قال جيش الاحتلال الإسرائيلي، ظهر اليوم السبت، إنه تمكّن من استعادة 4 أسرى في عملية مركّبة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، تم التخطيط لها منذ أسابيع، وأسفرت عن مئات الشهداء والجرحى الفلسطينيين، ومقتل ضابط في القوات الخاصة الإسرائيلية.

ونقلت وكالة الأناضول عن مصادر أن القوة الإسرائيلية الخاصة استخدمت في عملية التسلل إلى مخيم النصيرات، شاحنة نقل مغلقة ومركبة مدنية.

وبينما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت يتابعان العملية من غرفة العمليات في تل أبيب، بدأت قوات الاحتلال الهجوم في اتجاه المنزلين اللذين احتجز فيهما الأسرى الـ4، وهم فتاة كانت في منزل بمفردها و3 كانوا في منزل آخر ليس بعيدا في منطقة النصيرات.

وباشرت قوات الشرطة الإسرائيلية وقوات خاصة من جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) عملية مداهمة المنازل، بينما كان الجيش الإسرائيلي قد دفع بقوات كبيرة برية من ناحية الشرق وطائرات مروحية عسكرية قامت بقصف واسع.

وتشير التقديرات إلى أن معارك ضارية دارت في محيط مستشفى الشهداء شهداء الأقصى ومحيط سوق النصيرات استمرت حوالي 3 ساعات، ثم على إثرها تم نقل المحتجزين الأربعة في طائرتي هيلوكوبتر من منطقة البحر إلى مستشفى بتل أبيب.

ونشرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، مقطع فيديو يظهر نقل المحتجزين من مخيم النصيرات إلى مروحية كانت تنتظرهم على شاطئ غزة أقلتهم لاحقا إلى إسرائيل.

 

من الذين تم استعادتهم؟

ذكر بيان لجيش الاحتلال أن الأسرى الأربعة كانوا ضمن من تم أسرهم من حفل في منطقة غلاف غزة في السابع من أكتوبر الماضي، وهم ثلاثة ذكور وأنثى، وهم: نوعا أرغماني، وألموع مئير، وأندري كوزلوف، وشلومي زيف.

وذكر بيان الجيش أن وضع الأسرى الصحي جيد، وأنهم نُقلوا لإجراء الفحوص الطبية في مستشفى تل هاشومير.

 

مقتل أسرى إسرائيليين

وقالت “كتائب القسام” الذراع العسكري لحركة حماس، إن الجيش الإسرائيلي “تمكن عبر ارتكاب مجازر مروعة من تحرير بعض أسراه، لكنه في نفس الوقت قتل بعضهم أثناء العملية”.

وقال متحدث الكتائب أبو عبيدة، في منشور عبر منصة تليجرام: “ما نفذه العدو الصهيوني في منطقة النصيرات وسط القطاع هو جريمة حرب مركبة، وأول من تضرر بها هم أسراه”.

وأضاف أن “العدو تمكن عبر ارتكاب مجازر مروعة من تحرير بعض أسراه، لكنه في نفس الوقت قتل بعضهم أثناء العملية”، دون ذكر عدد معين.

وأوضح أبو عبيدة أن “العملية ستشكل خطرًا كبيرًا على أسرى العدو، وسيكون لها أثر سبلي على ظروفهم وحياتهم”.

 

مجزرة الاحتلال في النصيرات

أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بارتفاع عدد شهداء مجزرة الاحتلال في مخيم النصيرات إلى 210 وأكثر من 400 مصاب.

ويكتظ مستشفى شهداء الأقصى بالمصابين وجثث الشهداء، معظمهم من الأطفال والنساء الذين وضعوا على الأرض وفي ممرات المستشفى نظرا لقلة الأسرة والمستلزمات الطبية الأساسية.

وتواصل سيارات الإسعاف نقل المصابين من مختلف مناطق مخيم النصيرات التي تعرضت لقصف إسرائيلي مكثف.

 

معلومات استخباراتية من دول خارجية

وعلّق الخبير العسكري اللواء فايز الدويري، على عملية تحرير 4 أسرى إسرائيليين قائلًا: "إن جيش الاحتلال نفذ عملية استعادة أسرى لكنه استعان فيها بتعاون استخباراتي واسع من قاعدة أوريم التي تجمع معلومات عن المنطقة كلها".

