قال فلسطينيون في غزة، الأحد، إن مدينة خان يونس جنوبي القطاع، أصبحت منطقة "خراب ودمار" بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها عقب اجتياحها برًّا منذ 3 ديسمبر الماضي.

وبعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من خان يونس، ظهرت آثار الخراب والدمار التي يمكن رؤيتها في كل مكان بالمدينة، مع وجود جثث فلسطينيين في الشوارع والطرقات وبين المنازل.

ومع إعلان الانسحاب، عاد الفلسطينيون الذين نزحوا من المدينة أثناء اجتياحها إلى مناطق الوسط ومدينة رفح أقصى الجنوب، ليصدمهم حجم الدمار الهائل الذي تركته آلة الحرب الإسرائيلية.

غالبية بيوت المنطقة تعرضت لتدمير شامل، فيما بعضها أصيب بتصدعات خطيرة تهدد بانهيارها في أي لحظة، نتيجة للصواريخ والقذائف التي سقطت عليها ودمّرت أجزاء منها.

بعض الشوارع تضرّرت بشكل كبير، حتى إنها مُسحت بالكامل، وأظهرت مقاطع الفيديو أن بعض المناطق اختفت تمامًا من الخريطة بسبب الدمار الهائل.

ويبدو بوضوح تداخل الطرقات مع بعضها البعض، مما يجعل من الصعب على السكان تمييز أماكن سكنهم وطرقاتهم بسهولة، فكل الدمار يتشابه في كل مكان.

 

"زلزال" خان يونس

الشاب الفلسطيني محمد أبو ريدة، وصف الدمار الواسع الذي خلّفه الجيش الإسرائيلي في خان يونس بأنه بـ"زلزال" ضرب المدينة.

وقال: "لم أجد منزلي ولا فِراشًا ولا شيء، دمار وخراب وركام فقط"، ودعا إلى وقف الحرب على قطاع غزة، وفقًا لـ"الأناضول".

بينما، قال الشاب الفلسطيني عصام أبو زناد: "تزوجت حديثًا قبل بدء الحرب، عدت إلى خانيونس لأجد المنزل الذي استأجرته مدمرًا".

وأضاف: "كنت أرغب في جلب بعض الحاجيّات والمقتنيات، لكنني وجدت كل شيء مدمرًا".

من جانبه، قال الفلسطيني محمد الأسطل: "غادرنا منطقة السطر الشرقي في مدينة خان يونس قبل 4 أشهر، وعندما عدنا إلى المنطقة وجدناها خرابًا ودمارًا".

 

4 أشهر من تدمير خان يونس

وفي وقت سابق الأحد، أكد الجيش الإسرائيلي، سحب قواته من خان يونس، بعد 4 أشهر على إطلاق عملية برية فيها، بالتزامن مع مضي نصف سنة على بدء الحرب الأطول مدة حتى الآن على غزة.

وقال مصدر بالجيش، فضّل عدم الكشف عن اسمه: "اليوم الأحد الموافق 7 من إبريل استكملت الفرقة 98 مهمتها في منطقة خان يونس"، وغادرت قطاع غزة لغرض "الانتعاش والاستعداد للمهام المستقبلية".

واستدرك أنه "في قطاع غزة يستمر نشاط قوة كبيرة تابعة للفرقة 162 ولواء ناحال، الذي سيحافظ على حرية تصرّف قوات الجيش في القطاع لشن عمليات دقيقة تستند إلى المعلومات الاستخباراتية".

وبدأت اجتياح الجيش الإسرائيلي لخان يونس في 3 ديسمبر 2023، بهدف استعادة المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس، إلا أنه ووفق مزاعمه بالانسحاب، يكون قد خرج من المدينة دون تحقيق أهدافه.

 

نموذج للفشل

ووفق مراقبين؛ فإن عدوان الاحتلال الانتقامي على خانيونس هو نموذج للفشل الإسرائيلي، رغم التدمير الهائل الذي أصاب ثاني أكبر مدن قطاع غزة، وطال أكثر من 75% من مبانيها وبنيتها التحتية، ورغم فاتورة الشهداء والجرحى الكبيرة التي دفعتها.

واقتحم الاحتلال خانيونس بهدف معلن للوصول إلى أسراه وقيادة المقاومة التي زعم أنها قد تكون موجودة فيها، ولكنه فشل في تحقيق أي من الهدفين حتى الآن، فمارس وحشته بالتدمير في منازل المدنيين ونسف المربعات السكنية أو ارتكاب جرائم القتل الجماعية ضد السكان.

