حجر لمدة 6 أشهر، قبل أن توافق وزارة الزراعة على إدخالها للسوق.

ويضيف: "لكن الأزمة هنا ليست فيما يتعلق بزيادة أسعار المواشي المستوردة بناء على أسعار الأعلاف، بل في التعامل معها بعد الذبح على أساس أنها لحوم بلدية، إذ تجيز المجازر التابعة لوزارة الزراعة الأختام الحمراء المميزة للحوم مثلها مثل اللحوم المصرية".

ويتابع: "المستهلكون يعتقدون أن الجزار الذي يبيع اللحوم المحلية بسعر 450 جنيهًا حرامي، في المقابل هناك من يبيع اللحوم بسعر 350 جنيهًا، غير أنها في الأساس لحوم مستوردة من كولومبيا بأسعار زهيدة للغاية، وتباع بسعر يقارب السعر الرسمي".

 

"رايحين على فين؟"

وتداول الكثير من النشطاء على شبكات التواصل، وعلى نطاق واسع، مقطع فيديو للإعلامي المقرب من الحكومة نشأت الديهي، حيث يقول في برنامجه، إن «رغيف الخبز في مصر بثمن سيجارة، وإن رفع سعر رغيف الخبز في صالح الوطن، والدولار يجيبلك 250 رغيفًا، وهذا ليس موجودًا في أي دولة بالعالم».

وعلق عبد الرحمن النجار على تصريحات الديهي بالقول: «مفيش حاجة اسمها أقبضك بالجنيه وأقولك الدولار بيجيب كذا، ماهو كيلو اللحمة في أمريكا بأقل من شغل ساعة وفي مصر شغل أسبوع، فطالما الحسبة كدا بقى قبضوا الشعب بالدولار وبعدين تعالى قولي الدولار بيجيب 250 رغيفًا يا نشأت»، وفقًا لصحيفة "القدس العربي".

وكتب أحد المعلقين قائلًا: «كيلو اللحمة في مصر ثمنه يزيد عن 350 جنيهًا، كيلو اللحمة في ألمانيا ثمنه 11 يورو، الحد الأدنى للأجور في مصر 5000 جنيه يجيب 15 كيلو لحمة، الحد الأدنى للأجور في ألمانيا 2000 يورو يجيب 180 كيلو لحمة.. أي حد يقولك الحياة غالية برة زي مصر تف في بوقه.. والمهم الكهرباء مبتقطعش».

ونقل حساب «مجلة ميم» تصريحات للنائب في البرلمان ضياء الدين داود يُحمل فيها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وحكومته مسؤولية التدهور في البلاد، ويقول فيها: «سعر كيلو اللحمة وصل 350 جنيها.. لا صناعة نافعة، ولا تجارة، ولا زراعة، رايحين على فين؟».

وقال أحد المعلقين: «الصيف القادم ممكن تخفيف الأحمال يصل إلى 8 ساعات في اليوم، وممكن كيلو اللحمة يصل إلى 800 أو 900 جنيه، وممكن لتر البنزين يصل إلى 20 جنيهًا، وممكن ربنا يحقق أمل المصريين ويختفي الطاغوت، وممكن محمود يمسك مكانه، أو ممكن القيامة تقوم ويرتاح الشعب المصري من هذا الذل والهوان».

وكتبت شيماء: «بلدي مسروقة ومنهوبة من عصابة العسكر على شوية مطبلاتية فنانين بينشروا الفواحش وبياخدوا بالملايين وانا مش عارفة أجيب رغيف العيش.. حسبنا الله ونعم الوكيل في كل ظالم وعند الله تجتمع الخصوم».