وأضاف في تحليل للمشهد العسكري في غزة أن "تل أبيب حصلت على معلومات واسعة من عدة دول بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا حتى تمكنت من استعادة الأسرى الأربعة بعد 8 أشهر من الفشل الكامل"، وفقًا لـ"الجزيرة.نت".

وأكد الدويري أن جيش الاحتلال كان بإمكانه تنفيذ العملية بأقل عدد من القوات وبأدنى خسائر في البيئة المحيطة بالمحتجزين لكنه اختار تنفيذ مجزرة في صفوف المدنيين كنوع من العقاب.

ولفت إلى أن الأسرى الإسرائيليين ليسوا بعيدين عن عمليات العقاب التي تنفذها إسرائيل بحق الفلسطينيين لأنهم يتواجدون معهم في نفس الأماكن، مرجحًا أن تكون قوات الاحتلال التي قامت بالعملية تكبدت خسائر كبيرة لم تعلن عنها.

وأضاف "العملية بنيت على المعلومات التي قد تكون جمعتها طائرات التجسس البريطانية التي تتبع بصمة الصوت أو ربما من خلال خلل في عملية نقل الأسرى أو الإبقاء عليهم أحياء"، مؤكدًا أن وصولهم للأسرى ليس مستغربًا وإنما عدم الوصول إليهم كل هذه المدة رغم كل ما يتوفر من إمكانات عسكرية واستخبارية هو الغريب.

ووصف الدويري العملية بأنها "فرصة ذهبية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يحاول إطالة أمد الحرب بكل الطرق"، مضيفًا علينا انتظار ما ستكشف عنه المقاومة بشأن العملية لأنهم ربما استعادوا 4 أسرى وخسروا عددًا كبيرًا من قواتهم.

وجدد الخبير العسكري التأكيد على أن ما جرى لا ينفي الفشل العسكري الإسرائيلي مشيرًا إلى أحاديث جنرالات إسرائيل السابقين الذين يؤكدون هذا الفشل رغم النجاحات التكتيكية المتمثلة في تدمير القطاع.

وتوقع مواصلة العمليات العسكرية استنادًا لهذه العملية التي سيحاول نتنياهو القول إنها دليل على نجاعة القتال في استعادة الأسرى، لافتًا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي وجد فرصة غير متوقعة لتعطيل المفاوضات وتضخيم ما تحقق من إنجاز.

 

نصر لا قيمة له

ومن جهته أكد نائب رئيس هيئة الأركان الأردني الأسبق والخبير العسكري والإستراتيجي الفريق قاصد محمود، أنه ما زلنا "في انتظار رد المقاومة الفلسطينية على عملية تحرير أربعة أسرى إسرائيليين، من مخيم النصيرات في قطاع غزة".

وقال محمود في تصريحٍ لـ "قدس برس"، اليوم السبت، أنه "لا نزال في خضم الرواية الإسرائيلية، في حين أن المقاومة الفلسطينية لم تتكلم بعد".

مستدركًا "لا شك نحن أمام عملية عسكرية أمنية كبيرة أدت في نهاية المطاف لتخليص أسرى إسرائيليين في منزلين في وسط غزة، لكن ذلك وبعد مرور كل هذه المدة لا يعتبر عملًا بطوليًا".

ولفت الخبير العسكري إلى أن "منطقة النصيرات شهدت خلال الأيام الأخيرة تجهيزًا لشيء ما يُحَضَّر له، وتبين أنها عملية تحرير رهائن.. ربما يكون قد نجح هذه المرة (جيش الاحتلال)، لكن بعد العديد من المحاولات الفاشلة".

وأشار إلى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو "سيوظف هذه العملية لمصلحته، علمًا أنه بالمعايير العسكرية ونحن في الشهر التاسع من عملية طوفان الأقصى، وبعد تنفيذ خمس عمليات سابقة جلها فاشلة، فإن ما أنجزه الاحتلال لا يعتبر شيئًا مهما في المفهوم العسكري والإستراتيجي".