وبقيت خانيونس كما كل المدن والأحياء التي اجتاحتها قوات الاحتلال تقاتل وتجابه العدوان مسجلة ملاحم بطولية لن تمحى من ذاكرة الوجدان الفلسطيني والعربي والإسلامي وأحرار العالم.

ومع ذلك، تدعو المصادر المحلية إلى الحذر من هذا الانسحاب، فالمعركة لم تنته، ويمكن أن يعاود الاحتلال عدوانه البري كما حدث سابقا في غزة وغربها وجنوبها عدة مرات.

وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت نقلًا عن مصادر في الجيش الإسرائيلي أن أحد أسباب الانسحاب هو ترك أماكن للنازحين الذين ستطلب منهم مغادرة رفح، في إشارة لإصرار الاحتلال على تنفيذ عدوانه على رفح رغم الاعتراضات الدولية المتصاعدة بما فيها الموقف المعلن من واشنطن والذي لم يتبلور لإجراء فعلي لوقف المذبحة المتوقعة.

 

الاحتلال لم يحقق أيًا من أهدافه

ويرى الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن ما حدث من انسحاب للاحتلال من خانيونس بعد أربعة اشهر هو ضمن العملية العسكرية التي بدأت في ديسمبر 2023، ولم يحقق الاحتلال أيًا من أهدافه سوى الكشف عن استعادة جثة مستوطن تم قتله من المقـاومة خلال الاجتياح البري.

وأشار القرا إلى أنه لم يعد للاحتلال أهداف أخرى في خانيونس يمكن تحقيقها، منبها إلى الانسحاب جاء متوافقًا مع الرؤية والمطلب الأمريكي، ويحاول نتنياهو وغالانت إرضاء الولايات المتحدة بوقف القتال، وفقًا لـ"المركز الفلسطيني للإعلام".

وأشار إلى الصعوبات الكبيرة التي تواجه الجيش ميدانيًا خاصة تكرار الخسائر في صفوفه والتي كان آخرها عملية الزنة وحي الأمل.

ورأى أن الاحتلال سيواصل الهجمات الجوية إلى جانب إمكانية التوغل المحدود في المناطق الحدودية.

وقال: جزء من الانسحاب يرتبط بالعملية في رفح، لكن لا زالت في طور التصريحات والضغط خلال المفاوضات، ويمكن أن يحتك أو تشتبك في مناطق معينة من رفح، خاصة أن اجتياح رفح سيفقده آخر أوراق الضغط، وسيزداد حجم الضغط الدولي والرفض لعملية عسكرية في رفح.

وشدد على أن خانيونس سجلت معركة بمعنى الكلمة على مدار 120 يومًا ولم يتمكن من انهاء لواء خانيونس، على الرغم من تدمير 80‎%‎ من مدينة خانيونس.

 

أسلوب المداهمات

بدورها، قالت القناة 12 العبرية: إن “الجيش الإسرائيلي أكمل عمليته في خان يونس، والمقاتلون أكملوا خروجهم من هناك”، وأضافت أن قوات الجيش المكونة من 4 ألوية مختلفة “تتمركز الآن في الممر الإنساني وفي شمال قطاع غزة في منطقة بيت حانون”.

وأشارت القناة إلى أن “الجيش الإسرائيلي سوف يركز على أسلوب المداهمات في قطاع غزة، بناء على المعلومات الاستخبارية المتوفرة”.

ولم تستبعد القناة أن يكون انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع بهدف تهيئة الجنود لعملية برية في رفح جنوبي القطاع.

وتحتجز إسرائيل في سجونها ما لا يقل عن 9 آلاف و100 أسير فلسطيني، وزادت أوضاعهم سوءًا منذ أن بدأت حربًا مدمرة على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، وفق هذه المنظمات.

وخلفت الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة منذ 6 أشهر أكثر من 100 ألف قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارًا هائلًا ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، حسب بيانات فلسطينية وأممية.

وأعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة، الأحد، ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ 7 أكتوبر إلى "33 ألفًا و175 شهيدًا و75 ألفًا و886 مصابًا".

ويشن الجيش الإسرائيلي منذ نصف عام حربًا مدمرة على غزة بدعم أمريكي، خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، وفق مصادر فلسطينية، ما استدعى محاكمة تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بدعوى "إبادة جماعية".