"إن الضربات التي لا تقصم ظهرك تقويه"؛ هكذا أعلنها المجاهد عمر المختار (أعدم في سبتمبر 1931) من الأراضي الليبية، حيث كان يواجه بالأسلحة الخفيفة من بنادق ورشاشات قوة الأسلحة الإيطالية من طائرات ودبابات ومدافع.

وأرشد المختار المجاهدين معه ألا ينظروا إلى عنف الضربات التي يتلقونها وإنما إلى ما قدموه من إعادة الأمل وتحرير الشعوب ويقظتها، وكذلك إلى ما يعانيه المحتل من هزيمة مدوية وتفكك لجنوده ووقوعهم بين قتيل وجريح وأسير.

الصورة التي قدمها المختار في ليبيا يتكرر جزء منها اليوم على أرض فلسطين في صمود فصائل المقاومة أمام الجيش الصهيوني بطائراته وآلياته ومدرعاته ومدافعه، وهم يقدمون للعالم أجمع حقيقة الجيش الذي تفاخر ذات يوم بأنه لا يقهر وكيف أصبح في شوارع غزة ذليلًا ومهانًا ومقهورًا.

 

تسريح نحو 40 ألف جندي صهيوني

ومن صور القهر لذلك الجيش الصهيوني هو ما تستعد إسرائيل له هذه الأيام من "موجة تسونامي" داخل جيشها، بتسريح نحو 40 ألف جندي بسبب مشاكل عقلية إثر حرب غزة، فيما تم تخصيص "منتجع علاجي" للجنود.

كشفت عن ذلك صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، التي قالت إن آلاف الجنود الإسرائيليين أصيبوا بصدمات نفسية أثّرت على صحتهم العقلية؛ بسبب المشاركة في حرب غزة.

وأشارت إلى أن هذا الأمر دفع الجيش لتحويل إحدى القرى إلى منتجع لعلاج الجنود المصابين بصدمات نفسية.

وقالت الصحيفة إن بعض الجنود وقعوا في كمائن صعبة نصبتها لهم حركة حماس وأصيبوا جسديًا وعقليًا؛ نتيجة استهدافهم بقذائف "آر بي جي" ونيران أسلحة خفيفة.

وأضافت أن هذا "الجحيم" دفع الجيش لإطلاق سراحهم مؤقتًا بسبب مشكلة تتعلق بالصحة العقلية، وتم تحويلهم لمنظمة المعوقين التابعة للجيش الإسرائيلي التي افتتحت قبل ثلاثة أشهر في القرية المذكورة لتلقي الرعاية الصحية اللازمة.

وتعد هذه القرية جزءًا من مشروع تم إنشاؤه في الأشهر الأخيرة في جميع أنحاء البلاد، وفقًا للصحيفة.

وأوضحت "معاريف" أنه مع الاستعداد لتسريح نحو 40 ألف جندي، تمت الاستعانة بأوكرانيا وروسيا لتقديم المشورة بشأن هذه المسألة.

 

مراكز علاج جماعي للجنود المسرحين

وأضافت أن هناك أصواتًا داخل الجيش الإسرائيلي تطالب بإنشاء مراكز علاج جماعي للجنود المسرحين من الجيش لعلاجهم على الفور، إذ يمرون بعملية المعالجة والتأهيل، لمن يعانون من صدمات نفسية نتيجة الحروب.

وقالت إنه يوجد حاليًا نحو 40 مكانًا مخصصًا لهذا الأمر من الشمال إلى الجنوب، وتسعة منها فقط معترف بها من قبل قسم إعادة التأهيل.

وتابعت أنه للمرة الأولى منذ "حرب أكتوبر 1973" يتم إنشاء مجمعات فيها فرق للتعامل مع ردود الفعل القتالية بالقرب من مناطق القتال في غلاف غزة.

وأضافت: إذا لم يأتِ العلاج بنتائج، يتم تحويل الجنود إلى مركز التأهيل العسكري الذي يتكون من أطباء نفسيين وجنود احتياطيين، وبعد مدة يعود الجنود إلى الوحدة أو يتم تحويلهم إلى لجنة طبية تحدد مدى خطورة الإصابة.

وتُظهر بيانات قسم إعادة التأهيل أنه حتى 7 أكتوبر الماضي، تم إدخال 7209 مصابين جدد إلى قسم إعادة التأهيل، وقد تطورت لدى حوالي 30% منهم ردود أفعال عقلية مختلفة.

وبالنسبة لنحو 60% منهم، فإن الإصابة العقلية هي الإصابة الرئيسة، ويتوقع الجناح أن يستقبل 8000 جريح آخر بحلول نهاية العام.

وأكدت الصحيفة أن هذه أرقام لم يتعامل معها قسم إعادة التأهيل مطلقًا، فمقارنة بحرب أكتوبر 1973 كان هُناك 7251 مصابًا، ولهذا السبب قرر الجناح اتباع سياسة متساهلة وتأجيل جميع اللجان الطبية لمدة عام، باستثناء الحالات الشديدة التي تتطلب العلاج بناءً على ذلك؛ ما فتح الصفوف أمام كل جندي تقريبًا شارك في القتال.