وقال إن "حكومة الاحتلال تبحث عن صورة نصر لتقدمها للرأي العام.. عمليًا لا قيمة لهذا النصر بمجريات الحرب، والاحتلال تكبد الكثير من الخسائر في بيت حانون، وفي جنوب قطاع غزة والمقاومة ما تزال قوية مع الإقرار أن ما حدث يعتبر ثغرة واضحة في المنظومة، وفي عملية إدارة الملف".

موضحًا أن "وجود الأسرى في هذه المنطقة في ظل الحديث عن عملية بدأ التخطيط لها منذ أسابيع أمر مهم، إذ كان يجب نقل الأسرى من هذه المنطقة، والمقاومة تعلم تمامًا ما حدث، ويكفي المقاومة شرفًا أنها لم تقتلهم، وهذه قيمة أخلاقية عالية للمقاومة، خاصةً أن العملية لم تكن نظيفة على الاحتلال، إذ كان هناك خسائر في صفوفه".

وختم بالقول "نحن في حالة حرب، ومن ثم الإفراج عن أربعة أسرى بعد هذه الشهور لا يعتبر إنجازًا عسكريًا عظيمًا، لا سيما وأن المقاومة تحتفظ بالعشرات غيرهم، ولم يستطع الاحتلال الإفراج عنهم بعد".

 

حماس: فشل إستراتيجي للعدو الصهيوني

قالت حركة حماس، إن ما أعلنه جيش الاحتلال النازي، من تخليص عددٍ من أسراه في غزة، بعد أكثر من ثمانية أشهر من عدوانٍ استخدم فيه كل الوسائل العسكرية والأمنية والتكنولوجيّة، وارتكب خلاله كل الجرائم من مجازر وإبادة وحصار وتجويع؛ لن يغيِّر من فشله الإستراتيجي في قطاع غزة.

وأضافت حماس في بيان لها، مساء السبت، أن مقاومتنا الباسلة لا زالت تحتفظ بالعدد الأكبر (من الأسرى) في حوزتها، وهي قادرة على زيادة غلّتها من الأسرى، كما فعلت في عملية الأسر البطولية الأخيرة التي نفّذتها في مخيم جباليا في نهاية الشهر الماضي.

وشددت على أن المجزرة الوحشية التي ارتكبها الاحتلال في مخيم النصيرات “تؤكّد طبيعة هذا الكيان الفاشي المجرم، المارق عن قيم الحضارة والإنسانية”.

وأشارت إلى أن جيش الاحتلال الإرهابي أقدَمَ اليوم على ارتكاب مجزرة مروّعة بحق المدنيين الأبرياء، تركّزت في مخيم النصيرات للاجئين، وامتدّت إلى باقي مناطق المحافظة الوسطى، وأدّت إلى ارتقاء وإصابة المئات من الشهداء والجرحى، وتدمير أحياء سكنية في تصعيد متوحّش لحرب الإبادة التي ينفّذها بحق شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة.

ولفت إلى أن مقاومتنا الباسلة، ومن خلفها شعبنا الصامد، سطّرت أروع البطولات في معركة تصدّيها للعدوان الهمجي الصهيوني، المدعوم من قوى الشر والعدوان، وأخذت على عاتقها، مواصلة طريقها بكل إصرار وتحدّي حتى دحره، وإفشال أهدافه.

وتوجهت بالتحية لأبطالنا ومقاتلينا الميامين، الذي تصدّوا اليوم لقوات الاحتلال المعتدية، واشتبكوا معها بكل بسالة على مدار ساعات في مخيم النصيرات والمحافظة الوسطى، وأثخنوا في جنودهم وضباطهم الإرهابيين، قتلة الأطفال والنساء.

وأكدت أن ما كشفت عنه وسائل إعلام أمريكية وعبرية، حول مشاركة أمريكية في العملية الإجرامية التي نُفِّذَت اليوم؛ يثبت مجددًا، دور الإدارة الأمريكية المتواطئ، ومشاركتها الكاملة في جرائم الحرب التي تُرتَكب في قطاع غزة، وكذِب مواقفها المُعلَنة حول الوضع الإنساني، وحرصها على حياة المدنيين.